زكاة مئتي حديث من أحاديث المصطفى

أيمن بن أحمد ذو الغنى

عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية

اختيار الشيخ المحدِّث عبدالقادر الأرناؤوط([1])

كان بِشْر بن الحارث الحافي المَرْوَزيُّ البغداديُّ الزاهد المتوفَّى سنة (227) هـ رحمه الله, يقول:

"يا أصحابَ الحديث، أدُّوا زكاةَ الحديث؛ من كلِّ مئتَي حديث خمسةَ أحاديث".

وهاكم خمسةَ أحاديثَ من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا النوع:

الحديث الأول

روى أحمد في "مسنده"، والطبرانيُّ في "المعجم الكبير" عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: أوصاني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعشر كلمات, قال:

(( لا تُشرك بالله شيئًا وإن قُتِلتَ وحُرِّقت.

ولا تعُقَّنَّ والدَيكَ وإن أمراكَ أن تخرجَ من أهلِكَ ومالِك.

ولا تترُكَنَّ صلاةً مكتوبةً مُتعَمِّدًا؛

فإنَّ مَن تركَ صلاةً مكتوبةً مُتعَمِّدًا فقد بَرِئَت منه ذِمَّةُ الله.

ولا تشرَبنَّ خَمرًا؛ فإنه رأسُ كلِّ فاحشة.

وإيَّاكَ والمعصيةَ؛ فإنَّ بالمعصية حَلَّ سَخَطُ الله.

وإيَّاكَ والفِرارَ منَ الزَّحف وإن هَلَكَ النَّاس.

وإذا أصابَ النَّاسَ مَوتٌ وأنتَ فيهم فاثبُت.

وأنفِق على أهلِكَ مِن طَوْلِك،

ولا ترفَع عنهُم عَصاكَ أدَبًا،

وأخِفْهُم في الله )).

  وهو حديث حسن

الحديث الثاني

روى أحمد في "مسنده", عن أبي ذَرٍّ الغِفاريِّ رضي الله عنه, قال:

أمرَني خليلي صلى الله عليه وسلم بسبع:

(( أمرَني بحبِّ المساكينِ والدنوِّ منهُم.

وأمرَني أن أنظرَ إلى مَن هو دوني ولا أنظرَ إلى مَن هو فوقي.

وأمرَني أن أصِلَ الرَّحِمَ وإن أدبَرَتْ.

وأمرَني ألا أسألَ أحدًا شيئًا.

وأمرَني أن أقولَ الحقَّ وإن كان مُرًّا.

وأمرَني ألا أخافَ في الله لومةَ لائم.

وأمرَني أن أُكثِرَ من قول "لاحولَ ولا قوَّة إلا بالله"؛ فإنهنَّ من كنزٍ تحت العرش )).

وهو حديث حسن

الحديث الثالث

روى البيهقيُّ في "شُعَب الإيمان", عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

(( ثلاثٌ مُنجياتٌ، وثلاثٌ مُهلكاتٌ؛

فأمَّا المنجياتُ: فتقوى الله عزَّ وجلَّ في السرِّ والعَلانية, والقولُ بالحقِّ في الرِّضا والسَّخَط, والقَصدُ في الفقر والغِنى.

وأمَّا المُهلكات: فشُحٌّ مُطاع، وهَوًى مُتَّبَع, وإعجابُ المرء بنفسِه؛ وهي أشدُّهُنَّ )).

وهو حديث حسن

الحديث الرابع

روى أحمد في "مسنده", وابن حبَّان في "صحيحه", والحاكم في "مستدركه على الصَّحيحين", والبيهقيُّ في "شُعَب الإيمان", عن عُبادَة بن الصَّامت رضي الله عنه قال:

قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

(( اضمَنُوا لي سِتًّا من أنفُسِكُم أضمَنْ لكمُ الجنَّةَ:

اصدُقُوا إذا حَدَّثتُم، وأَوفُوا إذا وَعَدتُّم،

وأدُّوا إذا ائتُمِنتُم، واحفَظُوا فُرُوجَكُم،

وغُضُّوا أبصارَكُم، وكُفُّوا أيدِيَكُم )).

وهو حديث حسن

الحديث الخامس

روى أحمد في "مسنده", والترمذيُّ في "جامعه", عن أبي هريرة رضي الله عنه, قال:

قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

(( مَن يأخُذُ عنِّي هَؤُلاءِ الكَلِماتِ فيعمَلُ بهِنَّ, أو يُعَلِّمُهُنَّ مَن يعمَلُ بهِنَّ؟ )).

قال أبو هريرة رضي الله عنه: أنا يا رسولَ الله, قال: فأخَذَ بيدي فعَدَّ خمسًا, قال:

(( اتَّقِ المَحارِمَ تكُنْ أعبَدَ النَّاس.

وارْضَ بما قَسَمَ اللهُ لكَ تكُنْ أغنى النَّاس.

وأحسِنْ إلى جارِكَ تكُنْ مُؤمنًا.

وأحِبَّ لِلنَّاسِ ما تُحِبُّ لنفسِكَ تكُنْ مُسلمًا.

ولا تُكثِرِ الضَّحِكَ؛ فإنَّ كثرةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ القَلب )).

وهو حديث حسن

هذه الأحاديث الخمسة إذا قرأها طالب العلم، وحفظها، وعمل بها،

تكفيه للدُّنيا والآخرة.

اللهم ارزقنا العلمَ النافع والعملَ الصالح.

جمعها طالب العلم وخادم السنَّة المحدِّث الشيخ:

عبد القادر الأرناؤوط

[رحمه الله وجزاه خيرًا]

 

فضيلة الشيخ عبد القادر الأرناؤوط في بيته بحيِّ الميدان في دمشق، ومعه أيمن بن أحمد ذو الغنى

بتاريخ الأول من شوال سنة 1411 هـ

 

فضيلة الشيخ عبد القادر الأرناؤوط في مكتبه بدمشق وعلى يمينه أيمن بن أحمد ذو الغنى

بتاريخ 12 من ذي الحجة 1421 هـ

                

([1]) كان شيخنا الجليل المحدِّث عبدالقادر الأرناؤوط رحمه الله تعالى (1347- 1425هـ/ 1928- 2004م) محدِّثًا جهبذًا، وإمامًا قدوة، جمع بين العلم والعمل، مع الدَّعوة إلى الله على بصيرة، بأسلوب حكيم يفيض رقَّة ولطفًا، وقد غلب عليه في مجالسه العامَّة والخاصَّة روايةُ ما صحَّ من أحاديث النبيِّ المصطفى صلى الله عليه وسلم، يختارها بعناية فائقة، ولا سيَّما ما كان من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم؛ رغبة منه في نشر السنَّة وتبصير المسلمين بها، وتوثيق صلتهم بأحاديث نبيِّهم التي هي وحيٌ من الله وشرع قويم.

ومن هنا أن كانت مجالسه مجالسَ علم وخير وبركة وأُنس. ومن الأحاديث التي كان الشيخ لا يفتأ يردِّدها ويشرحها ويبثُّ معانيَها ويحثُّ على العمل بها والتمسُّك بهديها خمسةُ أحاديثَ جامعةٌ لأصول الدِّين وآدابه، كان يرويها زكاةً عن مئتي حديث مما يحفظ من أحاديث النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولقد بلغ محفوظه منها زُهاء عشَرة آلاف حديث، رحمه الله وبوَّأه مقعدَ صدق بجوار الحبيب الأعظم عليه أفضل الصلاة وأتمُّ التسليم. (أيمن بن أحمد ذوالغنى).