الصدقة والكرم

أخلاقنا:

خرج عبد الله ابن المبارك من بغداد في سفر جهاد، فصَحبه ناس من أهل العلم والعبادة، فقال يا غلام هات الطست، فألقى على الطست منديلاً ثم قال: يلقي كل رجل منكم تحت المنديل ما معه. فجعل الرجل يلقي عشرة دراهم، والرجل يلقي عشرين. فأنفق عليهم في السفر، فلما بلغ المكان الذي كانوا يقصدونه قال: هذه بلاد نفير ـ أي بلاد حرب ـ فنقسم ما بقي فجعل يعطي الرجل عشرين ديناراً، فيقول: يا أبا عبد الرحمن إنما أعطيت عشرين درهماً، فيقول: وما تنكر أن يبارك الله للغازي في نفقته؟

أخلاقنا:

  وكان ابن المبارك إذا كان وقت الحج اجتمع عليه إخوانه من أهل مرو فيقولون: نصْحَبك يا أبا عبد الرحمن؟ فيقول لهم: هاتوا نفقاتكم، فيأخذ نفقاتهم، فيجعلها في صندوق فيقفل عليها ثم يكتري لهم، ويخرجهم من مرو إلى بغداد، فلا يزال ينفق عليهم ويطعمهم أطيب الطعام وأطيب الحلواء، ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زي، حتى يصلوا إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم.

 فإذا صاروا إلى المدينة قال لكل رجل منهم: ما أمَرَك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طرفها؟ فيقول كذا، فيشتري لهم. 

ثم يخرجهم إلى مكة، فإذا وصلوا إلى مكة وقضوا حجهم، قال لكل واحد منهم: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيقول: كذا وكذا، فيشتري لهم. 

ثم يخرجهم من مكة فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو.

 فإذا وصل إلى مرو وكان بعد ثلاثة أيام صنع لهم وليمة وكساهم، فإذا أكلوا وسروا دعا بالصندوق ففتحه، ودفع إلى كل رجل منهم صرته بعد أن كتب عليها اسمه. 

أخلاقنا:

الصدقة والوفاء

كان عبد الله بن المبارك ينزل بالرقة في خان، فكان شاب يقوم بحوائجه، ويسمع منه الحديث، فقدم عبد الله الرقة مرة فلم يرَ ذلك الشاب، فسأل عنه، فقالوا: إنه محبوس لدين ركبه، فلم يزل ابن المبارك يستقصي حتى دلّ على صاحب المال، فدعا به ليلاً ووزن له عشرة آلاف درهم، وحلفه ألا يخبر أحداً ما دام عبد الله بن المبارك حياً.

أخلاقنا:

الصدقة والإحسان

كان على رجل دين، فكلم بعضهم عبد الله بن المبارك فيه ليقضي عنه دينه، وكان سبعمائة درهم، فكتب إلى وكيله: إذا جاءك كتابي هذا فادفع إلى صاحب هذا الكتاب سبعة آلاف، وكان الوكيل قد علم بالقصة، فظن أنّ عبد الله بن المبارك قد أخطأ، فأرسل كتاباً إلى عبد الله، وقال له: إنه كلمك في سبعمائة درهم، وها هنا سبعة آلاف، فإن يكن منك غلطاً فاكتب إلي. 

فكتب إليه: إذا أتاك كتابي هذا، فادفع إلى صاحب الكتاب أربعة عشر ألفاً.

أخلاقنا:

الصدقة والهدية

شوهد سفيان الثوري يوماً في سوق الحنّاطين (سوق بيع الحنطة)، وكان يحدث أحد أصحابه ويقول له: إن ابنا عمتي ألطفاني وأكثرا من اللطف، ومعي ديناران أريد أن أشتري بهما لهما حنطة فأهديها لهما. 

فاشترى رحمه الله لهما بكل ما معه!