من أجل ثقافة إسلامية

من ذكريات منشوراتي في صفحتي هذه

من أجل ثقافة إسلامية واعية

ما يحرم فعله على غير المتوضئ

إعداد أ.د. حسن أبوغدة

     يحرم على غير المتوضئ ـ المحدث حدثاً أصغر ـ فعل ثلاثة أمور فقط ...هي:

     1ـ الصلاة مطلقاً: فرضاً أو نفلاً، فلا يجوز أداؤها بغير وضـوء للآية:  ( إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم... ) المائدة /6.  ولحديث الشيخين: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ).

     ومثلُ الصلاة المعتادة صلاةُ الجنازة، وسجود التلاوة، وسجود الشكر؛ لأنها في معنى الصلاة من حيث التقرب والتعبد إلى الله تعالى، وهذا قول عامة فقهاء السلف، وفقهاء المذاهب الأربعة.

     2ـ مسُّ المصحفِ أو بعضِـه: لا يحل لغير المتوضـئ مسُّ المصحـف أو بعضه، كالأجزاء، والكلام القرآني في اللوحـات وفي الأوراق فلا تُمَس من غير حائـل كقماش أو عـود ونحوه, ذلك للآية: ( لا يمسه إلا المطهرون ) الواقعـة/79. ولما رواه مالك والدارمـي ـ وهو حديث حسن ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى عمرو بن حزم: ((لا يمس القرآن إلا طاهر)). والآية والحديث تشملان الطهارة من الحدثين جميعاً.

     والمس الممنوع هنا: ما كان بيد الإنسان, أو بغيرها من أعضائه، أو أجزاء جسمه كصدره وكتفه, وذلك لعموم النصين. وهذا قول جمهور فقهاء السلف وفقهاء المذاهب الأربعة، ولغيرهم تفصيل في ذلك.

     أما حَمْلُ غيرِ المتوضئ المصحفَ في كيس وعلاَّقة ونحوها، فأجازه الحنابلة والحنفية, وكرهه مالك والشافعي؛ لفوات تعظيم القرآن في هذه الحال.

     وأما كتب التفسير والفقه ونحوه فيجوز حملها ومسها دون مس اللفظ القرآني فيها؛ لأنها لا يقع عليها اسم القرآن وليس لها حرمته, وقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيصر، وهو غير مسْلِم ولا متوضئ, كتاباً فيه آية, فدل على جواز هذا.

     وجوَّز بعض أهل العلم مسَّ الصغار القرآن أو بعضه؛ وذلك للحاجة إلى تعليمهم وتحفيظهم, ودفعاً لمشقة استمرار الطهارة معهم.

     ومما يتصل بتعظيم القرآن: أنه يحرم تعريضه للإهانة, كالاستناد عليه في الكتابة، أو توسُّدهُ أو النوم عليه, أو مسه بواسطة نجسة، كخِرْقة وعود نجسين.

     كما يكره استدبار المصحف، ومدُّ الرجل نحوه، أو المرور فوقه, أو رميه، أو وضعه على الأرض بلا ضرورة, والأصل في جميع ذلك قوله تعالى: ( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) الحج/ 32 وكذا ما في الصحيحين: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السفَر بالقرآن إلى أرض العدو)). وذلك مخافة استيلاء الكفار عليه وإهانته واحتقاره.

     3ـ الطواف بالكعبة مطلقاً: يحرم على غير المتوضئ الطواف بالكعبة لفرض أو نفل, وهذا قول عامة الفقهاء؛ لحديث الترمذي والحاكم وصححه: (الطواف بالبيت صلاة, إلا أن الله أباح فيه الكلام). وروى الشيخان: ((أن أول شيء بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم, أنه توضأ ثم طاف بالبيت)). 

     ويرى بعض الحنفية وبعض المالكية وابن تيمية وابن القيم: أن طواف غير المتوضئ صحيح، وأن الطهارة حال الطواف مستحبة؛ لانتفاء الدليل الصريح على وجوبها. 

     أما السعي بين الصفا والمروة ورمي الجمرات ونحوه فلا تشترط لها الطهارة وهي غير واجبة فيها, وبهذا قال جمهور العلماء, منهم فقهاء المذاهب الأربعة.

وسوم: العدد 703