دخل الجنة ولم يسجد لله سجدة!

منيف العجمي

لقد أمرنا الله عز وجل بعدم اتباع السبل باستثناء السبيل الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو دين الإسلام، صراط الله المستقيم الذي لا اعوجاج فيه، فدعانا إلى توحيد الله عز وجل، وإخلاص الدين له، وإتباع الرسل، قال تعالى: (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله).

دعوة غير المسلمين تتطلب منا فهم الواقع الدعوي لمن ندعوهم إلى الإسلام، فهذه الدعوة جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، والنجاة من النار والدخول في رحمة الله وجنته، فأكثر غير المسلمين يعتقدون أنهم على الصواب، فنظرتهم للأمر ليست كنظرتنا نحن، والمسلم لديه نظرته الشاملة للحظة التي يكون عليها غير المسلم، وهي لحظة الشرك، وما بعد ذلك من عقاب الله عز وجل، أما غير المسلمين فلا يؤمنون إلا باللحظة التي يعيشونها، وبالتالي فالإدراك الكامل يكون عند المسلم، فنحن أصحاب مشروع للدنيا وللآخرة، ولذلك وجب علينا الترفق بهم عند دعوتهم للإسلام، ولنا أن نتخيل حال المسلم الجديد بعد أن يسلم ويدرك أن والديه اللذين توفيا حرما الجنة بسبب عدم قول لا إله إلا الله!

أحد المهتدين في لجنة التعريف بالإسلام (عبد الله) دخل الإسلام هو وعائلته، ووالدته في الهند على فراش الموت، وهي مازالت غير مسلمة، والناس جاءوا لها من كل مكان لتوديعها وإلقاء النظرة الأخيرة لها قبل أن تفارق الدنيا إلى عالم الآخرة، وعاش المهتدي حالة صراع.. كيف سيكون حال أمه بعد وفاتها؟ وفكر في آخرتها، إنها لم تعد تقبل الطعام والشراب، ولم يبق بينها وبين مسيرتها إلى الله سوى خطوة القبر.

لجأ هذا المهتدي إلى الله عز وجل داعياً وطالباً وراجياً هدايتها، قال تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم…)، وطلب من ابنته التي كانت مرافقة لجدتها أن تلقنها الشهادة، وقامت الابنة المهتدية - والناس حاضرون هذا الموقف العصيب- بالهمس في أذن جدتها ودعوتها لقول "لا إله إلا الله محمد رسول الله".. ثم عرفتها الإسلام بإيجاز.. وهي تنظر إليها، والناس حولهما ينظرون إليهما في دهشة واستغراب.. وكأن الحياة ردت إليها، وفعلًا أحياها الله بعد ممات كبير، قال تعالى: (أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا}، ونطقت الشهادتين ثم توفيت في نفس الليلة.

هذه القصة تذكرنا بقصة الصحابي- رضي الله عنه- راعي الغنم الذي لم يسجد لله سجدة ورزقه الله الشهادة، فدخل بها الجنة، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر، فخرجت سرية، فأخذوا إنساناً معه غنم يرعاها، فجاءوا به إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فكلمه النبي- صلى الله عليه وسلم- ما شاء أن يكلم، فقال له الرجل: إني آمنت بك، وبما جئت به، فكيف بالغنم يا رسول الله؟، فإنها أمانة، وهي للناس الشاة والشاتان وأكثر من ذلك!،.

قال عليه الصلاة والسلام: احصب وجوهها، ترجع إلى أهليها، فأخذ قبضة من حصباء، أو تراب فرمى لها وجوهها. فخرجت تشتد حتى دخلت كل شاة إلى أهلها، ثم تقدم إلى الصف، فأصابه سهم فقتله، ولم يصل لله سجدة قط! فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أدخلوه الخباء، فأدخل خباء رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا فرغ رسول الله - صلى عليه وسلم- دخل عليه ثم خرج فقال: لقد حسن إسلام صاحبكم. لقد دخلت عليه وإن عنده لزوجتين له من الحور العين. (رواه الحاكم في المستدرك).