رموز روح السوء

خواطر الكون المجاور

ز.سانا

جميع النشاطات الفكرية الفلسفية والدينية عبر تطور البشرية منذ ظهورها على سطح اﻷرض تكلمت عن روح الخير و روح السوء لتؤمن للإنسان حياة إجتماعية سعيدة في الحاضر والمستقبل، ورغم وجود الإختلافات الكثيرة بين الديانات في وصف هاتين الروحين ولكن بشكل عام كان اﻹعتقاد في جميعها متشابه فروح الخير هي التي تعبر عن المحبة والسعادة والبركة ، أما روح السوء فهي التي تعبر عن تفكك العلاقات اﻹجتماعية وسفك الدماء والدمار

موضوع روح السوء ( الشيطان ) كمفهوم ديني تم الكتابة عنه في كثير من الكتب و المقالات وكذلك كثير منها مذكور في صفحات الإنترنت ويمكن الرجوع إليها لأخذ فكرة عامة عنها، ولكن هنا في هذه المقالة والتي تنتمي إلى (خواطر من الكون المجاور ) سنتحدث إن شاءالله عن روح السوء كمفهوم فلسفي يجمع بين رؤية العلوم الروحية ورؤية العلوم المادية لنأخذ فكرة واضحة عن هذه الروح.

في الديانات السماوية الثلاثة تم التعبير عن روح السوء بإسم (شيطان ،إبليس) وهذه اﻷسماء تعبر عن الجيل اﻷول من روح السوء أما الجيل الثاني منها فهي (بعلزبول ) في اليهودية و (666) في المسيحية و ( أعور الدجال ) في اﻹسلام

كلمة شيطان أصلها عبري من فعل ( شطن ) ومعناها ( قاوم ، تمرد ) والمقصود بها هنا بسبب تمرد الشيطان بأن يسجد لآدم عندما أمر الله الملائكة بالسجود ﻵدم. كما تقول اﻵية القرآنية ( وإذ قلنا للملائكة إسجدوا ﻵدم فسجدوا إلا إبليس أبى وإستكبر وكان من الكافرين) ، جميع التفسيرات التي أُعطيت لتوضيح الفرق بين آدم والشيطان والملائكة كانت ملائمة لمستوى ثقافة اﻹنسان في تلك العصور القديمة، ومع تطور العلوم المادية والتكنولوجيا في العصر الحديث وبسبب نظرية داروين في التطور فبدلا من أن يحاول العلماء والفلاسفة شرح هذه الحادثة ليكون معناها ملائما للمستوى الثقافي الحديث ، رفضوا قصة هذه الحادثة وإعتبروها أسطورة خرافية من أساطير اﻷولين، لذلك سنحاول هنا فك رموز هذه الحادثة ليأخذ القارئ فكرة عن روح السوء بشكل يساعده في الربط بين اﻷمور ليفهم دور هذه الروح وعلاقتها بما يحدث اﻵن في أيامنا هذه .

كما هو معروف في الديانات أن روح الخير هي النور وروح السوء هي النار ،لذلك لتوضيح المعنى الحقيقي لحادثة خلق آدم وظهور كلمة ( شيطان ) سنطبق مثال اﻷلوان على هذه الحادثة ، فعندما خلق الله آدم نفخ فيه جزء من روحه. لذلك تعتبر روح آدم هي من النور والنور هو الضوء اﻷبيض وحسب علوم الفيزياء الضوء اﻷبيض هو عبارة عن إتحاد جميع ألوان قوس قزح ، فمعنى الحادثة هو أنه عندما خلق الله الملائكة أعطى كل ملاك لونا واحدا فقط أي مقدرة واحدة ، وبعدها أخذ الله جميع هذه اﻷلوان ( المقدرات ) ووضعها في شخص واحد وسماه آدم ، وعندما قال الله للملائكة إسجدوا لآدم ، له معنى أن آدم أرقى في تكوينه من جميع الملائكة ﻷنه يحمل جميع اﻷلوان ( المقدرات ) معا ، ولكن الشيطان نظر إلى آدم فرآه يحمل اللون اﻷبيض فظن أن هذا اللون هو لون واحد مثله مثل جميع الألوان اﻷخرى ولم يكن يعلم أن اللون اﻷبيض هو لون مركب يتألف من جميع اﻷلوان لذلك رفض الشيطان السجود لشخص لا يملك شيئا أكثر منه ، لذلك تمرد ورفض تنفيذ أمر الله. من هذا المعنى ظهرت كلمة شيطان أي المتمرد على أوامر الله.

كلمة ( إبليس ) يعتقد بأنه إسم من أصل يوناني Διαβολος ومعناها المفتري ولكن البعض يؤكد أن أصلها عربي من فعل ( بلس ) ومعناها خدع ، وأنا أوافق رأي الفئة الثانية ﻷن لفظ إسم (شيطان ) باللغة اليونانية يختلف نهائيا عن لفظ كلمة ( إبليس ) ،فهي تلفظ بهذا الشكل ( ذيافولوس )، حيث حرف الفاء هنا هو حرف V اﻹنكليزي، مهما يكن فصفة اﻹفتراء كما هي في اللغة اليونانية ، هي أيضا من صفات روح السوء ولكن صفة الخداع كما تعبر عنه في اللغة العربية فهي من صميم صفات روح السوء ، فخداع روح السوء مشابه لخداع المخدرات تماما ، فتعاطي المخدرات في البداية يجعل اﻹنسان يشعر بنشاط وقوة جسدية وثقة كبيرة بالنفس ، فيظن اﻹنسان أنه قد تغلب على جميع نقاط ضعفه و أصبح شخص آخر له قوة ونفوذ، ولكن مع اﻹدمان عليها شيئا فشيء يصبح اﻹنسان عبدا لها ولا يستطيع العيش من دونها ولكي يؤمن جرعته منها قد تجعله يقدم على فعل أبشع الجرائم ،ومع الزمن بسبب إدمانه عليها يثقل لسانه فيتلعثم في كلامه ويتشتت فكره وتنهار صحته وتؤدي به إلى ما يسمى اﻹنتحار البطيء لتقضي عليه نهائيا في اﻷخير ، هكذا هي تماما روح السوء تخدع اﻹنسان وتجعله في البداية يشعر بالسعادة وهو يحقق جميع رغبات غرائزه الحيوانية ولكنه في النهاية يخسر اﻵخرة ويخسر معها كل شيء روحي جميل، فحياة الدنيا في الحقيقة هي لحظة بسيطة من الحياة اﻷبدية.

معظم الديانات القديمة تذكر بأنه هناك قوتان عالميتان روح الخير وروح الشر وأنه يوجد صراع أزلي بينهما ، وهناك فئة مسيحية في أوربا في القرون الوسطى كانت قد إنشقت عن الدين المسيحي وراحت تعبد الشيطان ﻷنه حسب رأيهم أن الله هو إله السماء والشيطان هو إله اﻷرض وأنه في تلك الفترة كان الشيطان قد إنتصر على الله إله روح الخير لذلك فضلوا عبادة الشيطان إله اﻷرض المنتصر والقريب منهم بدلا من عبادة إله السماء الخاسر والبعيد عنهم ، وللأسف الفهم السطحي لتعاليم آيات الكتب المقدسة جعل الناس تظن بأن هذا الصراع يحصل بين الشيطان من طرف والله عز وجل من الطرف اﻵخر، ولكن هذا خطأ فادح ، فهل من المعقول أن يدخل الله خالق كل شيء في صراع أبدي مع أحد مخلوقاته الضعيفة ؟ للأسف هذا اﻹعتقاد دفع الكثير من المثقفين في العالم وخاصة الدول الغربية في اﻹبتعاد عن ديانتهم وإتهام الكتب المقدسة بإنها ليست إلا قصص خرافية ليس لها اي صحة علمية ، فهؤلاء يبنون أفكارهم إعتمادا على تطور الكون ، فالكون حسب نظرية اﻹنفجار الكبير الذي حدث قبل ( 14 مليار سنة ) كان حجمه في البداية أصغر بكثير من حجم ثقب اﻹبرة ، فأين كان الله في ذلك الوقت؟ في داخل هذا الثقب اﻷسود أم خارجه ؟ 

هنا لابد أن نوضح أن آدم وحواء والشيطان لم يخرجوا من الجنة كجسد ولكن كروح و هذه الأرواح مجتمعة هي التي شكلت الثقب اﻷسود البدائي فطرد اﻹنسان من الجنة هو رمز يعني تفكك الروح إلى أصغر أجزائها ﻷن روح آدم التي نفخها الله فيه كانت روح مركبة وليست بسيطة كما هي عند الملائكة ، لذلك نقرأ في اﻵية 286 من سورة البقرة ( لايكلف الله نفسا إلا وسعها لها ماكسبت وعليها ما إكتسبت. ..) فمن هذه اﻷرواح حدث اﻹنفجار الكبير وولد الكون، ومن هذه اﻷرواح أيضا تكونت جميع مكونات هذا الكون ، وكما تذكر اﻵية القرآنية (...إهبطوا بعضكم لبعض عدو. ..)فالصراع الذي يحدث في هذا الكون هو بين روح آدم وحواء من طرف و روح الشيطان من الطرف الآخر. حيث روح آدم وحواء هي ذلك الجزء من روح الله الذي نفخه في آدم قبل أن ينقسم إلى آدم وحواء ، وهي التي تشكل روح الخير العالمية والتي قامت بتكوين جميع محتويات الكون وهي أيضا المسؤولة عن جميع الخطوات التي حصلت في التطور المادي والروحي والذي أدى إلى ولادة الذرات والنجوم والمجرات والكائنات الحية والتي سمحت للإنسان بالولادة من جديد لكي يتطور هو اﻵخر ويتخلص من الشوائب ليصل إلى الكمال الروحي والجسدي فيستطيع العودة إلى الجنة وطنه اﻷم ، أما روح الشيطان فهي روح السوء العالمية التي تحاول عرقلة التطور لتمنع وصول اﻹنسان إلى الكمال ليبقى إلى اﻷبد خارج الجنة . فكما قلنا الصراع يحدث بين روح الشيطان وروح آدم وحواء. أما الله عز وجل خالق كل شيء فهو خارج هذا الكون ﻷن قوانين هذا الكون هي أبسط بكثير من أن تستطيع إحتواء الله عز وجل داخله. ( موضوع روح الخير العالمية سنتحدث عنها بالتفصيل في مقالة مقبلة إن شاء الله )

اﻵن لنأتي إلى الجيل الثاني من روح السوء العالمية ، والمقصود بها هي تلك الروح المرتبطة بسلوك اﻹنسان وعلى المستوى اﻹنساني ، فروح الخير الكونية أصبحت خليفة الله في داخل الكون كما تقول اﻵية القرآنية ( إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في اﻷرض خليفة....) وﻷن هذه الروح هي جزء من روح الله عز وجل ولها طبيعة مركبة لذلك إستطاعت هي اﻷخرى ولادة اﻷنبياء ليكونوا هم أيضا خليفة لها بين الناس، وبنفس الطريقة حاولت روح السوء العالمية أن تصنع لها أيضا خليفة ، ولكن وبسبب أن طبيعة روح الشيطان بسيطة غير مركبة لذلك فهي غير قادرة على الخلق كما هو في روح الخير العالمية لذلك إستخدمت جزءها الموجود أيضا في تركيب اﻹنسان والمسؤول عن الغرائز ليعمل في خدمتها ويحقق لها أهدافها. لتوضيح هذه الفكرة بشكل أفضل سنحاول أولا شرح رمز روح السوء المذكور في الديانة المسيحية :

اﻵية 18 من اﻹصحاح 13 في سفر رؤيا يوحنا اللهوتي تذكر ( هنا الحكمة. من له فهم فليحسب عدد الوحش فإنه عدد إنسان. وعدده ستمئة وستة وستون ) هذه اﻵية كما هي مكتوبة هنا قد تبدو لكثير من الباحثين وكأنها تعارض نفسها فالعدد (666) يظهر فجأة بدون أن يكون هناك علاقة بين إستخدام الحكمة وبين التفكير العلمي ليستطيع الباحث أن يصل إلى فهم العلاقة بين الوحش والعدد (666) .لذلك هذه اﻵية لم تأخذ إهتمام الباحثين وكثير منهم إعتبروا أن سفر رؤيا يوحنا ليس إلا تهيئات خرافية ﻷن يوحنا تلميذ يسوع عليه الصلاة والسلام عندما كتب هذا السفر كان قد بلغ من العمر أكثر من التسعين عاما ،وللأسف هذا الرأي يؤمن به بعض رجال الدين المسيحيين أيضا. لذلك فمن الطبيعي أن يرفض رجال الدين اﻹسلامي هذه اﻵية فحسب رأيهم أن الكتب المقدسة المسيحية قد تم تحريفها. ولكن تعالوا هنا نبحث برؤية شاملة في هذه الآية. فعندما كتب القديس يوحنا هذا السفر كان منفيا في جزيرة باتموس في اليونان ، ومن المعروف أن جميع الكتب المقدسة للعهد الحديث (كتب الديانة المسيحية ) المعترف بها قد تم ترجمتها من اللغة اليونانية لذلك اللغة اليونانية تعتبر هي اللغة اﻷم للكتب المقدسة المسيحية ، فهذه الآية مكتوبة بنفس الطريقة في جميع اللغات ، ماعدا في اللغة اليونانية ، في سفر رؤيا يوحنا اللهوتي النسخة اليونانية نجد أن الجملة اﻷخيرة من اﻵية مكتوبة بهذا الشكل "...... فإنه عدد إنسان وعدده هو χξς (ستمئة وستة وستون) " فكما يظهر هنا هو أن العدد (ستمئة وستة وستون ) لم يكن موجود في النسخة اﻷصلية ولكن تم كتابته فيما بعد لتفسر معنى اﻷحرف χξς ، لذلك مع إضافة هذه اﻷحرف اليونانية إلى نص اﻵية أصبح هناك ترابط كامل بين عباراتها. فاﻵية تبدأ بالعبارة ( هنا الحكمة ) والحكمة في اللغة اليونانية هي الفلسفة ، وكثير من فلاسفة تلك الفترة كانوا من المدرسة الفيثاغورية والتي كانت تؤمن بأن الله يستخدم اﻷرقام في خلق اﻷشياء وفهم هذه العلاقات الرقمية في الشيء يمكن تفسير الحكمة اﻹلهية في سبب وجود هذا الشيء، لذلك كانوا يستخدمون ( القابالا اليونانية ) والتي تقول بأن أسماء اﻷشياء ليست صدفة ولكن تم تصميمها على نظام رقمي يساعد على فهم المعنى الروحي للشيء ، فكل حرف له قيمة رقمية ،ومجموع قيم أحرف الكلمة يعطي القيمة الرقمية للكلمة.فإذا إعتمدنا هذه الفكرة وطبقناها على أحرف رمز روح السوء ( المسيح المزيف ) سنجد أن الحرف اﻷول (χ=600) أما الثاني (ξ=60) فالمجموع هنا هو (660) أي الحرف الثالث يجب أن يساوي (6) لنحصل على العدد (666) ولكن الحرف ς هو الحرف (س) وقيمته الرقمية تعادل (200) أي المجموع يعادل (860) وليس (666) ولكن في تلك الفترة كان الحرف (ς) يكتب بشكله اللاتيني( C ) لذلك هذا الحرف اليوم يكتب كحرف صغير بهذا الشكل( σ) وكما نرى له شكل رقم (6)،فالجزء الثالث من رمز روح السوء ليس حرفا يونانيا ولكنه رقم عربي (χξ6) ، فرمز روح السوء كما كتبه القديس يوحنا ﻷول مرة كان يتألف من حرفين يونانيين (χξ) ورقم عربي (6)، ولكن مع مرور الزمن ومحاربة الكنيسة للفلاسفة الفيثاغوريين تم نسيان معاني الرمز وتحول إلى ثلاثة أحرف يونانية. لذلك فإن ظهور اﻹسلام وتأكيده على وجود تحريف في الكتب المقدسة المسيحية لم يكن هدفه حذف الدين المسيحي من الوجود ولكن المساعدة في إظهار حقيقته كما كان في بدايته ،فبدون فهم الرمز (666) لن نستطيع فهم الحقيقة الكاملة لمعنى روح السوء

إذا نظرنا إلى الرقم (6) نجده وكأنه يرمز إلى علامة تشير نحو اﻷسفل. فالدائرة تمثل رأس والخط يمثل الجسم أي له شكل إنسان في وضعية معكوسة رأسه إلى اﻷسفل و قدماه إلى اﻷعلى. فرمز روح السوء هنا والذي يتألف من ثلاثة أشخاص أجسامهم تتجه نحو اﻷسفل له معنى التطور العكسي للحياة ، فالحياة تطورت على ثلاث مستويات ( مائية ، برية ، جوية ) وهدف روح السوء هو منع تطور الحياة لتعود إلى أصلها المادي قبل ظهور الحياة. فشكل الرمز (666) يشبه شكل جسم الحشرة (كما توضح الصورة ) ، فالحشرات هي رمز لتلك الكائنات الحية التي تطورت على عجلة ولم تتريث لتأخذ كل صفة بشكلها اﻷصلي ،لذلك نجد أن الحشرات ظهرت بشكل سريع في سلم التطور فهي ظهرت قبل أكثر من 400 مليون عام وظلت على حالها دون أي تغيير كبيرفي طبيعتها ، لذلك نجد أن بعض أنواع الحشرات قد إستطاعت تكوين حياة إجتماعية كالنمل مثلا ولكن منطق هذه مجتمعات الحشرية هدفه هو تأمين الحاجات المادية فقط لا أكثر ، فروح السوء هدفها هو أن تجعل اﻹنسان يعيش حياة مادية كالنمل يفكر فقط في تحقيق حاجاته الجسدية و رغبات غرائزه دون أن يعطي أي أهمية لعواطفه السامية، وفي الديانة اليهودية أيضا نجد بأن روح السوء ( بعلزبول ) تمثل ملك الذباب. فأتباع روح السوء هم في الحقيقة من نوعية ( اﻹنسان الحشرة ) الذي بدلا من أن يحمل معه أثناء نموه الصفات الحميدة النظيفة يحمل الصفات الخبيثة القذرة. ويعيش على ممتلكات اﻵخرين كالبعوض الذي يمص دماء الإنسان وهو نائم، لذلك يذكر الله في اﻵية القرآنية ( إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها... ) وليس من الصدفة أن الشيطان تم تمثيله بشكل إنسان يحمل قرنين في رأسه والمقصود بالقرن هنا هو قرن اﻹستشعار كما هو في الحشرات

المعنى اﻵخر للرمز (666) هو الظلام ،فالضوء اﻷبيض هو أساس الحياة وبدونه لا يمكن أن تظهر الحياة ،وكما ذكرنا الضوء اﻷبيض يتألف من ثلاثة ألوان رئيسية وهي اﻷحمر واﻷخضر واﻷزرق ، ومع إتحادها يتشكل الضوء اﻷبيض، لذلك روح السوء (666) تختلف عن روح الشيطان ،ﻷن روح الشيطان كما ذكرنا تتألف من لون واحد ولكن روح السوء (666) تتألف من ثلاثة ألوان مثل روح الخير ولكنها ألوان مادية مثلها مثل ألوان الرسم وليست ألوان ضوء، فإذا أخذنا ألوان رسم (أحمر ، أخضر، أزرق ) ومزجناها ببعضها البعض لن نحصل على اللون اﻷبيض كما يحدث في ألوان الضوء ولكننا سنحصل على لون قاتم مشابه للون اﻷسود. لذلك الشيطان يعتبر من اللون اﻷحمر لون النار ولكن روح السوء (666) فهي تبدو وكأنها تتألف من ألوان مختلفة ولكنه في الحقيقة هو رمز للظلام والذي يعني الموت والفناء اﻷبدي.

روح السوء (666) هي رمز المسيح الدجال ، فعيسى عليه الصلاة والسلام كانت تعاليمه المحبة والسلام ،أما المسيح الدجال (666) فهو يقوم بتقوية حب القتل والعنف في الناس لتظهر العداوة والبغضاء بين الناس والشعوب ،لذلك اﻵية التي تذكر هذا الرمز موجودة في اﻹصحاح الذي يحمل الرقم 13 هذا الرقم هو القيمة الرقمية للكلمة اليونانية (βια) وتعني عنف، وحشية. أما رقم اﻵية 18 فهو يمثل رمز روح الخير العالمية ،لذلك فالرمز (666) هو في الحقيقة ليس إلا تحطيم الرقم 18 إلى ثلاثة أجزاء أي ثلاث مرات الرقم (6) ، حيث الرمز 18 يحمل معنى ( العفة والسلام ) لذلك فمن أهم أهداف روح السوء أيضا هو نشر اﻹباحة الجنسية في المجتمع لتأخذ العلاقة الجنسية شكلها الحيواني. ( مع شرح روح الخير العالمية إن شاء الله سنشرح الرمز 18 )

المسيح المزيف في الدين اﻹسلامي يحمل الرمز ( اﻷعور الدجال ) والمقصود هنا ليس معناه الحرفي ولكن معناه الروحي ، فالله عز وجل وهب اﻹنسان عينين ، هذا الرقم ( إثنان ) ليس صدفة ، وإنما له معنى روحي ، أي وجود نوعان من الرؤية ، رؤية مادية وهدفها تأمين الحاجات المادية ،ورؤية روحية هدفها تأمين الحاجات الروحية، فالرؤية المادية هي التي ترى الشكل أما الروحية فهي التي ترى المضمون ،لذلك للوصول إلى الحقيقة الكاملة للشيء ، لا بد من إستخدام الرؤيتين الروحية والمادية لنحصل على رؤية شاملة للشيء ، المسيح الدجال لا يملك الرؤية الروحية لذلك فهو لا يرى روح اﻷشياء ليفهم مضمونها ، لهذا السبب سمي بالأعور الدجال ﻷنه يرى برؤية واحدة فقط وهي الرؤية المادية. لذلك فأتباع أعور الدجال لا يستطيعون الشعور بروح اﻷشياء ، لذلك طبيعة حياتهم وأهدافهم كانت كما ذكرناها عن اﻹنسان الحشرة ، فكل إنسان هو من بني آدم وحواء وعندما يولد يرى في البداية لما حوله برؤية روحية، ثم يكتسب شيئا فشيء الرؤية المادية ، ويجب عليه أن يستخدم الرؤيتين في الحكم على اﻷشياء ، ولكن إذا فقد الرؤية الروحية بشكل مبكر وإعتمد فقط على الرؤية المادية في فهم ما يجري حوله عندها يتحول إلى إنسان أعمى روحيا (إنسان حشري) من أتباع أعور الدجال، فيفهم آيات الكتب المقدسة فهما ببغائي كما عبر عنه القرآن الكريم في اﻵية القرآنية ( لا يسمن ولا يغني عن جوع ) ويتحول إيمانه إلى إيمان مدمر يجلب المآسي والشقاء للمجتمع كما عبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصف الخوارج

اليوم وبسبب سيطرة المنهج العلمي المادي للأسف نعيش في عصر غريب من نوعه، فكل شخص يؤمن بصحة أفكاره إيمان أعمى لا يسمع ﻷحد، ولا يستطيع أحد أن يثبت له خطأ فكرته أو سلوكه. لذلك نرى ظهور فئات متناقضة في معظم المجتمعات حيث كل فئة تحاول أن تضع قوانينها في المجتمع وبسبب تعدد وتناقض هذه الفئات نجد المجتمع قد تحول إلى ما يشابه مجتمعات الغاب. فبعد أكثر من 5000 آلاف عام من ظهور الكتابة والعلوم والحضارات وبدلا من أن يتعاون العلماء لتحديد معنى روح السوء لمحاربتها ومنعها من التغلغل في نفوس الناس ، نجد اﻹباحة الجنسية في الدول الغربية قد وصلت إلى مرحلة تجعل الفتاة عندما تصل إلى سن الـ (14-15) تخجل من أن تقول عن نفسها عذراء ﻷن هذه الصفة اليوم أصبحت صفة قبيحة ،و في الكثير من مدن الدول المتقدمة نجد عشرات آلاف المشردين الذين يعيشون دون عمل ودون مأوى يبحثون في سلات القمامة عن لقمة طعام يملؤون بها معدتهم الفارغة ، ملايين النازحين الذين هربوا من بيوتهم، يعيشون في مخيمات تحت البرد والمطر والرياح العاصفة بسبب الحروب التي تعيشها بلادهم. ملايين اﻷطفال في الدول الفقيرة تموت بسبب الجوع واﻷمراض، ملايين الشبان لم يعد يهمهم إذا كان الله موجودا أو غير موجود ،اللامبالاة تسيطر على جميع سلوكهم ،المخدرات بدأت تدخل المدارس ، العنف والقتل أيضا دخل المدارس ، فالمدارس اليوم لم تعد دُور نشر النور وتعليم اﻷخلاق ، ولكنها دُور تعلم المنطق المادي في كل المواد حتى الدروس الدينية أصبحت خالية من نور الله

إحدى المنظمات التي تدعو إلى عبادة الشيطان والتي ظهرت في النصف اﻷول من القرن العشرين ،وضعت قانون يسمى ( قانون كراولي ) يذكر فيه الحقوق التي يجب أن يحصل عليها كل إنسان ،وهي :

1- لكل إنسان الحق بأن يعيش كما يريد، ويلهو كما يريد ، ويرتاح كما يريد ويأكل كما يريد ويشرب ما يريد

2- لكل إنسان الحق بأن يموت متى يريد وكما يريد 

3- لكل إنسان الحق بأن يفكر كما يريد ويتكلم كما يريد 

4- لكل إنسان الحق بأن يمارس الجنس مع من يريد وكما يريد 

إذا بحثنا في مواضيع اﻷعمال الفنية ( أفلام سينمائية ، وروايات، وأغاني. . ) التي تظهر كل فترة وفترة نجد أن الكثير منها يعتمد على تلك القوانين الموجودة في ( قانون كراولي) التي ذكرناها أعلاه. وهذا ما جعل سلوك شباب اليوم وخاصة في الدول الغربية مطابق تماما لهذه القوانين ، حيث سلوكهم لا يتوقف لا على مبادئ ولاعلى قيم ولا على أخلاق، ديمقراطية مطلقة مزيفة في كل شيء ، هدفها تدمير كل شيء إكتسبه اﻹنسان في مسيرته الحضارية التي دامت أكثر من 5000 عام.

روح السوء اليوم هي التي تحكم العالم لذلك وصلت اﻹنسانية إلى أسفل السافلين ،ولكن روح الله موجودة وستظهر لتتدخل إن شاء الله قريبا ، لتعلن عن وجودها وليعلم كل إنسان صالح أو طالح أن الفوز سيكون دوما لصالح روح الخير ، هكذا هي سنة الله في الخلق التطور سيستمر إلى اﻷمام ولو كره الكافرون.