أنواع القلوب

[باختصار، من مقال منشور في مجلة الدعوة – العدد 17 – رمضان 1414هـ = آذار 1994م.

بقلم: حسـن بشـير]

عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "القلوب أربعة: قلب أجرد فيه مثل السراج يُزْهِر، وقلب أغلف مربوط على غلافه، وقلب منكوس، وقلب مصفَّح. فأما القلب الأجرد، فقلب المؤمن، فسراجه فيه نوره. وأما القلب الأغلف، فقلب الكافر. وأما القلب المنكوس، فقلب المنافق الخالص عَرَفَ ثم أنكر. وأما القلب المصفّح، فقلب فيه إيمان ونفاق، ومثل الإيمان فيه كمثل البقلة يُمِدّها الماء الطيّب، ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدها القيح والدم، فأي المادتين غلب على الآخر غلبت عليه". رواه الإمام أحمد في مسنده.

وفي الحديث الصحيح عن حذيفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تُعرَض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير القلوب على قلبين، قلب أبيض مثل الصفا فلا تضرّه فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مِرْبادّاً كالكوز مُجخّياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً".

وأخرج الترمذي وغيره عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: "إن المؤمن إذا أذنب ذنباً نُكِتَ في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب ونزع واستغفر صُقِلَ قلبه، وإن زاد زادت حتى تعلو قلبه، فذلك الران الذي قال الله تعالى: (كلّا بل رانَ على قلوبهم ما كانوا يكسبون)".

وقال ابن جرير: أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذنوب إذا تتابعت على القلوب أغلقتها، وإذا أغلقتها أتاها حينئذ الختْم من قبل الله تعالى والطبْع، فلا يكون للإيمان إليها مسلك، ولا للكفر عنها مخلص، فذلك هو الختم والطبع الذي ذكر في قوله تعالى: (خَتَمَ اللهُ على قلوبهم وعلى سمعهم).

ومن مجمل ما ورد من آيات وأحاديث في شأن القلب وما يعتريه من علل وأمراض، والأحوال التي يكون فيها في حالاته الصحية، يتضح أن التركيز على القلب من أهم ملامح التربية القرآنية والنبوية.

قال الإمام ابن القيم: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة.

وقال بعض العارفين: إنه يمر بالقلب أوقات أقول: إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب.

وقال بعض المحبين: مساكين أهل الدنيا، خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها. قالوا: وما أطيب ما فيها؟ قال: محبة الله، والأنس به، والشوق إلى لقائه، والإقبال عليه، والإعراض عما سواه.

أقوال مأثورة:

قال الحسن البصري: إن الله يذكر مَن ذَكَرَه، ويزيد مَن شَكَرَه، ويعذب مَن كَفَرَه.

قال صاحب الظلال: الشكر درجات: تبدأ بالاعتراف بفضله، والحياء من معصيته، وتنتهي بالتجرد لشكره، والقصد إلى هذا الشكر في كل حركة بدن، وفي كل لفظة لسان، وفي كل خفقة قلب، وفي كل خطرة جَنان.

قال القرطبي: الخشية أصلها طمأنينة في القلب تبعث على التوقي والخوف. وقال: وأصل الذكر التنبه بالقلب للمذكور، والتيقظ له. وسمي باللسان ذِكراً، لأنه دلالة على الذكر القلبي، غير أنه كما كثر إطلاق الذكر على القول اللساني صار هو السابق للفهم.

ونقل عن سعيد بن جبير قوله: الذكر طاعة لله. فمن لم يطعه لم يذكره. وإن أكثره التسبيح والتهليل وقراءة القرآن.

قال الرجل الصالح أبو بكر الوراق: إذا غلب الهوى أظلم القلب، وإذا ضاق الصدر ساء الخُلُق، وإذا ساء الخلق أبغضه الخَلق.

وسوم: العدد 826