خواطر فؤاد البنا 797

الإنسان الاجتماعي هو الذي يجعل من مصلحتَه غُصناً في شجرة المجتمع، ويَتيَقَّن بأنه كلما صَبّ ماءَ الحياة في حُفرة شجرة المجتمع فإن الخير واصلٌ إليه حتماً.

**********************************

لا يزال أصحاب الهِمّة في هَمّ عظيم ولا يَنْفكّ حالهم عن الانغماس في أوجاع أمّتهم، إذ أن يقظتهم تأمّلٌ وتفكير ومنامهم أحلام وكوابيس، وإذا ضحكوا فإن ضحكهم من جنس (شرّ البلية ما يُضحك)، وإذا غنّوا فإن غناءهم يُشبه أنينٌ النّاي، وإذا رقصوا فمثل الطّير يرقص مذبوحاً من الألم!

**********************************

لو كان صاحب الفايسبوك عربياً لما قال لمن يَرتاده: بمَ تفكر؟ بل سيقول: ماذا تريد أن تقول؟! فلقد صرنا ظاهرة قولية بدون منافس للأسف الشديد!

**********************************

يُخبرنا الواقع المَرير بأن من اعتادوا الانْكِباب على وجوههم ومن أُصيبت فِطَرُهم بالانتكاس، فإنهم لا يَتورّعون عن الاغتباط بالمنحرفين والتَّغوُّط  من ألسنتهم على المَسْتقيمين، ولا يزالون يَهشُّون في وجوه الظُّلّام ويَتجَهَّمون في وجوه المَسحوقين، بل إنهم يُهْدون الوُدّ الرُّآم للجبابرة ويَحملون الموت الزُّآم للمقهورين، فكيف ينبغي يا ترى أن يواجه المُرَبّون الأحرار هذه الآفة؟!

**********************************

إن الجماهير التي تُصفِّق للمسؤولين لأنهم قاموا بواجباتهم أو لأنهم دغدغوا مشاعرها ببعض الشعارات، إنما تدفعهم نحو الصّلَف والصّفاقة، وإن الذين يَحْملون الزعماء على أكتافهم إنما يَحملونهم على الظلم ويَدفعونهم نحو مهاوي الطغيان!

**********************************

يقولون بأنهم يعالجون الناس من مَسّ الجَانِّ بالقرآن الكريم، فيا ليتهم يعالجون حُكّام الجور من تَخَبُّط شياطين الطغيان لهم!

**********************************

الإنسان الاجتماعي هو الذي يجعل من مصلحتَه غُصناً في شجرة المجتمع، ويَتيَقَّن بأنه كلما صَبّ ماءَ الحياة في حُفرة شجرة المجتمع فإن الخير واصلٌ إليه حتماً.

**********************************

تكوّنت في العقود الأخيرة من زمن القحط الفكري والتصحّر الأخلاقي فِرقةٌ مارقة في أمّتنا، أفراد هذه الفرقة يعانون من فُصام غريب، حيث تجدهم يَحملون روح الخوارج في التعامل مع الجماهير، لكنهم يتحلّون بروح المرجئة مع الحكام، يُصفِّقون في وجوه الظالمين ويبصقون على وجوه المظلومين، يُصَعّرون خدودهم أمام الضعفاء ويَهبون هذه الخدود للأقوياء كي يفعلوا بها ما يشاؤون!

**********************************

إن الفقيه الذي يُردِّد آلاف الكلمات حول (ماء الوضوء) ولا يقول كلمة حق واحدة عن (مياه الشرب) الملوّثة أو المنعدمة؛ إنما يعاني من خلل كبير في التفكير ومن ثقوب عميقة في الوعي بمقاصد هذا الدين العظيم الذي جاء من أجل الناس!

**********************************

إن تغيير الطبائع لا يمكن أن يتم من خارج الذات ولو عبر أعقد العقاقير الطبية، وإنما من خلال إرادة ذاتية تتوفر لها القناعة العقلية والعزيمة القلبية، مع تصميم قوي على الاستمرار في ترويض الطبيعة السابقة وتزكيتها حتى تتعدّل وفق المأمول.

وسوم: العدد 797