أهمية التنشئة الأسرية الصالحة

إذا كانت الأسرة الخلية الأولى التي تبدأ بها حياة المجتمع فإن الفرد أساس الأسرة و عمادها الذي تتشكل منه، و هو صورة صادقة من خلالها ترتسم معالم صلاح الأسرة و المجتمع، و لا تتصور مجتمع صالح و فيه أفراد سيئين ، فآثار تربية الفرد تنعكس سلبا أو إيجابا على صلاح الأسرة و المجتمع

فماذا نقصد بصلاح الفرد ؟ و ما هي صفاته ؟ ماهي نتاج تربية الصالحة على المجتمع ؟

روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (ما مِن مَوْلُودٍ إلَّا يُولَدُ علَى الفِطْرَةِ، فأبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أوْ يُنَصِّرَانِهِ، أوْ يُمَجِّسَانِهِ، كما تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِن جَدْعَاءَ)، ثُمَّ يقولُ أبو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم:30].

و في الحديث إشارة على تحمل الآباء مسؤولية التنشئة الصالحة حفاظا على الفطرة السليمة التي فطر الناس عليها .

وروى البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه و آله وسلم قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر «لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم» الفتح 7 / 7

و الهداية هنا بمعنى الصلاح و الفلاح، فحين نصلح فردا واحدا في المجتمع، فقد ساهمنا بشيء كثير في إصلاح المجتمع، فصلاح فرد واحد خير متاع الدنيا.

في أحيان كثيرا ننفق أوقاتا كثيرة ، و نبذل جهودا كبيرة في الإصلاح الجماعي و هو مهم ؛ و نغفل صلاح الفرد الواحد ، فالتربية الخاصة التي تتجه صوب الفرد لها أهميتها في الإصلاح المجتمعي ، و هو ما اهتمت التربية الحديثة ، حين وجهت أهدافها باتجاه الفرد فجعلته محور العملية التربوية ، و تبدأ تلك التربية في المحضن الأول ، في البيت و تحت إشراف الأبوين الصالحين ، يتلقى الفرد التربية الصالحة ، التي تغرس فيه الأخلاق الحسنة و تجدر الإشارة أن نقف مليا عند كتاب قيم مهم في تربية الأبناء ، يتناولها بالبسط و التوضيح عنوان الكتاب( تربية الأولاد في الإسلام) لمؤلفه الدكتور عبد الله ناصح علوان في الجزء الأول من الكتاب يؤكد فيه على المسؤولية الملقاة على أولياء الأمور في ترسيخ هذه القيم الأساسية كأهداف كبرى في التربية القصد منها صياغة الفرد الصالح لنفسه و أهله و طنه و أمته و الإنسانية جمعاء من خلال :

غرس القيم الإيمانية السليمة

توثيق القيم الأخلاقية الفاضلة

الاهتمام بالتربية الجسمية

الحرص على التنشئة النفسية الصحيحة

غرس قيم السلوك الاجتماعي الراقي

التنشئة الجنسية الصحيحة

تصاغ شخصية الفرد بالاعتماد على وسائل مؤثرة متاحة باستطاعة المربي توظيفها بسهولة شريطة أن يرافق ذلك الحرص و المرافقة و التنشيط العملي ، يراعى فيه سلامة التنفيذ ، و أفضل تلك الوسائل جميعها :

توفير النموذج التطبيقي الصحيح، فالنموذج المشوه يخرج لنا نموذجا مشوها مثله ،و لعل ما نجنيه اليوم هو نتاج محصول تربية خاطئة .

تليها في درجة الأهمية التدريب العملي ، من خلاله يتعلم المتربي السلوكيات الصحيحة ، يمارس ما تعلمه في حياته بصوره الصحيحة .

و للمرافقة دورها المهم ، فترك المتربي منعزلا بعيدا عن محيطه خطأ كبير ، فالمتربي يتأثر بالمشاهدة و الحوار كأسلوب راقي ، يتعلم المتربي مشاركة أرائه و تقديم وجهات نظره بحرية دون حرج ، فيتعلم احترام خصوصيته و خصوصية غيره .و نترك له مساحة ليعبر عن ذاته و ابداعاته و اظهار مواهبه .

لا يمنع أن نحمله بعض نتائج تصرفاته بالإجازة أو العقاب بلا تعنيف حتى يتدرب على تحمل مسؤولية أعماله .

هذه بعض الوسائل التي تعزز شخصية المتربي و تقويها ، أما اعتماد أسلوب التربية بالإكراه و الجبر و التضييق و مصادرة الحقوق الشخصية ، فمنتوجه نموذج متحلل أو متعصب يمارس التطرف الذي تعلمه من بيئته القريبة ، فيشقى المجتمع بأمثال هذه النماذج المشوهة .

وسوم: العدد 1018