وحي الصدور40

معمر حبار

[email protected]

194 رفعة وقوامة: من عجائب القرآن، أن الله تعالى، ذكر في سورة النساء، قوله تعالى: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا"، النساء - الآية 34.

فقد رفعها بسورة، ورفعه بالقوامة.

195 الهوى والعدل لايلتقيان : من أراد أن يعدل، فليضع هواه جانبا، فإن الهوى والعدل لايلتقيان.

واقرأ قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا"،النساء - الآية 135

196 المغفرة ملك: سيّدنا سليمان، عليه السلام، حين طلب الملك، وقال..

"قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ"، ص - الآية 35.

كان في غاية الأدب مع ربه، حين بدأ دعاءه بقوله .. " قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي"،  لعلمه أن المغفرة ملك بحد ذاتها، فمن نال المغفرة نال الملك . وماذا يفيد " مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي"، إذا لم ينل صاحبه وطالبه.. المغفرة.

ثم ختمها بأدب رفيع، حين قال .." إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ".. تهب المغفرة، وتهب .." مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي".

فالمرء يتعلّم من الآية، أدب الطلب .. فالأدب ملك. وطلب المغفرة ملك. والشكر ملك.

197 تعليم الغراب للإنسان: وأنا أقرأ البارحة، قوله تعالى: "فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ"،المائدة - الآية 31

وقفت على العبر التالية:

القاتل أحط من الحيوان.

ستر الإنسان مقدّم على العقوبة، لحرمة الإنسان وقداسته.

الإنسان أعجز من أن يقوم بفعل بسيط، وهو ستر أخيه.

الإنسان الذي لم يستطع القيام بأنبل الأفعال المتمثلة في ستر أخيه، قام بأحط الأفعال وأكثرها جرما، وهي القتل.

الغراب – كمثال-، المعروف بالتشاؤم، ضربه ربنا كمثال في أنبل الأفعال، وهي التعليم، وستر الإنسان، وهو مالم يستطع الإنسان القيام به.

لاأعرف في القرآن القريم، أن الله تعالى ذكر تعليم ابن آدم طيلة حياته، غير هذه الحادثة، المتمثلة في ستر الإنسان، مايدل على نبل ورفعة هذا الفعل.

198 صدق مريم: من أراد أن يعرف منزلة الصدق والصادق، فليقرأ قوله تعالى : "مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ"، المائدة - الآية 75.

وصفت سيّدتنا مريم عليها السلام بأنها صديقة، ونالت مكانة العفاف والطهر بالصدق.. فقد صدقت مع ربها، وصدقت مع سيّدنا جبريل عليه السلام، وصدقت قومها وهي تواجه التهم، وصدقت مع نفسها حين لم تغيّر ولم تبدّل، وصدقت مع ابنها سيّدنا عيسى ابن مريم عليه السلام.

فالصدق في كل المراحل وفي جميع الظروف ومع كل الأطراف، يرفع صاحبه ويحميه.