هل روى الإمام البخاري في صحيحه عن الشيعة والخوارج ؟

هل روى الإمام البخاري في صحيحه

عن الشيعة والخوارج ؟

ذ. امحمد رحماني

[email protected]

الحمد لله :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ومصطفاه وحبيبه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وكشف الله به الغمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين ، فجزاه الله عنا خير الجزاء

أما بعد :

فقد قسم المحدثون الموصوف بالبدعة إلى قسمين :

الأول : أن يكون هذا الموصوف بالبدعة مما يكفر بها .

الثاني : أن يكون هذا الموصوف بالبدعة مما يفسق بها .

فأما إذا الموصوف بالبدعة مما يكفر بها ، أي هو يزاول بدعة مكفرة فهذا لا تقبل روايته سواء كان من الخوارج أو الشيعة أو حتى كان من أهل السنة والجماعة ، ولم يرو أحد من أصحاب الحديث عن مثل هذا وأشباهه لا البخاري ولا غيره من العلماء المحدثين رحمهم الله تعالى .

وأما إذا كان هذا الموصوف بالبدعة مما يفسق بها ، أي هو يزاول بدعة مفسقة كبدع الخوارج والروافض والطوائف المخالفة لأصول السنة خلافا ظاهرا ولكنه في مخالفته وعمله بتلك البدعة يستند إلى تأويل ظاهره سائغ ، فقد اختلف أهل السنة في قبول حديثه وروايته على أقوال هي :

القول أولا : تقبل روايته مطلقا : بشرط أن يكون معروفا بالتحرز من الكذب ومشهورا بالسلامة من خوارم المروءة موصوفا بالديانة والعبادة .

القول الثاني : لا تقبل روايته مطلقا : ولو توفرت فيه الشروط السابقة .

القول الثالث : تقبل روايته تفصيلا : أي يفرق بين أن يكون هذا الموصوف بالبدعة داعية إلى بدعته أم غير داع لها ، وعلى ذلك :

لا تقبل روايته : إذا كان داعيا لبدعته .

تقبل روايته : إذا لم يكن داعية إلى بدعته .

وهذا القول أي الثالث هو المذهب الأعدل عند أصحاب الحديث ، وبعض العلماء زاد على هذا تفصيلا وهو على الشكل التالي :

إذا اشتملت رواية غير الداعية لبدعته على ما يشيد ببدعته ويزينها ويحسنها ظاهرا ترد روايته ولا يقبل حديثه .

إذا اشتملت روايته على ما يرد بدعته قبلت روايته وإذا لم تشتمل ترفض روايته .

إذا وجدت رواية أخرى فلا يلتفت  إلى رواية المبتدع إخمادا لبدعته .

إذا لم يوجد ذلك الحديث إلا عنده مع عدم تعلق ذلك الحديث ببدعته فينبغي أن تقدم مصلحة تحصيل ذلك الحديث ، وقد أخذ البخاري بهذا المنهج فروى في صحيحه عن داعية الخوارج عمران بن حطان الدوسي وروى عن خالد بن مخلد وهو من كبار شيوخه ، قال فيه العجلي [ ثقة فيه تشيع ] وروى كذلك عن الفضل بن دكين أبو نعيم الكوفي .

والذي يجب التنبيه عليه أن البخاري رحمه الله لم يروي عن هؤلاء حتى تأكد من صدق حديثهم والتزامهم بالشرع وكثرة العبادة فإن الخوارج يرون أن الكذب كبيرة من الكبائر فكيف يكذبون على النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث  ، ومع جواز صحة الرواية عن الخوارج إلا أن البخاري رحمه الله تعالى لم يخرج لعمران كما قال ابن حجر إلا حديثا واحدا وهو في المتابعات قال ابن حجر [ أن أبا زكريا الموصلي حكى في تاريخ الموصل عن غيره أن عمران هذا رجع في آخر عمره عن رأي الخوارج فإن صح ذلك كان عذرا جيدا وإلا فلا يضر التخريج عمن هذا سبيله في المتابعات ] أما عن الفضل الذي أخرج له البخاري فقد كان أعلم بالشيوخ من وكيع والثناء عليه كثير من جهة حفظه وتثبته إلا أن بعض الناس تكلم فيه بسبب تشيعه ومع ذلك فقد صح عنه [ ما كتبت علي الحفظة أني سببت معاوية ]

ومما يجب التنبيه عليه كذلك أن الشيعة القدماء يختلفون عن الشيعة في وقتنا هذا فالشيعة في زمن البخاري لم يكونوا على سباب وشتام لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لزوجاته رضوان الله عليهن وإنما كانوا أخف من هؤلاء الشيعة السليطة ألسنتهم الوسخة أفكارهم لم تسلم منهم حتى نساؤهم وإخوانهم فكيف بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.