تأملات في القران الكريم ح364، سورة الزخرف الشريفة

بسم الله الرحمن الرحيم

إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ{74}

تنتقل الآية الكريمة لتسلط الضوء على الجهة المقابلة للمتقين فتقرر (  إِنَّ الْمُجْرِمِينَ ) , الكفار ومن ارتد من المسلمين وكذلك اهل الذنوب والمعاصي من المسلمين ايضا , (  فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ) , لا يخرجون منه .

لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ{75}

تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها مضيفة

1-    (  لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ ) : لا يخفف عنهم .   

2-    (  وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ) : آيسون من الخلاص .  

وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ{76}

تستمر الآية الكريمة في الموضوع (  وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ ) , ليس العذاب الواقع بهم ظلما , بل (  وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ ) , هم من ظلموا انفسهم , فأوردوها موارد العذاب .    

وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ{77}

تستمر الآية الكريمة (  وَنَادَوْا يَا مَالِكُ ) , خازن النار , (  لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ) , سل ربك ان يميتنا , (  قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ ) , فيجيبهم مالك خازن النار "بل انتم مقيمون في العذاب , لا خلاص لكم منه بالموت وغيره " . 

لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ{78}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ ) , من عند الله تعالى على لسان الرسل والانبياء "ع" ارسالا وتنزيلا , (  وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ) , لكنكم كرهتم الحق او اتباعه . 

أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ{79}

تستمر الآية الكريمة مبينة ملفتة الانتباه الى مؤامرات الكفار (  أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً ) , لم يكتف كفار مكة بتكذيب الرسول الكريم محمد "ص واله" ولم يكتفوا بكراهية ما جاءهم به , بل حاكوا مؤامرة ضده "ص واله" , (  فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ) , محكمون كيدنا في انزال العذاب والهلاك بهم .    

أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ{80}

تستمر الآية الكريمة (  أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم ) , ام يظنون اننا لا نعلم ما اخفوه في صدورهم او ما تناجوا به فيما بينهم , (  بَلَى ) , نسمع ذلك , (  وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ) , الحفظة يكتبون ما تأمروا به .   

قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ{81}

تخاطب الآية الكريمة النبي الكريم محمد "ص واله" (  قُلْ ) , لهم يا محمد "ص واله" , (  إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ ) , فرضا , وهنا يفيد النفي , (  فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ) , لذلك الولد , مما ينفي هذا الادعاء .

سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ{82}

تستمر الآية الكريمة (  سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ ) , تنزيها وتعظيما , ان يكون ذا ولد جل وعلا عن ذلك , فأن تلك المخلوقات "السموات والارض والعرش" منزهه عن توليد مثلها فكيف بخالقها يكون له ولد , (  عَمَّا يَصِفُونَ ) ,  عما ينسبه المشركين له من الافتراء .  

فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ{83}

يستمر الخطاب في الآية الكريمة للنبي الكريم محمد "ص واله" (  فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا ) , دعهم يخوضوا في باطلهم ولهوهم في الدنيا , (  حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ) , بالعذاب وذلك يوم القيامة .  

وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ{84}

تستمر الآية الكريمة مضيفة مؤكدة (  وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ ) , خلقا وتدبيرا ومعبودا , (  وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ) , وهو وحده جل وعلا  المستحق للعبادة , (  وَهُوَ الْحَكِيمُ ) , في صنعه وتدبيره , (  الْعَلِيمُ ) , بخلقه ومصالحهم . 

وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ{85}

تستمر الآية الكريمة (  وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ) , ابداعا وخلقا وتدبيرا وملكا , (  وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ) , قيام القيامة , (  وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) , حينها . 

وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ{86}

تستمر الآية الكريمة مبينة مؤكدة (  وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ ) , لا يملك المعبودين سواه جل وعلا الشفاعة لعابديهم , (  إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ ) , بالتوحيد وخلوص العبادة واستحقاقها لله تعالى , (  وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) , يشهدون بألسنتهم بما في قلوبهم  , وهم عزير وعيسى والملائكة عليهم السلام حيث عبدوا من دون الله تعالى فيشفعون للمؤمنين لا لعابديهم .  

وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ{87}

تستمر الآية الكريمة (  وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ ) , ولئن سألتهم عن خالقهم , (  لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ) , يجيب النص المبارك عنهم , وذلك لعلمه جل وعلا بما في قرارة انفسهم , وايضا ليس لديهم جوابا غيره , ولا يمكنهم المكابرة به لشدة ظهوره , (  فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ) , فكيف يصرفون عن عبادته جل وعلا الى عبادة غيره .    

وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ لَّا يُؤْمِنُونَ{88}

تستمر الآية الكريمة (  وَقِيلِهِ يَارَبِّ ) , حين قال "ص واله" شاكيا الى الله تعالى الذين كذبوه , (  إِنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ لَّا يُؤْمِنُونَ ) , لا يؤمنون بك ولا يصدقون بما جئتهم به .   

فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ{89}

تستكمل الآية الكريمة مجيبة شكواه "ص واله" في ثلاثة محاور :

1-    (  فَاصْفَحْ عَنْهُمْ ) : أعرض عن دعوتهم الى الايمان , فأن ذلك ميؤوس منه , وتجنب أذاهم .

2-    (  وَقُلْ سَلَامٌ ) : متاركة , وهو نفس السلام من ذوي العلم والمعرفة تجاه ذوي الجهل والتخلف  {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً }الفرقان63 .

3-    (  فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) : تضمن النص المبارك امرين :

أ‌)       تهديد ووعيد للكفار , فسوف يعلمون عاقبة امرهم .

ب‌)  تسلية له "ص واله".

وسوم: العدد 751