أهمية التربية والتوجيه في حركات التجديد الإسلامي

إشراقة

أهمية التربية والتوجيه

في حركات التجديد الإسلامي

د. فوّاز القاسم / سوريا

إن من يدرس القرآن المكي عموماً ، وخصوصاً السور التي نزلت ما بين عام الحزن وعام الهجرة ، وهي مرحلة من أصعب المراحل التي مرّت بها الحركة الإسلامية الأولى ، حيث اشتد فيها الإعراض والتكذيب والتحدي من المشركين لرسول الله صلى الله عليه وسلّم ، واشتد فيها الإيذاء والتعذيب لأصحابه  رضوان الله عليهم ،  كما كثر فيها طلب الخوارق من الرسول [ ص ] ، واستعجال العذاب الذي ينذرهم به ; مما اقتضى حملة ضخمة ، وبرنامج مكثّف ، وجهد متميّز على مدى أعوام ، وفي سور متعددة ( يونس ، هود ، يوسف ، إبراهيم ، الرعد ، الحجر ..إلخ ، وكلها تستهدف تثبيت الرسول [ ص ] ومن معه من المؤمنين على الحق الذي أنزل إليهم من ربهم , في وجه المعارضة والإعراض , والتكذيب والتحدي ; والاستعلاء بهذا الحق , والالتجاء إلى الله وحده ; وإعلان وحدانيته إلها وربا ; والثبات على هذه الحقيقة ; والاعتقاد بأنها هي وحدها الحق , مهما كذب بها المشركون . كما تستهدف مواجهة المشركين بدلائل هذا الحق في الكون كله , وفي أنفسهم , وفي التاريخ البشري وأحداثه كذلك ; مع حشد جميع هذه المؤثرات ومخاطبة الكينونة البشرية بها خطابا مؤثرا موحيا عميق الإيقاع قوي الدلالة .

أقرأ هذا ، وأنا أدرس هذه السور المكية العظيمة منذ سنوات خلت ، التي تنزلت على قلب رسول الله في تلك الفترة المكيّة العصيبة ، وأقارن هذا الجهد الربّاني العظيم في تربية الجيل الأول ، وتثبيته ، ومواساته ، والأخذ بيده ، في مواجهة الجاهلية الأولى ، مع جهود تربوية هزيلة وفاشلة لجماعات تدّعي أنها إسلامية ، وأنها تريد بعث الإسلام من جديد على غرار الدعوة الأولى ، في جاهلية جهلاء جديدة تعتبر جاهلية أبي جهل وأبي لهب بالنسبة إليها حركة متصوّفة ...!!!

وماذا كانت النتيجة .!؟

فشل ، وعقم ، وتيه ، وضياع ، وغثائيّة ، وتشرذم ...!!!

ونزف تلك الجماعات لخيرة عقولها من أصحاب الطاقات والكفاءات المبدعة ...

وتمسّكها : بالميتتة ، والمنخنقة ، والموقوذة ، والمترديّة ، والنطيحة ، وما أكل السبع ...!!!

حتى تحولت بعض تلك الجماعات – مع الأسف – من جماعات إسلامية راشدة ، كانت ترفع يافطات نهضوية عريضة ، تنوي فيها تحرير الدنيا ، وترشيد العصر ، وتصحيح مسار التاريخ ، وإقامة الولايات الإسلامية المتحدة ...!!!

إلى مجرّد جمعيات خيرية ، ونوادٍ إجتماعية ، ودكاكين سياسية ، تقدّم بعض المساعدات المالية المغمّسة بالذل لبعض منتسبيها ، وليتها عدلت  .!!!