شهر رمضان ضيفنا " ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه "

أحسن للضيف الكريم وفادته ، وبرمج له - على سبيل الاحتفاء - زيارته ، .. صحيح هو رمضان ضيفنا جميعا ، ولكن يعجبني الرجل أو المرأة كل واحد منهما يقول : رمضان ضيفي أنا ، وما أجمل كلمة أنا هنا ..

ويحل علينا ضيفنا هذا العام ..وصيامنا في العزلة ، فهل يمكن أن نجعل عزلتنا نوعا من الاعتكاف ..وأن نجعل بيوتنا مساجدنا ؟

وقيامنا هذا العام منفردين ، فهل سنضبط حفظنا لما سنقوم به ليالي رمضان ، أنا وأنت نحفظ الكثير ، ولكننا لا نستطيع أن نبحر في الصلاة به !! يجب أن نحتفي فنضبط من حفظنا الأقرب فالأقرب ..يقول لي : كنت تحفظ البقرة ، كنت تحفظ آل عمران ، كنت تحفظ التوبة والأنفال ، كنت تحفظ هود والرعد وإبراهيم والحجر ، كنت تحفظ الإسراء والكهف ومريم ، كنت تحفظ ما بعد ربع ياسين ..وأنت الآن لا تقدر على الصلاة بياسين ولا بالذاريات .. هلموا ا نصحح ونضبط ما قدرنا احتفاء بالضيف الكريم .. والسؤال الذي يزلزلني ودائما يلح علي : كيف ستفعل يوم سيقال لك : اقرأ وارق .. هو سؤال يعز علي فيه الجواب ..!!

ورمضان شهر القرآن .. ونكتب على أنفسنا كم سأختم من القرآن .. وأشاورها وأداورها . إحداهن تغلبني دائما تكتب على نفسها في كل شهر ثلاث ختمات وفي رمضان خمس ... منذ أيام كنت أعيب قول القائل : وراحلتي بين الرواحل ظالع .

وأعلل نفسي أن جبريل راجع رسول الله القرآن في رمضانه الأخير مرتين ... وما أدراك ؛ فاشدد حيازيمك ..

ورمضان شهر العلم والدرس ولكل رجل منا وامرأة سقف يرنو إليه حسب ما بلغ من قبل فلنضع برامجنا ولا ننسى نصيبنا من ..

علم تفسير أو من علوم قرآن .. حاول مع التفسير والمفسرون فهو جميل .

ومن علم سيرة .. وخذ من أحسن الروايات وابعد عن الشطح في الإسقاط ، والإغراب في التأويل .

ومن علم فقه : فقد حفظنا " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " وخذ من أبواب الفقه أقربها لواقع وحال فقد اكتفيت من فقه المياه ، وإن ظفرت بكتاب الخراج لأبي يوسف فقد ظفرت بخير كثير ، كتاب مقدمته من أجمل ما فيه ..تتعلم منه كيف كان يخاطب العلماء الخلفاء ، ويظل أبو يوسف يردد على مسامع الرشيد : واعلم يا أمير المؤمنين .. ثم شيء من علوم الحياة ، وهموم أمتنا وأهلنا ، ومن كان بيده مثقال ذرة من خير توضع في الميزان فلا يتردد أن يفعل وهو صائم ..

أيها الصائمون

ولنجعل بين يدي استقبالنا لرمضان حزمة من العزائم ..

اعزم على الخير ولا تتردد ..

سيقول لك - أبو مرة - في كل مرة تعزم ثم تنكث ، أو تعزم ولا تفعل ، فلماذا تعزم؟! ويقول لك الناصح : ضع اصبعك في عين الشيطان ، واعزم ، ثم اعزم ، ثم اعزم اعزم على توبة ولا تخف أنك في كل مرة تتوب وتعود ، اعزم على رشد وانوِ الخير وحاول الوفاء وإن قصرت .. وأعلن أنك مزقت دفتر كل الديون التي لك ، والتمس ممن حولك أن يعفو ويسمح . وناد بأعلى صوت : سامحونا يا أهل الملا ، فلا شيء لنا على الخلق نسامح به .

لطيفة :

ورمضان كله رمضان . ونهار الصائم وليله في الفضل سواء . ويبقى الصائم في ظلال صومه ، وإن أكل وشرب بعد الغروب . وأهل الجهل يظنون غير هذا ..

ويظنون أنهم وقد أفطروا ..فيحق لهم أن يعانقوا اللغو واللهو والرفث والفسوق بعد الإفطار !! قوله صلى الله عليه وسلم : " فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ، ولا يفسق ، وإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم ... إني صائم .." يشمل نهار الصائم وليله ..

ومن معنى قوله فلا يرفث ولا يفسق أن لا يقارب المسلسلات والمرقصات والمطربات وأشكل المجون بل وأشكال اللغو الباطل وإن كان مباحا .

الزمن في رمضان عزيز ، وقيمة الساعة في رمضان ليست كما هي في غيره ..ويا أصحاب الوقت المضيّق بادروا ..

وتذكروا كم قال أولنا : كم من صائم لن يصومه ؟! وكم من قائم لن يقومه ؟! اللهم بلغنا رمضان ، وأعنا على صيامه وقيامه ؟ وتقبله منا كاملا غير منقوص . ومن أقعده العذر عن ترك الطعام والشراب فإنه لا يقعده عن قراءة القرآن ، وعن الدوران في فلك الصائمين، وما ينتظر منهم من فعل أو ترك . يفطر للعذر ويرتل مع المرتلين ويقوم مع القائمين ..

أيها المسلم .. أكثر العبادات التكليفية في الإسلام عبادات فعل ، الصلاة فعل ، والزكاة فعل ، والحج فعل ؛ إلا الصوم فإنه عبادة ترك ..

ويصوم معك فيما تترك نفس أمارة ، وعين خائنة ، ولسان صاحب حصائد ، وأذن مولعة بلغو ولهو وما ما هو أشد من اللغو واللهو حديث صاحب إفك أو غيبة أو نميمة.. فصم وصوّم . صومك عما هو في الأصل مباح ، وصوم رعيتك من سمع وبصر وفؤاد عن إثم وحرام .. ..!!

( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً )

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 873