لا تمنعوا النساء من زيارة القبور

لا تمنعوا النساء من زيارة القبور

معمر حبار

[email protected]

مقدمة: حين قرأت حديث سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ ." على صفحة الأستاذ: موراد صاولي، هممت بالتعليق، ضانا أن التعليق لايتجاوز سطرا أو سطرين، إذ بالحبر يندفع ولايتوقف، فعزم صاحب الأسطر حينها، أن يجعلها مقالة مستقلة، شاكرا في نفس الوقت الأستاذ الذي كان وراء هذا الدفع ..

1. لم يعد هناك نهي عن زيارة القبور.

2. المعمول به حاليا هو الترغيب في زيارة القبور.

3. زيارة القبور من العبادات، لأنها تذكّر بالآخرة. وكل عمل يذكّر بالآخرة، فهو من أعظم العبادات.

4. الترغيب في زيارة القبور في هذا الحديث، موجه لعامة الناس، بما فيهم الرجال والنساء معا.

5. الحديث لم يستثن إطلاقا النساء.

6. من استثنى النساء من زيارة القبور، فقد أساء الفهم والتصرف.

7. من منع الزوج، أو البنت، أو الأخت، أو أي امرأة من زيارة القبر، فقد أساء الأدب مع سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي قال: " قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ .".

8. إن هذا الحديث يحمل في طياته، بشارة لأمة سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم، بأنها بلغت سنّ الرشد والنضج، بحيث يُسمح لها بزيارة القبور دون خوف. ومن منع المرأة من زيارة القبر، فقد تعامل مع الأمة على أنها قاصرلم تبلغ سنّ الرشد، واتّهمها في رشدها.

9. إن الأمم التي كانت قبلنا، حُرمت عدّة فضائل. وسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يمنح أمته فضل زيارة القبور. وبما أن فضل سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لايُستنى. فإنه من سوء الأدب وقلّته، أن يُستثنى هذا الفضل، ليقال أن المرأة غير معنية بزيارة القبور. إذن المرأة تدخل في فضل سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بزيارة القبور.

10. إن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال من قبل: "لعن الله زوّارات القبور"، بصيغة المبالغة، هو نفسه الذي قال فيما بعد:" قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ ". وآخر الحديث هو المعمول به، كما قال سادتنا العلماء.

11. من منع المرأة من زيارة القبور، فقد احتكر لنفسه: " فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ "، وكأنه يقول، إن زيارة القبور تذكّر الرجال بالآخرة، ولاتذكّر النساء بالآخرة !.

12. من استطاع أن يجمع بين الحديثين فإنه يقول: إن النهي يبقى وارد بالنسبة لـ: " زوّارات القبور"، أي المبالغة في زيارة القبور، حيث يترك المرء أو المرأة، شؤون أهله وولده ووطنه، ويسىء آداب الدخول للمقابر، وينتهك حرمتها. ويبقى الترغيب في زيارة القبور قائما، ومن الفضل والعبادات التي يتقرب بها المرء لربه.

13. من خصائص سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه لم يختم حياته الكريمة باللّعن، وهذا رأفة بأمته ورحمة بها، بل ختمها بالترغيب والحثّ على كل فضل وخير. ففي الحديث الأول قال: "لعن الله زوّارات القبور"، وقال فيما بعد: " فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ ". وعلى المرء أن يكون رحيما ، ويأخذ بالحديث الذي يحث على زيارة القبور. ومن اكتفى بمنع المرأة من زيارة المقابر، فقد رضي لأمته اللعن والطرد، وهو مالم يفعله سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضع القسوة في غير محلّها

14. إن زيارة المقابر تلين القلوب، وتبعث الرحمة بين أفراد المجتمع. وحرمان المرأة من زيارة الزوج، و الأب، والأم، و الإبن، والأخ، والأخت، فضلا عن الأعمام، والأخوال والجد، والجدة، يؤدي إلى حرمان المجتمع من الرحمة ولين الصدور.