خواطر فؤاد البنا 838

من الواضح تماما أن (ثقافة العولمة) التي تتكئ على المركزية الغربية وعلى أوهام النقاء العرقي والتفوق الثقافي، تريد (عولمة الثقافة) في العالم كله ولا سيما الثقافة الإسلامية، التي ظلت المنافس الأساس للثقافة الغربية وأصبحت تنازعه في عقر داره. ومن خلال مخرجات مراكز البحوث والدراسات الغربية يتضح لدعاة العولمة التغريبية أن الحركات الإسلامية هي حائط الصد الأقوى أمام التجريف الذي يراد للثقافة الإسلامية؛ ولذلك فإن حربا عالمية تجري بصمت ضد الحركات الإسلامية في العالم كله، حيث تدخل هذه الحرب من أبواب متفرقة وتتسلح بكافة الوسائل والأساليب، ويتجند لها الملايين من الكوادر والخبرات في مختلف العلوم والفنون. وللأسف فإن مخالب هذه الحرب تنتمي إلى هذه الأمة، حيث تتولى القيام بهذه المهمة القذرة بدعاوى سلالية طائفية أو تحت لافتات مناطقية جهوية أو بمبررات فكرية وحزبية ما أنزل الله بها من سلطان!

****************************

أثبتت الأيام وتثبت صدورُ حكمٍ مجرم بقتل الشرعية اليمنية، حيث أُوكلت مهمة القتل إلى الحوثيين والحراكيين، بينما يقوم التحالف العربي بعملية التكفين الهادئة مع ذرف دموع التماسيح، وبالدفن في تربة القرارات الدولية، ويبدو أن العالم سيشارك في تشييع الجنازة وذرف الدموع، فهل استسلام الأحرار هو الخيار الأوحد؟ وأين الذين يجعلون من صيانة وطنهم معراجاً لدخول الجنة؟ وما الذي ينبغي أن يفعلوه في هذه الأوقات الحرجة؟

****************************

كنت أظن أن ذكر محاسن المبدعين والمؤثّرين بعد موتهم سُنّة عربية خالصة، ولكن اتضح لي أنها موجودة عند الشعوب الأخرى وإن كانت قد صارت (ظاهرة) سافرة عند العرب، وكأن الموت يطوي وجه المساوئ ونقاط الضعف ليُبرز وجه المحاسن ونقاط القوة. ومما يُروى في هذا الصدد أن موسيقياً ألمانياً يدعى كارل فيبر تعرّض لهجمات شرسة من بعض النقاد والصحفيين، فاتفق مع بعض محبيه على الإعلان عن موته، فتسابق الجميع إلى تأبينه وتبيين محاسنه، وبعدها خرج إلى الرأي العام قائلاً: "لم يعد بوسعكم الآن أن تقولوا شيئا قبيحا عني"! فهل على المصلحين والمحسنين والدعاة الذين يتعرضون لشيطنة خصومهم في بلداننا أن يموتوا باكرا حتى يحصلوا على هذا الاعتراف؟!

****************************

قال لي: كيف توازن بين الطائفيين الحوثيين وبين الانفصاليين الحراكيين؟ فقلت له بجملة واحدة: الحوثيون أخبث، والحراكيون أحقر!

****************************

كُن خيِّراً حتى عندما تسقط، فحاول أن تسقط سقوط المطر لا سقوط الحجر، فلا بأس أن تبلل رؤوس الناس ولكن لا تسفك دماءهم.

بارك الرحمن جمعتكم.

وسوم: العدد 838