سيدي يا رسول الله

صالح محمد جرّار/جنين فلسطين

[email protected]

ها أنا ذا أقف بين يدي ذكراك المجيدة ، والبيان ضعيف الجناح ، لا يستطيع التحليق عالياً ليبلغ علاك !!

فكيف للهباءة أن تصف الشمس ؟ وكيف للسفح أن يرنو إلى القمة الشماء ؟

وكيف للقطرة أن تتحدث عن المحيط العظيم ؟

بل كيف للإنسان الملطخ برذائل الدنيا أن يقف بين يدي ذكرى سيد الأنبياء والمرسلين ؟

ولكنك ، يا سيدي ، يا رسول الله ، حريص علينا بالمؤمنين رؤوف رحيم ، وإنك لعلى خلق عظيم !

وهل نحن مثلنا بين يدي ذكراك الكريمة تائبين إلى الله ، مستغفرين ، نرجو شفاعتك يوم الدين، فننال بها – إن شاء الله – دار المتقين !!

وصلى الله عليك وسلم ، يا من بعثت رحمة للعالمين !!

في ذكرى المولد النبوي الشريف

1408هـ

لمن الضياء أطل من علياء ؟

لمن البشاشة فاض نبع بهائها

لمن البشائر في الوجود تراقصت

لمن البشائر أرّجت كل الدنا

ولد الحبيب محمد ببهائه

ولد الذي غرس الحياة فضائلاً

ولد الذي لولاه ما خفقت لنا

هيّا اشكروا الرّحمن فهو يعمّنا

هيا اشكروا رب الوجود فإنه

صلى عليك الله يا علم الهدى

صلى عليك الله يا خير الورى

صلى وسلم ما أقام بكونه

قد شاء ربك أن تكون رسوله

قد شاء ربك أن تكون مبشراً

فرعاك في الأزل المغيب ذرّةً

وحباك من خلق السّماء رفيعها

وشببت في البلد الحرام مطهّراً

ودعاك قومك بالأمين وإنهم

لكنهم –يا ويحهم – عبدوا الهوى

فلقد أتيتهم بشرع إلههم

أسْمَعْتَهُم آيات ربك فانتضوا

عرفوك كالشمس المنيرة فوقهم 

وصبرت يا خير الأنام على الأذى

لو كنت فظاً جافياً لتفرّقوا

لكنك المختار من بين الورى

فلقد بذذتَ العالمين مروءةً

قد جاء في التنزيل ذكرك عالياً

علّمتَ صحبك أن، تكون حياتهم

ووضعتَ في أيمانهم علم الهدى

فتركتَ فيهم هاديين على المدى

حملوا الأمانة مخلصين لربهم

بالحكمة المثلى وحسن فعالهم

دانت لهم دول تتيه ببأسها

وبدوحةِ الدين الحنيف تفيّأَتْ

ويدور دولاب الزمان فما نرى

أين الذين بهمّةٍ بلغوا بنا

أين الألى اعتصموا بحبل إلههم

أين الألى طاروا نسوراً في العلا

أين الذين فتوحهم شهدت  لهم

أين الخليفة حين جاء مكبّراً

لتكون قدس المسلمين على المدى

بل أين أنت أيا صلاحُ لكي ترى

قد غاب عنه الصادقون فما ترى

وترى شعوباً ذُلّلَت أعناقُها

قد غاب جند الله عن ساح الفدا

قد غاب أحرارٌ مَضَوْا بشهامةٍ

فأولئك الأطهارُ فاحَ أريجهم

ماذا أقول أيا طبيب قلوبنا

ماذا أقول وقد تركنا شرعةً

فيها لما في الصدرِ طبٌّ ناجعٌ

ها قد أضعنا قدسَنا  وبلادَنا 

ها قد تحوّلنا غثاءً طافياً

لم يبق من شيم الكرام سجيةٌ

إنا لبسنا  عارَنا بجدارةٍ

مالي أطلْتُ القوْلَ في وصف الدّجى

ما النجمُ إلا فتيةٌ نشؤوا على

عمروا المساجدَ مخلصين لربّهم

فلقد أضاؤوا  ليلنا بشعاعهم

ما ضلّ سعيُ المسلمين إذا اهتدوا

إني أتيتكَ يا حبيب قلوبنا

إنا أتينا مطرقينَ رؤوسنا

وإلى رياضك جاء يسعى جمعنا

أنت الرحيم بنا وصدرك واسعٌ

غفرانك اللهم فارحم جمعَنا

 

لمن البهاء بليلة غرّاءِ ؟!

وافترّ ثغر الكون عن لألاءِ ؟!

ما بين ذي الغبراء والخضراء ِ

فتضاءل المعطار في استحياءِ

ميلاد فجرٍ بعد طول رجاءِ!!

واختطّ درب رشادها بحراءِ!

هذي القلب بخشية ورجاءِ!

بالنعمة المهداةِ والأنداءِ !

رحم الوجود بسيد الرّحماءِ!

ما أشرقت شمسٌ من العلياءِ

ما أولج الأنْوار في الظّلماءِ

سنناً تقوم بقدرة البناء

للعالمين ورحمة الأحياءِ

للمؤمنين ومنذر السفهاءِ

حتى ولدت فكنت خير عطاءِ

حتى عرِفْتَ بأشرف الأسماءِ

من كل رجسٍ عمّ في الأرجاءِ

بهرتهم الأخلاق بهر ذُكاءِ

حتى عموا عن أوضح الأشياءِ

فتنكّروا للشّرعة السمحاءِ

سيفَ الجهالة يا لسوءِ جزاءِ

لكنهم صدّوا عن الأضواءِ

حتى هُدُوا للسّمحةِ البيضاءِ

عما دعوتَ إليه من نعماءِ

لتكون فيهم أرحم الرحماءِ

وحباك ربك صفوة الفضلاءِ

فلأنت مفطور على العلياءِ

لله خالصةً بلاأقذاءِ

كيما يرفرف  في سما الأحياءِ

ذاك الكتاب وسنةَ المعطاءِ

وتجردوا للدعوةِ الغرّاءِ

وبحدّ سيف الحق في الهيجاءِ

وهوَت عروشُ الكفرِ والظلماءِ

تلك الشعوبُ بنعمةٍ وصفاءِ

للعزّة القعساءِ أيَّ لواءِ

كبد السماء وقبة الحوراءِ ؟

حتى غدوا كالطود في النكباءِ؟

بجناح إيمانٍ وصدقِ فداءِ؟!

بالرحمة المسداة للضعفاءِ؟!

من روضة الهادي إلى "إيلياءِ"

وتُذَكّرَ الحنفاءَ بالإسراءِ!

ما حلّ بالأقصى من الأرزاءِ؟!

إلا نفاقَ الطغمةِ الحمقاءِ!

بالبطش والتقتيل والإفناءِ !

وأتى عبيدُ المالِ والأهواءِ

وأتى العبيدُ بذلّةٍ وغباءِ!

واليومَ يخلُفُهُم كريهُ بذاءِ!

والله يعلمُ ما بِنا من داءِ؟!

هي شِرْعَةُ الرّحمنِ للأحياءِ

لاطبَّ يشفي غيرُ وحي سماءِ

من بعد هجر شريعةٍ سمْحاءِ

فوق السيولِ بغير ما اسماءِ

في مدّعي الإسلامِ والعرباءِ

حتى غدَوْنا سبّةَ الأحياءِ

ويلوحُ نجمٌ في حشى الظلماءِ؟!

حبّ الإلهِ ودينهِ المعطاءِ!

وتنزّلوا كتنزّلِ الأنداءِ!!

حتى ارتقبنا دولةَ الأضواءِ

بشعاع شمسِ المصطفى الوضّاءِ

بنجومِ شبّانٍ وضوءِ رجاءِ

مما عليه القومُ من غلواءِ

وإلى رياضكِ رحلةُ السّعَداءِ

فكن الشفيعَ لأمّةِ الغرباءِ

وكن النصيرَ لنا على الأعداءِ