سماسرة الجن

معمر حبار

تُعرفُ الأمم والشعوب، من خلال الطريقة التي تواجه بها، ماتتعرّض لها من نوائب الدهر في حياتها اليومية، وبالطريقة التي يتعلّم فيها أبناءها، كيفية مواجهة ومعالجة مايواجهونه في حياتهم، وعلى إثرها يكون البقاء أو الفناء، لهذا المجتمع أو ذاك.

يقول المفكر، مالك بن نبي ، رحمة الله عليه، أن الصينيين يعلّمون أبنائهم، أنّ جدّهم يونغ، كان يحوّل الجبال، فيتربى الصيني على الإقدام، ومواجهة المخاطر، والصعاب، ورفع الجبال.

منذ عشرة أيام، شهدت الثانوية الجديدة، أحمد كتروسي، حالة من الهلع والفزع، بسبب إغماءات أصابت المراهقين، والمراهقات من تلاميذ الثانوية. وحين عُرض الأمر على الأطباء، والمختصين في علم النفس، قالوا بلسان واحد، إن الأمر عادي جدا، ولا داعي للقلق، لأنه لايوجد مرض عضوي، أو علة خطيرة.

لكن سماسرة الجن، تلقفوا الخبر بلهفة، واستغلوا دموع الأولياء، وبراءة التلاميذ، وأشاعوا أن الثانوية أصابها جن، فهي فرصة ثمينة، للعبث بجغرافية العذارى.

إن الإيمان بالجن من أركان الدين، لكن استغلال الجن في العرش والفرش والكرش، هو تقويض للدين، وهدم لأركانه.

رحم الله الأمة الإسلامية، حينما كانت منشغلة بالطب، والفلك، والرياضيات، والفقه، و الفتوحات، كانت إنجازاتها تسبقها، وانتصاراتها في ميادين شتى تخبر عنها، وكانت الأمم تضرب لها أكباد الإبل، لتنصت، وتستمع.

وحين أصابها داء الأولين والآخرين من الأمم، واستبدلت الذي أدنى بالذي هو خير، ولّت وجهها شطر الأسهل.. فالهزائم سببها الجن، والفساد من وراءه جن، والرشوة استلمها جن، والمغتصب جان، والجن أغرق السفينة وفجّر الطائرة، والقاضي يتحدث مع الجن، ليعرف مكان الوديعة المسروقة، والجن من وراء عدم تأهل الرياضيين.

بعدما زار الفضاء سنة 2001، ذكر الملياردير الأمريكي دينيس تيتو، أنه سيزور كوكب المريخ في رحلة سياحية سنة 2018، وسيكون عمره حينها 77 سنة. بينما شباب العرب، يمنعهم الجن من الذهاب إلى الثانوية.

ومنذ يومين، ذكر علماء النازا، أنهم بصدد البحث عن معادن بديلة في كوكب المريخ. والبارحة، يقول أحد علماء استراليا، أنه يحاول استخراج معادن من القمر عن بعد. وفي نفس اليوم، يقول الابن لأبيه، أن أستاذة الجغرافيا، ذكرت لهم، أن الصعود إلى القمر، كذبة وخرافة .. لأن الجن، يمنع كل صاعد إلى القمر، مابالك بالصعود إلى المريخ. وبهذا التلقين، تضيع معادن الحجر، وتفسد معادن البشر.