صلاة التراويح

الشيخ حسن عبد الحميد

شرع الإسلام للمسلم صلوات متعددة ، ليظل مرتبطا بدينه :

للصبح صلاة وللظهر صلاة وللعصر صلاة وللمغرب صلاة وللعشاء صلاة 

وصلاة الجمعة وصلاة العيدين وصلاة الضحى وصلاة الأوابين ، وصلاة الخوف عند لقاء العدو ، وصلاة المريض يصلي حسب استطاعته فلو عجز عن القيام قعد ، فالصلاة لاتسقط في حال من الأحوال 

صلاة الفرض تؤدى في المسجد مع الجماعة امتثالا لقوله تعالى ( واركعوا مع الراكعين ) البقرة ٤٣ ،

 وتؤدى النوافل في البيت لمن شاء ، خاصة المغرب ، والهدي النبوي يقول ( لاتجعلوا بيوتكم مقابر )  رواه مسلم

ويقول تعالى ( واجعلوا بيوتكم قبلة ) يونس ٨٧ ،  أي صلوا فيها النوافل . 

ومن الصلوات المسنونة صلاة التراويح في رمضان ، وهناك صلاة القيام ، أي قيام الليل ، وأقلها ركعتان ،

( ركعتا الفجر خير من الدنيا ومافيها ) الترمذي 

حديثنا عن صلاة التراويح :

وهي من بركات شهر الصيام ، وهي عشرين ركعة أو ثمانية ، ولا حاجة للخلاف على العدد ، فالنبي عليه السلام كما روت أمنا عائشة رضي الله عنها كان يصلي ثمانية يختمها بالوتر عليه الصلاة والسلام ، 

وكان الصحابة رضوان الله عليهم يصلونها أوزاعا أي منفردين ، كل يصلي حسب استطاعته ونشاطه ، فجمعهم الفاروق عمر رضي الله عنه على إمام واحد هو أبي بن كعب رضي الله عنه ، وفعل عمر يجب أن يقتدى به فهو الخليفة الراشد ، والحديث

( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين عضو عليها بالنواجذ ) الترمذي وقال حديث حسن صحيح

وقد صلى خلف أبي بن كعب رضي الله عنه آلاف الصحابة ، وتوالت القرون على صلاة التراويح عشرين ركعة ، حتى في الحرمين الشريفين يصلون عشرين 

ومن صلاها ثمانية جائز ، وتقبل الله منه ، ولاحاجة للخلاف حول العدد كما ذكرت . 

دخل أحد العلماء الكبار مسجدا في رمضان ورأى خلافا وعراكا حول عدد التراويح كاد يصل إلى الاشتباك ، والعين محمرة والأصوات مرتفعة ، فضّ العالم الجليل الخلاف قائلا : المسجد يغلق إلى يوم العيد ، لأن وحدة المسلمين فرض والتراويح نافلة ، ولا تضيع الوحدة المفروضة من أجل نافلة يمكن أن تؤدى في البيت . 

وهذا ماحدث لي دخلت جامع عثمان بن عفان رضي الله عنه في مدينة الباب ورأيت الخلاف محتدما حول التراويح ثمانية أم عشرين وقد علت الأصوات ، فقلت للشباب من أحب أن يصلي مع الإمام ثمانية ، ومن أحب أن يكمل معه العشرين فحسنا فعل ، ولا تختلفوا ؟؟ 

ومن أحب أن يصلي مع الإمام ثمانية ويكمل العشرين في بيته حسنا فعل ، وتقبل الله منه .

صليت مرة في جامع السادات بدمشق وكان الإمام الشيخ سعيد الطنطاوي ، صليت معه ثمانية ركعات وذهبت لغرفتي للدراسة ، ثم نمت واستيقظت للسحور فوجدت الشيخ سعيد لم ينته بعد من التراويح ، كل ركعتين بعدها درس ومناقشة وحوار حول الآيات المقروءة ، وهذا عمل طيب جدا لمن يطبق ذلك . 

- كنت إماما في جامع أبي بكر الصديق في نجران كنت أقرأ نصف صفحة من المصحف ، والقراءة من المصحف في التراويح جائزة ، والتتبع على قراءة الإمام جائزة . 

في أحد مساجد مدينة الباب إمام يقرأ في التراويح من سورة الرحمن لقصر آياتها ، ( الرحمن ، علم القرآن )، الله أكبر 

وفيها آية ( مدهامتان ) قال أحدهم شيخي اعملها مدهامة واحدة 

وللعلم : ما مدهامتان ؟؟

 صفة للشجر الكبير الكثيف يبدو من بعيد بلون أسود ، أي شديدتا الخضرة كأنهما سوداوان، والدهمة سواد الليل . 

- التراويح في الحرم المكي والحرم المدني نور على نور ، والثواب مضاعف وخاصة لمن أدى عمرة ، والعمرة في رمضان تعدل حجة ، ويحرص إمام الحرم الشريف على ختم القرآن الكريم في أواخر رمضان ، وختم القرآن فرصة يتنافس فيه الصالحون 

- كان الإمام محمد حياني في حلب يحدد ليلة التاسع والعشرين لختم القرآن الكريم بحفل يحضره كل الحفاظ :

محافظة حلب وادلب وأريحا ومنهم والدي رحمه الله، ويعتبر يوما مشهودا توزع فيه الحلوى وبصافح الحفاظ بعضهم بعضا ويتعارفون ، وكان والدي أول حافظ في مدينة الباب وكنت أتبع له في المصحف 

- بعض المصلين يحرص على صلاة التراويح في جامع معين لحسن قراءة الإمام ، واختيار صاحب الصوت الحسن للإمامة عمل طيب جدا ، فقد أسلم عدد كبير من الأوربيين لما سمعوا قراءة عبد الباسط عبد الصمد والطبلاوي والحذيفي . ومن المساجد المشهورة في الرياض جامع لطيفة بنت سلطان وإمامه المقرئ المتقن الشيخ ياسر الدوسري وهو حسن الصوت جدا وأصبح إماما للحرم المكي وفقه الله

والمسجد تجمع كبير وفيه حشد عظيم 

- وقد رأى إخواننا أن يقيموا صلاة التراويح في مركز بيت الدعوة القرآني ، واختاروا الشيخ الكريم محمد علي السعيدي وهو داعية حسن الصوت ، جهور له ، وقد صليت عندهم مرات فسمعت تلاوة خاشعة تدخل إلى القلوب فتهزها ،يتلوها موعظة وتذكرة ، وفق ربنا كل العاملين لنصرة دينهم ، وإبلاغ هديه للعالمين ، وسيقوم الأخوة بافطار للصائمين في مركز بيت الدعوة يتلوه صلاة العشاء فصلاة التراويح ..

 ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا 

        وأقبح الكفر والإفلاس في الرجل 

- بعض المسلمين يصلون في آخر رمضان صلاة يسمونها صلاة التسابيح ، واسألوا عنها عالم مدينة الباب الفاضل الشيخ محمد حمو أبو بدر حفظه الله وهو خطيب جمعة في قرية السفلانية 

- حضور النساء صلاة التراويح جائز في مكان منفصل ، كما يحدث في صلاة الجمعة في تركيا 

- حضور المفطر لعذر صلاة التراويح جائز 

- من أحب من إخواننا إقامة إفطار صائم في بيت الدعوة فنحن نرحب به ونحن خدم للمدعويين 

- وأخيرا آمل أن لاتكون التراويح أراجيح ، فالسرعة في صلاة التراويح ينافي قول المصطفى عليه السلام ( أرحنا بها يابلال ) 

آمل من كل إمام في التراويح أن لاتقل صلاته عن نصف صفحة في كل ركعة 

- أهنى كل إخواننا المسلمين في كل البقاع ، وأقول تقبل الله صيامكم وقيامكم 

والله أكبر والعاقبة للمتقين 

وفرجك ياقدير

وسوم: العدد 673