لا يعدم المسلمون إن هم حرصوا على معرفة الصفات الخَلقية لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتمثلوا خلقته

لا يعدم المسلمون إن هم حرصوا على معرفة الصفات الخَلقية لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتمثلوا خلقته القريبة من الحقيقة مع تفاوت بينهم في التمثل

من المعلوم أن الأمل في رؤية  الرسول الأعظم  في المنام لا يخلو منه مسلم طيلة حياته . ولقد جرت العادة أن تروج بين المسلمين أحاديث عن رؤية بعضهم شخص الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام  مع اختلاف في وصفه حسب الرؤى ، وباختلاف عاداتهم التي اعتادوا عليها في وصف الأشخاص بحيث يصفونه عليه السلام بما يوجد في بيئاتهم وعصورهم من ملابس وهيئات ، وكل ذلك محض تمثلات ليس غير، لأنه عليه الصلاة والسلام كان في لباسه وهيئته وفق ما كان سائدا في عصره ، ويؤكد ذلك ما احتفظ به في بعض المتاحف مما خلفه من ثوب، أوعمّة ،أونعل ...إلى غير ذلك .

ولا يمكن أن يزعم أحد أن رؤيته النبي الأعظم عليه السلام في منامه هي مطابقة تماما  لما كانت عليه خلقته في الواقع ، ويستثنى من ذلك من عاصروه ورأوه عيانا  ، فإن من رأوه منهم في منامهم ،كانوا يرونه على هيئته التي سبق لهم معرفتها بالمعاينة ، تماما كما يرى كثير من الناس في منامهم أمواتا كانوا يعرفونهم عيانا. ولا يمكن أن يدعي أحد أنه يمكنه رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في يقظته عيانا كما يزعم بعض أهل الطرق الصوفية . ولقد دعاني أحدهم ذات يوم  إلى جلسة طرقية  زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم يُرى فيها عيانا ، ولم أصدق زعمه ، ومع ذلك ذهبت للتأكد من الأمر ، فرأيت جماعة من أصحابه يجلسون حول ثوب أبيض فرشوه وتحلقوا حوله ، وهم يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم وفق طريقتهم حتى إذا فرغوا من ذلك، زعم من دعاني أن النبي عليه السلام مر فوق الثوب الأبيض مع أنني لم أره ، ولم أصدق ذلك إذ لو رأيته عيانا، لما كتمت شهادة سأسأل عنها يوم القيامة بين يدي الله عز وجل .

ومن إنعام الله تعالى على المسلمين  في كل زمان بعد وفاة رسول الله صلى الله  أنهم وصلتهم عن طريق الروايات المتواترة أوصاف خلقته عليه الصلاة والسلام شكل قده ، وشكل وجهه بلونه، وبحاجبيه ، وبأنفه ، وبفمه ، وبأسنانه  ، وشكل شعره بلونه ، وشكل لحيته ،وشكل جسده منكبا، وظهرا، وصدرا ، وأطرافا ، ومشية ، وصوتا ... إلى غير ذلك مما تناقلته  تلك الروايات  من أوصافه  لمن وصفوه ممن عاصروه وعاينوه ، والمسلمون بعدهم كلهم عالة عليهم في تمثل خلقته مع اختلافهم في درجة التمثل لعدة اعتبارات ، نذكر منها أن الكثير ممن يتمثلون خلقته عليه السلام، قد يقحمون صفات بعض من يعرفونهم في تمثلهم له بسبب ظنهم أنهم ربما توفرت فيهم بعض أوصافه عليه السلام التي نقلتها لنا تلك الروايات المتواترة ، والحقيقة أن تمثلهم يبقى تمثلا كتمثل غيرهم ممن لا يقع في   مثل إسقاطهم .

وعلى كل حال لا مندوحة لمن سمع أوصاف رسول الله صلى الله عليه وسلم الخَلقية كما جاءت في الروايات الموثوقة عن تمثله له حسب ما يبلغه تمثله المحكوم بعدة اعتبارات ، وهو بذلك لا يحرم من حظه في التملي بالخلقة البهية لرسول الله صلى الله عليه وسلم في يقظته على قدر حظه من التمثل . وإن حصلت له رؤيته في منامه ، فلن تكون سوى تمثلا أيضا ، وربما كان نفس التمثل الحاصل له في يقظته عند سماعه أوصاف خلقة النبي عليه الصلاة والسلام.

ولهذا، يجدر بمن لم يسمع بأوصافه عليه الصلاة والسلام أن يطلبها في مضانها وعند أهل العلم بها في مناسبة المولد النبوي الشريف، عسى أن ينعم بحظه من تمثل من يتمنى رؤيته في منامه ، وهي أغلى رؤية تُرجى وتُتمنى ، ويبقى  الأمر بيد الله عز وجل،وهو وحده القادر سبحانه على الإنعام على من يشاء من خلقه بتمثل خير محبوب  على الإطلاق صلى الله عليه وسلم إما يقظة أو مناما ، أو هما معا .

وسوم: العدد 1051