دروس في فقه الجهاد والقيادة الراشدة 3

دروس في فقه الجهاد والقيادة الراشدة

وضع الخطة الجهادية المحكمة ،

وتهيئة الظروف المناسبة للنصر( 3 )

د. فوّاز القاسم / سوريا

قلنا بأن من أهم صفات الرسول القائد صلى الله عليه وسلم ، كفاءته القيادية والجهادية والدعوية المبدعة . فلقد كان يقود دعوته المباركة سواء في المرحلة المكيّة أو المدنيّة ، بأعلى درجات الكفاءة والنجاح ، ويعطي لكل مرحلة من مراحل جهاده المبارك ، من الوسائل والأساليب والخطط ، ما يكافئ مقتضياتها وحاجاتها الواقعية ، في مرونة عالية ، وخصوبة ذهن متدفّقة ، فهو لم يكن ليقابل الواقع الأليم الذي كان يمرّ به أصحابه بنظريات مجرّدة ، كما أنه لم يكن ليقابل مراحل هذا الواقع بوسائل متجمدة .

فمثلاً ، في الوقت الذي كان يمنع المسلمينَ – في مرحلة الإعداد المكيّة - من حشر الجهاد في غير ظرفه ، وغير مرحلته ، منعاً لإراقة الدماء ، وإضاعة الجهود والأعمار من غير طائل ، والذي قد يقود الأمة إلى اليأس والإحباط .

فإنه كذلك لم يكن ليعطل هذا الركن العظيم عن أداء دوره في تحطيم الطواغيت ، وإزالة العقبات من طريق الدعوة ، عندما يتغير الظرف ، ويكون ذلك ضرورياً وممكناً  ، لا لإكراه الناس وقهرهم على اعتناق عقيدته ، كما ذكرنا ، فالإسلام يحرّم الإكراه ، حتى لو كان  لنقل الناس من الكفر إلى الإيمان ،  ومن الظلمات إلى النور ، قال تعالى في محكم تنزيله : (( لا إكراه في الدين ، قد تبين الرشد من الغي )) . البقرة (256)

ولكن للتخلية بينهم وبين هذه العقيدة ، بعد تحطيم كل الأنظمة ، وإزالة كل العقبات التي تحول بينهم وبينها ، ثم ترك الحرية المطلقة لهم بعد ذلك (( فمن شاء فليؤمن ، ومن شاء فليكفر )) الكهف(29).

وهكذا فقد كانت خطة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، في مرحلة الاستضعاف المكية ، ترتكز على الدعوة ، المصحوبة بالصبر ، واحتمال الأذى ، وكف الأيدي ، وعدم المواجهة المسلحة .

فلما تغير الظرف ، وتغيرت المرحلة ، وحدثت الهجرة ، أطلق الرسول القائد صلى الله عليه وسلم عملية الجهاد ، بعد أن كان قد أعدَّ لها كامل متطلبات نجاحها ، وهيأ لها كافة أسباب الفوز والظفر فيها ...!!!

واليوم ، وشعبنا السوري العظيم يتعرّض لأقذر حرب إبادة عرفها التاريخ منذ أكثر من سنتين  ، على أيدي العصابات الأسدية المجرمة ، وشبّيحته الكافرة الفاجرة ، وبعد فشل جهود الجامعة العربية ، وتقاعس المجتمع الدولي عن أداء دوره في وقف المذبحة واستنقاذ البقيّة الباقية من الشعب السوري المظلوم ..

كان لا بد من أن ينتخي أبناء سورية الغيارى من أسود التوحيد ، ومن قواتنا المسلحة الباسلة ، والذين صاروا يُعرفون اليوم ب( الجيش السوري الحرّ ) الذين أقسموا الأيمان المغلّظة على حماية الشعب والوطن من أي عدوان داخلي أو خارجي ...

وحماية الشعب والوطن من عصابة أسديّة حاقدة متمرّسة على الحقد والقتل والإجرام ، يستوجب من كل الشرفاء والمخلصين من أبناء الجيش السوري الحرّ الأبطال ، ومن ساندهم وناصرهم وتعاون معهم من أبناء الشعب الغيارى ، وخاصة من العسكريين المتقاعدين ، والمحاربين القدامى ، أن يتداعوا لوضع خطة عسكرية محكمة لسحق العصابة الأسدية في أسرع وقت ، وتحرير شعبنا السوري العظيم من ظلمها وغدرها وحقدها ...

خطة ترتكز في روحها وجوهرها على ستراتيجية ( حرب القلّة المؤمنة ، ضدّ الكثرة الكافرة ) التي مارسها العرب المسلمون في جميع معاركهم الحربية المظفّرة أو ما بات يعرف في العصر الحديث ( بحرب العصابات ) .

والتي تتلخص ب : توجيه ضربات قوية وسريعة ومتلاحقة للعدو حتى يدوخ ويبدأ يترنّح ، ثم استجماع كامل القوة وتوجيه ضربة قاضية لعدوّ مترنح ...