بين بغداد والمنامة يوجد عمر العاني

د. عمر عبد العزيز العاني

بين بغداد والمنامة يوجد عمر العاني

د. عمر عبد العزيز العاني

[email protected]

خاطرة قرأتها على أساتذة جامعة البحرين في لقاء لجنة التواصل الاجتماعي

بغداد ولدتني، والبحرين أرضعتني ، وأنا أنثر حروفي بين الأمّين .. وبقايا من ذاكرتي بين الأين والأين

في بيتي سبطتان حفيدتان .. تنطقان الجيم ياءً.. تسمّيان التمر الإبراهيمي (خنيزي) .. وتفضّلان (البلاليط) صباحًا على (خبز العروك)

كتبي عنوانها بغداد .. وفهرستها المنامة .. ما بينهما تاريخ من الأُنس.. وجغرافيا في سهولها ينبت (المشموم) و(الياس).

عقلي يتأبّى على الإيمان بالأسطورة .. لكني أؤمن – باستسلام – بأسطورة المرأة والتفاحة .. وفتوّة الأولمب والشباب المتجدّد عند جلجامش وهو يبحث عن أرض الخلود في دلمون.. كان يحسب الشباب مثل جلود الأفاعي .. يتجدّد.

وأؤمن أنّ أول نخلة في العراق كانت قد نُقلت من أرض الخلود .. أرض دلمون .

بغداد مطمئنّة على أولادها ماداموا في المنامة

بغداد ترسل للمنامة - كلّ يوم – إفطارها الصباحي، وكؤوسًا من ماء الفرات.. ومن ماء دجلة

في مدينة القرنة يلتقي الرافدان فيصبّان في الخليج العربي .. وهناك أتلو الآية الكريمة (مرج البحرين يلتقيان .. بينهما برزخ لا يبغيان)

أنا – هنا – مسلّة حمورابي .. ومكتبة المستنصريّة .. وبقيّة من وصايا الحسين

أحمل إليكم (قدّاحًا) من (نارنج) الحدائق .. حدائق بيوت بغداد .. و(شناشيل) بصراوية .. والمنّ والسلوى من جبال حصاروست .. وأنين النواعير على ضفتي الفرات

في حقيبتي آلاف من المفاتيح لمكتبات سوق السراي .. وشارع المتنبّي .. والمدارس التي يرقد فيها جلال التاريخ.

بغداد تطمئنّ على أولادها في المنامة، وترسل لكم تحياها منغّمة بالمقام العراقي.. وبشجن الصبا والنهاوند .. والمخالف والخلوتي .. والجهاركاه والبنجكاه .. وقوريات كركوك

ألف شكر / أغاتي / تاج راسي / أروح لك فدوة / يمعوّد ولا يهمّك / عيوني إنتَ / وإلى آخر كلمات معجم التهذيب

جواز سفري كان مطاردًا في الحدود والمطارات والموانيء .. كنتُ في المنافي مركونًا مثل قصيدة من العربية الفصحى في ديوان ابن هذّال .. كالأعلم الشنتمري في جيل تويتر والفيس بوك .. كمصحف في بيت زنديق .

فداءً لأجرافك يا منامة .. فداءً لذراعيك اللتين تحتضنان الغريب .. فداءً لأهلك وفرجانك .. لأساطيرك .. لكل أسماك البحر وما يصيدون .. لللؤلؤ وما ينظمون .. فداءً لـ (عين عذاري) التي هي عنوان الإيثار

وإلى المنامة – اليوم – التي ترفل بثوب الابتهاج .. أنسج لها ثوبًا من مغزل فاتنة بابل زوجة أنكيدو .. والملك سرجون الأكدي

أنا أحمل من بغداد إلى المنامة قبّعة تدفئ رأسها .. وأحمل سلّتين .. في واحدة رمّان شهربان المقداديّة .. وفي الأخرى برتقال ديالى

أحمل صفحات من خزائن المخطوطات .. ليس من بينها ألف ليلة وليلة .. ولا حديث شهرزاد لشهريار

عناقيد من كروم دجلة .. وتين الفرات

بغداد توصيني بالمنامة خيرًا .. وترسل لها شكرًا وامتنانًا .. قيادةً وحكومة وشعبًا .. ونخلا ورملا وشواطئ وموانئ.

وأوصتني أن أقول لكم:

أنا – هنا – مسلّة حمورابي

وقدّاحٌ من جنائن بابل

ومكتبة المستنصريّة

أنا بقيّة من وصايا الحسين

من وصايا الحسين .