نزاريَّاتٌ

(4)

كانت بهجة العيد تغمر المكان، وقد جلس الأطباء في منزل الدكتور أبي محمد مهنئين بعيد الأضحى المبارك، وأحبوا أن يطروا عليه بما يحمل بين جنبيه من نفس رضيَّة وسلامة طويَّة....و بُعيد أن أنهى الطبيب الزميل مديحه، وشرع الثاني بالإطراء، هتف بهم: ناشدتكم الرحم أن تكفوا، ولا تقصموا ظهري.... فنظروا إليه جميعا وقد اخضلَّت لحيته البيضاء بجمان عينيه، وهو يردد قيل الرسول صلى الله عليه وسلم: " اللهم لا تُؤاخذني بما يقولون، واغفر لي ما لا يعلمون، واجعلني خيرًا مما يظنون" .... فبكى ، وبكى كل الحاضرين، ثمَّ طَفِقَ يردد بيتي الإمام الشافعي رضي الله عنه: 

أُحِبُّ الصالِحينَ وَلَستُ مِنهُم

لَعَلّي أَن أَنالَ بِهِم شَفاعَه

وَأَكرَهُ مَن تِجارَتُهُ المَعاصي

وَلَو كُنّا سَواءً في البِضاعَه

وانفضَّ المجلس عن جوقة عناق ممزوجة بماء العيون!!

وسوم: العدد 956