الابن ابن مراته..!!!

الابن ابن مراته..!!!

هنادي نصر الله

[email protected]

أيتام نحنُ بدونها؛ أيتام حتى وإن كُنا رجالَ كبار؛ حتى وإن عشنا مع زوجاتٍ اجتهدنَ لأن يمنحوننا الكمال؛ يبقى النقصُ يرادونا؛ فغيابُها يطرحُ عن حياتنا الكثيرَ من الرحمةِ والحنان؛ ألم يُبارك الله ـ جل في علاه ـ في حياة الرجالِ ما بقيتْ أمهاتهم على قيد الحياة؛ فيشعرون بأن دعاءهن الصادق يُبارك خطواتهم في الحياة؛ يزيدهم عزمًا وإصرار، ويمنحهم التفوق والنجاح في الأعمال..

عندما يقولُ لسانها" روح الله يسهل عليك ويرضى عليك" يدخلُ دعاءها صميم القلب؛ لأنه دعاءٌ لا يعرفُ المجاملة، لأنه لم يخرج من لسانها بل من قلبها المشتاق لأن لا يُصيبنا مكروهٌ قط في كل صباحٍ تُودعنا.

بل أن كل الحبِ لأمي وأمكَ.. فعليها وصى المصطفى الأمين محمد صلى الله عليه وسلم حين قال ثلاث مرات " أمك ثم أمك ثم أمك" فما بالنا اليوم نُرضى الغير على حسابها، نستهين بغضبها؛ نتجاهلُ إحساسها، وهي التي تكونُ في قمة غليانها إن لمحتنا يومًا بثياب الأحزان نغرق..

من لا يُنافسُ العشاق في حبِ أمه؛هو إنسانٌ جاهلٌ للحبِ وإن ادعى زورًا بأنه من أشباه قيس بن الملوح أو عنترة بن شداد؛ فسيدةُ الحبِ الأولى والأخيرة، ومعلمةُ الأجيال على فنون الحنان، ومدربةُ البنات على الأمومة وأرق الإحساس هي الأم..

كلامٌ فارغ أن تُحب حبيبتك أو خليلتك أو زوجتك أولاً؛ وتضعُ أمك على قائمةِ الأعمال الثانوية؛ فتزورها إن كنتَ قد فرغتَ من أعمالك، أو إن أردتَ منها أمرًا ما؛هي ليستْ خيارٌ ثانٍ؛ هي الجامعة لك ولأحبابك؛ فولا أحشائها لما جئتَ إلى الدنيا؛ ولما رأيتَ "ست الحسن والجمال" فُكن لها نعم الإبن البار..

أراكَ تلهثُ على إرضاء قومكِ وعند أمكَ لا تُبالي.. هل هانتْ عليكَ وهي التي تحملتْ من أجلك؛ تحملتْ من يومِ أن حملتك وأرضعتك حتى رأتكَ شابًا؛ اطمأنتْ لسعادتِك ثم عنها وليتَ هاربًا تصنعُ مستقبلك؛ ولا تفتكرها إلا في أيامٍ معدودات..

أأحمقٌ أنتْ تبيعُ كل عطائها؛ وتشتريها بوردةٍ في ذلك الذي يُسمى " بيوم الأم"..

أعدْ لها القليل من حقها؛ تَباركْ بها؛ فهي نوارةُ داركَ؛ هي كلُ أسراركَ، هي وحدها الصادقة ودون رضائها كلُ نساء الأرض قاطبةً وجوهٌ ذابلة..

قُل دومًا" أمي" قلها في سجودك؛ قلُها في دعائك، قُلها في كلِ حين؛ آلا تُحب أن تكونَ وإياها في جنة الخلد على سرر متقابلين..

أنتَ حبيبُ قلبها؛ لأجلكَ كانَ أبوكَ يغار؛ حينَ يراها تهتمُ بكَ على حسابه؛ كنتَ " ضرة" أبيكْ؛ لأنها كثيرًا ما كانتْ تتفقدُ أحوالك؛ حتى في مرةٍ من المرات صاحَ في وجهها بعد أن مزقته الغيرة" لا تُرهقي نفسكِ به كثيرًا، ودعيه يعتمد على ذاته؛ دلالكِ له سيُفسده" ومع ذلك كانتْ من ورائه تُعطيكَ كل ما كان أبوك يرفضُ أن يُعطيكَ إياه..

أبعدَ كلِ حبها؛ تُنكرها؛ قلْ لها في كل يوم" أنتِ حبيبتي الأولى" قُل لها ليفرح قلبها بل ليرقصَ سعادةً ؛ قل لها لن تُغيرني " زوجة" ولن أكونَ كما تُرددُ العجائزُ في أمثالهن الشعبية" الإبن إبن مراته" لا لا لا يا أمي أنا ابنُك أنتِ، وزوجتي على عيني وراسي..

ثم فكر بعدها.. متى قدمتَ لها آخر هدية؟؟ هل في الحادي والعشرين من مارس/ آزار الماضي؟؟

إنه ليُحزنني أن تكون هديتك الأخيرة في ذلك اليوم؛ لأن أمكَ في حساباتك تختزلها في يوم، والأم يا عزيزي ليستْ مجرد يوم..