حبُ الجَارِ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

حُبُ الجَارِ حَقٌ مُطْلَقٌ فِي الإسْلَامِ يَنْبَغي أنْ يُبْذَلَ لِكُّلِّ جَارٍ عَلَى الإطْلَاقِ مِنْ دُونِ تَمْييزٍ لِقَولِه تَعالى:"وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ"وَعَظّمَ الإسْلَامُ مِنْ حَقِ الجَارِ لِقَولِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"مَا زَالَ جِبرِيلُ يُوصِينِي بِالجَارِ حَتَى ظَنَنْتُ أنَّه سَيورّثه"وَيَربِطُ الإسْلَامُ حُبَ الجَارِ بِالإيِمَانِ فَيَقُولُ سَيّدُنَا وَرَسُولُنَا مُحَمَد صلى الله عليه وسلم:"وَالَذي نَفْسِي بِيَدِه لَا يُؤمِنُ عَبْدٌ حَتَى يُحِبَ لِجَارهِ مَا يُحِبُ لِنَفْسِهِ"وَهَذَا التَأصِيلُ الإيِمَانِيُّ لِحُبِ الجَارِ..إنْمَا يُؤسِسُ لِفَلْسَفَةِ إنْسَانِيَّةٍ شَامِلَةٍ لِلْحُبِ عَلَى كَافَةِ المُسْتَويَاتِ الفِرْدِيَّةِ وَالْوِطَنِيَّةِ وَالإقْلِيمِيَّةِ وَالْعَالَمِيَّةِ..فَحُبُ الجَارِ عَلَى كَافَةِ المُسْتَويَاتِ الْكَونِيَّةِ يَبْقَى قِيمَةً رَبَانِيَّةً سَامِيَةً يُؤكِدُ الإسْلَامُ أنْسَنَتَها وَعَوْلَمَةَ غَايَاتِها الطيِّبَتِي..وَذَلِكَ مِنْ أجلِ بِنَاءِ ثَقَافَةِ الْبِرِ وَالْمُودَةِ وَالْعَدْلِ وَالتَعَايُشِ الآمِنِ بَيْنِ المُجْتَمَعَاتِ..حَيْثُ يَقُولُ رَسُولُ الْحُبِ وَالْرَحْمَةِ وَالأخُوةِ الإنْسِانِيَّةِ سَيّدُنَا محمد صلى الله عليه وسلم:"لَا يُؤمِنُ أحَدُكُم حَتَى يُحِبَ لِأخِيهِ مَا يُحِبُ لِنَفْسِهِ"وَيُعَلَّقُ ابنُ رَجَبٍ الْحَنْبَلِي فَيَقُولُ:"الأخُوةُ هُنَا هِي الأخُوةُ الإنْسِانِيَّةُ"فَثَقَافَةَ الْحُبِ وَالْمُودَةِ وَالْرَحْمَةِ..هِي مَادَةُ الإسْلَامِ وَجَوهَرُ رِسَالَتِه..وَلنَتَأملَ كَلِماتِ الهُدَى الْنَبَويِّ يُطْلِقُها رَسُولُ الْرَحْمَةِ سَيّدُنَا محمد صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُ:"الْخَلْقُ كُلُّهم عِيَالُ اللهِ وَأحبُهم إلَى اللهِ أحبُهم لِعِيالِهِ"وَيَحْفِزُ النَّاسَ وَيُرغيبُهم بِالتَحَابُبِ وَالتَنَافُعِ فَيَقُولُ صلى الله عليه وسلم:"خَيْرُ النّاسِ مَنْ نَفَعَ النّاسَ".

وسوم: العدد 707