عمري ..والمئة عام

ثناء محمد كامل أبو صالح

كلما قرأت تهنئة ب "عيد ميلاد " أحدهم ..استفزتني جملة : عقبال مئة سنة ..

أتساءل .. هل هذا الدعاء للمحتفى به .. دعاء محبة صادقة ؟

أم هو من قبيل ما درج عليه الناس من حولنا, فاتبعناهم كما فعلنا بفكرة الاحتفال نفسها ؟

تجاوزت منذ أيام سنتي الخامسة بعد الستين.. لم يخطر ببالي يوما قط أن احتفل بيوم مولدي, ولا بيوم مولد أحد من أبنائي ..

كنتُ أربط كل احتفال بهم, بعمل أو إنجاز جيد لهم, قائلة : إذا كان الحبيب المصطفى سلام الله عليه وهو من قدم ما قدم للبشرية جمعاء لم يسن لنا الاحتفال بمولده .. فلا علينا ألا نقيم حفلا لمناسبة مولد فقط .

ظننت طويلا .. وتمنيت كثيرا أن يتوفاني ربي إن مدّ في عمري .. في السن الذي توفى  الله فيه الحبيب المصطفى عليه السلام وخلفاءه الثلاث, وأبي الحبيب رحمه الله .. سن الثالثة والستين

مع الأيام ترقبت بلوغها.. وأعترف آسفة - أني مع ترقبي – لم أقدم ما تمنيت أن أقدمه لربي وديني ثم لعائلتي ومن حولي ..

لكني أيضا ما تمنيت أن يطالني دعاء المئة عام ذاك, حتى لو قد يكون فرصة أجتهد فيها بتحقيق مالم أحققه قبلها

هل من سائل لماذا ؟؟

لا أظن .. فمن منكم لا يعرف الإجابة ؟

أذكر حين التقيت شيخنا الطنطاوي رحمه الله في زيارة خاصة قبل وفاته بمدة, تمتعت بحديثه الشيق وفكره المتوقد وذاكرته الواعية, وفقهه المرن, وذكرياته الرائعة .. فدعوت له بطول العمر, فلم يعجبه الدعاء, فلما ذكرته بحديث المصطفى عليه السلام [ خيركم من طال عمره وحسن عمله ] رد علي بسرعة : نعم .. هذا مع حسن العمل .. وأين أنا من ذاك ؟

رحمك الله يا شيخنا .. أنت تقول هذا وأنت من أنت .. ولا نزكي على الله أحدا, فمن أنا ؟؟

ومن تلك التي يُحتفل بمولدها ويُدعى لها بطول العمر حتى المئة عام ؟

والله لولا حسن الظن بالله والرجاء برحمته ومغفرته, ما فكرت يوما أن أدعو بتعجيل لقائه وهو راض عني

تمهلوا يا قوم ,, قبل الاحتفاء والدعاء بالمئة ..

فوالله لن ينجو من الخرف وإظلام الذاكرة وضعف البدن والدين.. إلا من رحم ربي ..

وما أظن أحدنا يتمنى هذا لنفسه, ولا لغيره إن كان محبا صادقا في حبه .

اللهم اجعل لقاءك أحب إلي من الدنيا وما فيها, وتوفني على عمل صالح يرضيك عني .. اللهم آمين

ادعوا لي يا أحبتي بمثل هذا, وجزاكم الله كل الخير.