تأملات في القران الكريم ح461 سورة العصر الشريفة

للسورة الشريفة جملة من الفضائل والخصائص , لعل ابرزها ما جاء في كتاب ثواب الاعمال عن الصادق عليه السلام : من قرأ والعصر في نوافله بعثه الله يوم القيامة مشرقا وجهه ضاحكا سنه قريرا عينه حتى يدخل الجنة .

بسم الله الرحمن الرحيم

وَالْعَصْرِ{1}

تستهل السورة الشريفة بقسم (  وَالْعَصْر ) , يختلف المفسرون فيها , فمنهم من يرى :

1-    العصر : الدهر .

2-    صلاة العصر .

3-    الوقت مما بعد الزوال الى المغرب .

4-    عصر النبوة .

5-    عصر ظهور المهدي "ع" .

6-    العصر من المصدر ( ع ص ر ) , وبذا يكون المعنى ان المحن والشدائد التي يمر بها الانسان في مراحل عمره تعصره عصرا , وتكون النتيجة ان يتكامل ويمتاز ويتميز وينقى من الذنوب , فيكتسب الخبرة للتعامل مع احداث مستقبلية , ويتخلص من الجهل والغفلة , بالضبط كما تعصر الملابس لتخليصها من الماء الزائد عند غسلها .  

إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ{2}

تستمر الآية الكريمة مقررة في جواب القسم ( إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ) , جنس الانسان , الكافر وكذلك الغافل , يخسر دنياه واخرته , وذلك لانشغاله في امور الدنيا وطلب نعيمها وملذاتها .   

إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ{3}

تختتم الآية الكريمة مستثنية (  إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ) , بالله تعالى ورسله , (  وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) , وقرنوا ايمانهم بالعمل النافع , تأكيدا وتثبيتا , (  وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ) , اوصى بعضهم بعضا بالتزام الحق الثابت , الذي لا يصح انكاره اعتقادا او عملا , (  وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) , واوصى بعضهم البعض بالصبر على الطاعة وترك المعاصي واحتمال البلاء والمحن والشدائد , فأن هؤلاء لا خسارة لهم . 

سورة  الهمزة الشريفة

للسورة الشريفة جملة من الفضائل والخصائص , لعل ابرزها ما جاء في كتاب ثواب الاعمال عن الصادق عليه السلام : من قرأ ويل لكل همزة لمزة في فريضة من فرائضه أبعد الله عنه الفقر وجلب عليه الرزق ويدفع عنه ميتة السوء .

بسم الله الرحمن الرحيم

وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ{1}

تستهل السورة الشريفة مهددة (  وَيْلٌ ) , كلمة تهديد ووعيد , والويل وادي في جهنم , (  لِّكُلِّ هُمَزَةٍ ) , يتردد المفسرون في معنى ( الهمز ) , فمنهم من قال انها الغيبة , وبعضهم قال انه الكسر والطعن في الاعراض , (  لُّمَزَةٍ ) , العياب او هو الاغتياب مع تتبع المعائب , يرى السيوطي في تفسيره الجلالين , انها نزلت فيمن كان يغتاب النبي الكريم محمد "ص واله" والمؤمنين كأمية ابن خلف والوليد بن المغيرة وغيرهما .

للسيد محمد محمد صادق الصدر آراء لطيفة حول الموضوع يذكرها في كتابه الموسوم "منة المنان في الدفاع عن القرآن ج1" , ننقلها للاطلاع (  اننا بعد ان اطلعنا على المعاني اللغوية لكل منھما يظھر ان كليھما بمعنى الاغتياب ، او قل : مطلق الأذية ، فيكونان كالمترادفين ، وربما يرجع ان اللمزة اتباع ولا يراد بھا معنى مستقل عن الھمزة . ولكن  مع ذلك  يمكن تقديم عدة أطروحات محتملة الاختلاف ، وخاصة اذا قلنا ان الظھور بالاختلاف ثابت فيھما . حسب قاعدة : اذا اجتمعا افترقا :

الأطروحة الأولى: إن الھمز في الغياب واللمز في الحضور ، كما تدل عليه بعض الآيات ، قال تعالى: (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ)(التوبة: من الآية ٧٩ ).وقال تعالى : ( وَمِنْھُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ)(التوبة: من الآية ٥٨ ) وكلاھما واضح في الحضور.

الأطروحة الثانية: : ان الھمز مطلق الأذية والاغتياب ، بأي سبب كان ، واللمز الأذية في محل معين والطلب غير المناسب ، وعلى خلاف الحكمة ، كما أشارت اليه الآيتان الأخيرتان ، بحيث يكون نوعاً من الإزعاج . ونلاحظ ان اللمز لم ينسب الى الشياطين ، بخلاف الھمز ، فانه نسب الى إليھم ، وھو دليل الاختلاف . ولا يقال: انه تعالى اختار ذلك ، فلا يكون دليلاً على الاختلاف. فانه يقال: ان الارتكاز المتشرعي والعرفي على صحة الاختلاف.

الأطروحة الثالثة: ان المعنى الإجمالي ، لھما يذھب فيه الذهن كل مذھب ، من حيث لا يحتمل الترادف ) .  

وللرازي آراء مختلفة بهذا الخصوص :

1-     انھما بمعنى واحد لا فرق بينھما :،وانما الثاني تأكيد الأول.

2-     انھما مختلفان ، فقيل: الھمزة المغتاب ، واللمزة : العياب.

3-     وقيل : الھمزة : العياب في الوجه ، واللمزة في القفا .

4-     وقيل: الھمزة الطعان في الناس ، واللمزة : الطعان في انساب الناس.

5-     وقيل : الھمزة يكون بالعين واللمزة باللسان.

6-     وقيل : عكسه.

الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ{2}

تستمر الآية الكريمة (  الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ ) , الذي جمع المال وأعدّه لنوائب الزمان , او يكرر عدّه باستمرار .

ان جمع المال ليس بحرام ولا هو امر مذموم , الا اذا كان قد جمع من حرام , او جمع من حلال ولم تؤدى الحقوق المترتبة عليه لبخل وغيره , فأن ذلك مما يذم . 

يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ{3}

تستمر الآية الكريمة (  يَحْسَبُ ) , يظن لجهله , (  أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ ) , ان ماله يخلده في الدنيا .  

كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ{4}

تستمر الآية الكريمة رادعة (  كَلَّا ) , ردع عن جمع المال عن طريق الحرام أو عدم تأديه الحقوق المترتبة عليه , او عن الظن بالخلود معه , (  لَيُنبَذَنَّ ) , ليطرحن , (  فِي الْحُطَمَةِ ) , النار التي تحطم كل ما يلقى فيها .  

وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ{5}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ ) , تفخيما وتهويلا لشأن الحطمة . 

نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ{6}

تبين الآية الكريمة معرفة الحطمة (  نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ ) , التي اوقدها الله تعالى , وما يوقده جل وعلا لا يمكن ان يطفئه احد . 

الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ{7}

تضيف الآية الكريمة (  الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ) , من شدتها تنفذ في الاجسام الى القلوب , او انها تحرق باطن الجسد كما تحرق ظاهره في نفس الوقت واللحظة .  

إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ{8}

تقرر الآية الكريمة (  إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ ) , ان النار "الحطمة" مغلقة مطبقة على ساكنيها .  

فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ{9}

تختتم الآية الكريمة مضيفة (  فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ ) , أي موثقين الى اعمدة ممدودة في النار . 

وسوم: العدد 879