حب وجنة

إيمان شراب

[email protected]

هل هناك من يكيد لك ؟ هل في الأمر خيانة ؟ هل كبّلتك الديون ؟ هزمك المرض ؟ ورم قلبك من الأحزان ؟ غلت دماغك من التفكير ؟ دنياك سوّدتها الذنوب  والمعاصي؟

 أظنك أخذت تجرب – للخروج من ذلك -  السفروالتسوق ، اللقاء بالأحباب  والزيارات ، الرقص والغناء ، مشاهدة الأفلام ، العمل ، النوم ، المهدئات ....

والنتيجة : لا فائدة ! أنا أكيدة من ذلك .

لم تفد كل وسائل النسيان والعلاج لأنها ليست العلاج ؛ هي مسكنات مؤقتة سرعان ما يزول مفعولها ويزداد الأمر سوءا بعدها . لأن الشفاء والعلاج والنعيم والثراء والسعادة و تحقيق أغلى الأحلام والحب ، في الجنة  فقط .

الجنة التي وصفها رسولنا الحبيب فقال إن "  فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر " ! فنظل نتخيل ونتخيل ، ثم نصل إلى مرحلة تعجز عقولنا عن المزيد من الخيال ، فيزداد شوقنا للجنة  ، لأن فيها مالا يخطر على قلب بشر !

نعم .. لا فوز ولا نجاة إلا بدخول الجنة ..

الجنة ؟ وماذا أعددنا لها ؟!

يحضرني سؤال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن موعد الساعة ، فقال له رسول الله:  " ويحك ! وماذا أعددت لها ؟ فقال : حب الله ورسوله . فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :"اجلس فإنك مع من أحببت " .

هذه هي ! أن نحب الله ورسوله ، بل أن يكون الله الكريم الودود ورسوله الحبيب أحب إلينا من أي أحد ومن كل شيء ، أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وأهلينا وأنفسنا وتجارتنا  ومنازلنا و...

ومن منا لايحب الله ؟

حب الله ليس كلمة أو شعارا !  أن نحب الله - صاحب الأسماء الحسنى-  يعني أن نشعر ونحس ونفهم ونحقق جميع أسمائه الحسنى ، فنعرفه أكثر، فنحبه أكثر(هكذا يقول العلماء ).

و نحبه إذا أدينا الفرائض وتقربنا إليه  سبحانه – بالنوافل والطاعات .. نحبه بأداء الصلاة في وقتها .. نحبه بإتقان أعمالنا .. ونحبه عندما نعبده كأننا نراه فإن لم نكن نراه ، فلا يجب أن يغيب عنا أنه يرانا .. ونحبه بترطيب اللسان وترقيق القلب بالذكر والتسبيح والحمد والاستغفار...ونحبه عندما يكون حاضرا في كل مانقوله أو نعمله ، فكل شيء من أجله ، وكل ما نتركه من أجله - سبحانه - .

 نحبه إذا لم ترأعيننا إلا مايحبه ولم تسمع آذاننا إلا مايرضيه ولم تعمل أيدينا إلا ما يعجبه ولم تمش أرجلنا إلا إلى المكان الذي يحبه ويرضاه – عز وجل - .

  ونحب اللهَ عندما يكون حبيبه الرسول صلى الله عليه وسلم  قائدا لنا وقدوة وأسوة ، بل إن حبنا لله مشروط بحبنا لرسولنا وتأسينا به :" قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُوَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " ..

هاهو إذن حب الله يعمر قلوبنا، ويمتزج بأرواحنا ويتغلغل في وجداننا، فتغمرنا لذة لا تشبهها في الكون لذة، ونسعالناس بأخلاقنا، وننثر الحب حولنا ... بالحب نتعامل، وبه نأمر وننهى، ونحب ونبغض ، وبهنستغني عن كل حب... فلا نطغى إن مالت قلوبنا إلى أي محبوب أو مرغوب  في الدنيا مهما غلا ، ولا نشقى إن فارقتْنا... الأمر لدينا سيان؛ كيف لا! وحب الله قد سما بعقولنا ورغباتنا وشهواتنا ، فأصبحنا بشرا نحب الله ويحبنا الله .

 وعندما يحبنا الله  .. وما أعظمه من حب ! وما أجمل حياة من يحبه الله !

ما أجمل حياة من يتعهد الحفيظ بحفظه  ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عن الله  : " فإذا أحببتُه ، كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه " . ليس هذا فحسب ، بل إن الله العظيم يأمر جبريل بحب من أحبه الله ، وحب أهل السماء والأرض له : "إذا أحب الله تعالى العبد ، نادى جبريلإن الله يحب فلانا فأحبّه ، فيحبهجبريل ، فينادي في أهل السماء إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهلالسماء ، ثم يوضع له القبول في الأرض ."

إذا سعدت ، فاشكر الله المستحق للشكر .. وإذا ارتحت فاحمد الله .. وإذا غضبت فاستعن بالله، فهو حسبك ووكيلك .. وإذا شعرت بالضيق ، فالجأ إلى من لا ملجأ إلا إليه ، وأنس بالحديث معه  وبثّه  شكواك ،  وارفع يديك طالبا الكريم القادر  ..

إنه القرب من الله والهروب منه إليه .. إنه القرب الذي تشعر معه بحبك لله وبحبه لك ..

اللهم إنا نحبك ونحب رسولك صلى الله عليه وسلم ، فلا تحرمنا حبك  ، وأدخلنا جنتك .