حلب يا حبايب..!!

هنادي نصر الله

[email protected]

حلب يا حبااااايب.. يُنادي على الحبايب، ويُدلل على الحلب، بنغمةٍ موسيقيٍ جميلة، رغم أنه ليس مغني، بل بائع متجول؛ يتجول في أغلب شوارع غزة..

ما أن يسمع صوتُه من بعيد أطفال الأحياء والحارات الفلسطينية؛ حتى يُصفقوا ويقلدوه" حلب يا حبايب، حلب يا حبايب" منهم من يشتري، ومنهم من يعزف، وفي كلا حالتيهم؛ فإنهم يبتهجون لقدوم بائع الحلب، فهدفه هو جلب الرزق لأسرته؛ هدفٌ خاص؛ لكنه من حيث لا يدري فهو يُضفي جوًا من المرح على أهالي المدينة المحاصرة؛ إذ نجح دون أن يسعى لذلك في ضربِ عصفورين بحجر، محققًا هدفه الخاص" قوت صغاره" وهدفًا عامًا" فرحة الصغار والكبار بقدومه"..

بائع الحلبِ؛ وطريقة مناداته على الحبايب وتدليله على الحلب؛ لا تخلو من استعطاف الزبائن، وجذبهم، وهو ما يترك أثرًا في القلب؛ يشدُ الأذن للإصغاء إلى مناداته دون إزعاج؛ فهو بذلك قصدَ اللعب على وتر المشاعر والأحساسيس لتحريك النفس نحو " الحلب"..

وبشكلٍ لا إراديٍ فإن مناداتُه؛ تطيرُ بي إلى " حلب" في سوريا؛ فأستذكر " اليرموك وأهله" ودير الزور، وغيرها من الديار السورية، ولسان حالي يقولُ بحالٍ متأثر يكادُ يخلعُ قلبي خلعًا" حلب يا حبايب"..

والسؤال أين الحبايب؟ وأين حلب.. وأين حماة الديار.. بل أين بلاد العرب؟؟

لله دُرك يا بائع الحلب، كيفَ لعبتَ على أوتار مشاعرنا؛ وجعلتنا نتأثرُ بحال" حلب" ونحن " نأكلُ " الحلب الذي تبيعه؛ فيما مجدُ العربِ يُباع في مزاد الغرب العلني؛ دونَ أن يسعونَ لاسترداده..

ضاعتْ ثروتهم؛ بضياعِ نخوتهم.. وبقيتَ أنتَ يا إنسان؛ تُذكرنا بحالِ الأب العربي وهو يتمزقُ في الطرقات؛ ليجمع بعض الدراهم لسد جوعِ صغاره..

بقيتَ أنتَ أبلغ سفيرٍ عن أناتِ المكلومين والموجوعين.. وما بقيتْ أيُ كرامةٍ لحكامٍ مخلوعين أو في طريقهم للخلعِ..

المجدُ للباعة المتجولين تحت شمسٍ محرقةٍ.. والعارُ لحكامٍ خائنين مخلوعين أو مرةً أخرى أقول في طريقهم للخلع..