فِي ظِلالِ آيةٍ...

أ. د. سعد الدين إبراهيم المصطفى

وفي قولِهِ تعالى: ( ورَفَعْنا فَوقَهُم الطُّورَ بِمِيثاقِهِم، وقُلْنا لَهُمُ ادخُلُوا البَابَ سُجَّداً، وقُلْنا لَهُمُ لا تَعدُوا فِي السَّبتِ، وأَخَذْنا مِنهُم مِيثاقاً غلِيظاً) . قالَ السَّمِينُ الحلَبيُّ: " بِمِيثاقِهِم " مُتَعلِّقٌ بالرَّفعِ، أي بقولِهِ: ورَفَعْنا، والبَاءُ للسببيَّة، وقالُوا : وفِي الكَلامِ حَذفُ مُضافٍ تَقدِيرُهُ: بِنَقضِ مِيثاقِهِم . وهذا يعنِي أنَّهُ أُقِيمَ  المضافُ إلَيهِ مُقامَ المضافِ مِن بابِ الحاجةِ إلَى إظهارِ المعنَى. 

وقالَ الزَّمخشرِيُّ (ت538هـ): "بِميثاقِهِم " بِسببِ مِيثاقِهِم ليتحاشوا فلا يَنقُضُوهُ، وظاهِرُ هذِهِ العِبارةِ: أنَّهُ لا يحتاجُ إلى حذفِ مُضافٍ ، بل أقولُ لا يَجُوزُ تَقدِيرُ هذا المضافِ، لأنَّهُ يَقتَضِي أنَّهُم نَقَضُوا الميثاقَ فَرَفَعَ اللهُ الطُّورَ عليهِم عقُوبَة علَى فِعلِهِمُ النَّقضَ، والقِصَّةُ تَقتَضِي أنَّهُم همُّوا بِنقضِ الميثاقِ، فَرَفَعَ اللهُ علَيهِمُ الطُّورَ، فخافُوا فلم يَنقُضُوهُ، وإنْ كانُوا قد نَقَضُوهُ بَعدَ ذلِكَ، وذَهَبَ أبُو البقاءِ  إلَى أنَّهُم نَقَضُوا الميثاقَ، وأنَّه تعالَى رَفَعَ الطُّورَ عُقُوبةً لَهُم، فقالَ: " تقديرُهُ: بِنقضِ مِيثاقِهِم، والمعنى: ورَفَعْنا فَوقَهُم الجبَلَ بِسببِ نَقضِهِم الميثاق".

وسوم: العدد 813