الصّداقة كنز

الصّداقة علاقة إنسانية واجتماعية بين البشر ، هي  في حياتنا  مثل عملة نادرة نحتفظ بها  ،  وهي مثل معدن نفيس البحث عنه ضرورة. ، وفقدانه خسارة ،  نحتاجها  في المؤانسة ،  نحتاجها  لمواجهة هموم الحياة ،  نحتاجها  كالماء عند لفح الهجيرة ،  نحتاجها في زمن   الجذب والقحط.  

 وقد وجدت  لفيف من البشر  لا يعرف  لها  قيمة   ، تلقاهم  يعقدون صفقتها  وقت الشروق ،  وتأفل وقت الغروب ، فما أكذبها  صداقة  ،  فهي صداقة وهمية ، لا دفتر شروط لها. 

 فالصّداقة التي لا تصون مودة العمر ، ولا تصون عشرة السنين ، ولا تصمد عند النوازل  وتغير الأحوال  ، لا يحق عدها وذكرها ، فالصداقة تقاس بديمومتها و بقاء أثرها .

فصداقة  الأصفياء  تتحمل  الأوزان  الثقيلة ، تقاسم  الضربات  ، فتحل حيث حلّ  ، وترحل معه حيث ارتحل ،  تحوي   في خفاياها الأسرار  ،  تقاسم في أحاديثها قصص اللطائف   ، تروي قصص الوفاء  ، تحكي أيام  الوصال. 

هي نزهة  تسلي  هموم  الحزين ، ورحلة عمر توشحها الثقة  ، فتحاكي في روعتها الطهر والصفاء ، وهي عطاء دون من  ، كما هي حب صادق  ، لا تخالطه شوائب النفوس المريضة ،  من ذاق حلاوتها  ، لا يبرح أرضها ولا يفارق مضاربها ، لا يقنع بسواها ، فهي مثل الملح للطعام.  

 و قد وجدت  لها من الأوصاف أحسن وصف صاغه الشاعر في أبيات رائعة .

يقول في أبياته  :    

إن صديق الحق من كان معك 

ومن يضر نفسه لينفعك

ومن إذا ريب الزمان صدعك

 شتت فيك نفسه ليجمعك

ما أحوجنا اليوم للصداقة الحقيقية ، التي  تلتقي   فيها النفوس على الحب الصادق    ، الذي يذيب  الفوارق ، ويشرح الصدور ،  فتنزع الأقنعة التي تحجب الصفاء ، وفيها تنبسط السرائر لبعضها البعض ، فتخفي علاقات الأغراض والمصالح الدونية ، فلا تتعلق النفوس  بالطين والوحل الذي هشّم بنيان المودات .

وسوم: العدد 1068