برق في السماء ، برق في دورا

برق في السماء ، برق في دورا

إبراهيم جوهر - القدس

أيلول هذا الذي يمضي ذاكرته ممهورة بالدم ، والسواد ، والغبار ، والحزن ، والحنين .

أيلول يمضي إلى مبتغاه ؛ يتركنا ويمضي . أحمل في جعبتي لأيلول ذكريات من فرح ، وألم يحضر حين يحضر.

ليلتي الفائتة بدأت بالنوم عند الثامنة ؛ لم أستطع مقاومة سلطان التعب والنوم . تعبت فكان نومي باكرا .

لم أعد أحتمل الإرهاق والتعب . الهموم ، والأفكار والمهمات تتراكم . الهمة عالية والطموح مثلها لكن الجسد لا يوازيهما تحمّلا .

صباحا ألقيت نظرة اطمئنان على جارتي الحمامة الراقدة . فقس لها فرخان صغيران ما زالت تقيم عندهما ترعاهما وتدفئهما ؛ ما سرّ البيضتين المنقولتين ؟ ما زال السر غامضا .

كل الأسرار غامضة إلى أن تكشف ستائرها .

هل أسرارنا كلها غامضة ؟ هل لنا أسرار ؟

أذواقنا مختلفة ، متفاوتة . أدري هذا وأقر بوجوده ، وأفهم أسبابه . لكن المشترك المتكوّن من أرضية الانتماء وتوقّع الغاية هو المختلف ! حين نحكم على أمر ما علينا تفحّص أثرها ، وفهم سرها .

(القدس) وما يقدّم لها ، وعنها ، هو المحرك لما أقول هنا .

(ما عليّ إن لم يفهم البشر ؟!!)

الذات حين تذوب في الجماعة أيضا تظل متفردة . فرادتها وفردانيتها لا تلغي انتماءها ، وحرصها ، وتوقها العام الجمعي . العلاقة جدلية تؤثر وتتأثر .

أحيانا أجد قلمي مدفوعا لينظّر توضيحا ، وتأصيلا .

حسنا . هي الحياة باختلاف فهمها .(هي أفكار الصباح التي تحضر دون استئذان ؛ ربما لتوضيح حكم سابق ، أو جلاء موقف ...) .

بعيد الظهر توجهنا إلى الخليل (جبال الخليل) وإلى (دورا) بالتحديد؛ بلد الشهداء والأدباء والأصالة . بصحبة الشاعر رفعت زيتون والكاتب جميل السلحوت والكاتبة رانا دعنا .

كانت (دينمو الندوة الثقافية في الخليل ) الكاتبة (خولة سالم) قد نسقت للقاء القدس والخليل .

في اللقاء بنينا وطنا من جمال ، وأحلام ، ولغة . وطن  الصدق ، والأصالة ، والشفافية .

رحبوا بأبناء القدس القادمين إلى بلد العنب والأصالة . الشهيد (باجس أبو عطوان) كان حاضرا بيننا هذه الأمسية ، والشهيد (ماجد أبو شرار) والشهداء الذين ازدحمت بهم الطرقات ، والشعراء والفنانون الذين حضرت أرواحهم ( يوسف الخطيب) كان معنا . هنا ملتقى كل الصدق والصادقين .

الكاتبة الشابة (اعتدال غنام) قدّمت اللقاء بكلمات معدّة بحرص وإتقان .

كلمات قيلت لأقلام متشوقة للجمال والحقيقة .شاعرات وشعراء ، كاتبات وكتّاب همهم الأساس نقل لغة الروح ؛ فؤاد عبيدو ، أسيل تلاحمة ،أمير ،ياسمين الحداد ،رشاد العرب ،أمين خلاف ،سمية أبو رموز ، مسلم سدر ...جميعهم أضاؤوا ليل دورا والخليل .

في طريق عودتنا إلى القدس بدأ البرق يلمع ويضيء في السماء بأشكال متعرجة .

هذا المساء لمعت بروق الجمال والكلام الصادق في دورا .