ما زالت الحياة تستهويك

فراس حج محمد /فلسطين

[email protected]

ما زال الصباح جميلا مشرقا بالأمل، لأننا ما زلنا أحياء، نستطيع صناعة الفرح، مهما استبد بنا الضعف وملكنا الحزن. إن الحياة لها طعم يستهويك!

هكذا تبدو الحياة لمن أراد أن يعيش ولمن أدرك أنها نعمة من الله سبحانه وتعالى، وعلى الإنسان أن يقاوم ويقاوم بكل ما أوتي من عزم وصلابة أي عنصر من عناصر الخواء، التي تزحف إلى كيانه لتدمره، وتجعله صحراء قاحلة، لا يرى حقا ولا ينكر باطلا، ولا تعنيه الدنيا بشيء، إن هذا الإنسان لهو مستهتر بالوقت وبعمره، وكافر بنعمة الله، فما هو العمر إذن إن لم يكن هو مجموع الدقائق والثواني؟

دَقّاتُ قَلبِ المَرءِ قائِلَةٌ لَهُ

إِنَّ الحَياةَ دَقائِقٌ وَثَواني

تتبدل مشاعرنا وإحساساتنا كل يوم وكل ثانية، مرة نصاب بحزن عميق شامل، ومرة سعداء سعادة غامرة، ولا نستطيع أحيانا إلا الاستسلام لما يسيطر علينا من ندم أو ضعف قاتل، ولكن ما إن نبدأ يوما جديدا، لا بد من أن نهيئ أنفسنا لمشاعر جديدة مفعمة بالأمل الزاهي، شئنا ذلك أم أبيناه!!

انظر إلى وردة في بستان بيتكم، انظر إلى شجرة يهفهف أغصانها ريح خفيفة فتداعبها برومانسية الطبيعة الجميلة، انظر إلى العصافير، واستمع لغنائها الصب الشجي، لا تجعلها فقط مثيرة لأشجانك وأشواقك، بل اجعلها نغما يأمل أن يعزف راقصا على أوتار قلب ممتلئ بالمحبة والشوق لأحبابه.

انظر إلى وجه طفل صغير، واكتشف طفل روحك، ابحث عن براءة الخالق في أعماقك، فمهما امتلكت من أفكار أو أحقاد أو أحزان، إلا أن طفلك الخبيء في الروح ما زال حيا، لا تقتله بالإهمال، أعطيه جزءا من عنايتك، استمع لما يقوله لك، فكلام الأطفال أبلغ أحيانا من كلام الرجال، لأنه بسيط حتى العمق، وواضح حتى الغموض، وشفاف حتى الكثافة المكتنزة بالمعاني التي تعجز الأدباء والمفكرين.

انظر وتأمل سطر شعر كتب على حائط الحياة، يراك فيه، فَأَرِ نفسك في الحياة جميلا، مازجا أبهاها مع أقبحها، أبسطها مع أعمقها، مرها مع عسلها، رياحها مع سكونها، لأن الحياة ببساطة مطلقة هكذا، ولكن لا تتخلى عن أحلامك العليا، وأشواقك المبرّحة، فكن منها على مسافة القلب النابض بالشوق المحب للحياة المنتظر بلا كلل أو ملل أن يكون الزمان القادم أجمل، فالحياة فرصتنا الثمينة لنكون السعداء، فما نتيجة شقائنا غير الشقاء، لا فائدة من الحزن، والعاقل من اغتنم الفرصة، ولم يضيعها، فالحياة لا تنتظرنا، إن نحن بقينا نراوح مكاننا سيتجاوزنا قطارها ونظل قابعين في محطة الزمن حتى نتقوس من الحنين، ونشقى على إضاعة أجمل السنين.

لا بد من الأمل وقليل من الحلم لتكون الحياة جديرة بأن نحبها ونحب من فيها، كما يجب أن نحبهم، لن نبدل ولن نغير من أمر قلوبنا شيئا، سكنوا الخاطر ولن يرحلوا، ونحن مقيمون حياتنا في انتظار عودتهم إلى حمى الروح والنفس والهوى.

هكذا هي الحياة، ولكنها مع كل ما فيها من نتوءات وإن قست لا بد أن نتشبث بها، فنحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا، فلا بد أن يشرق الصباح ليعاود البشر ترميم أحلامهم من جديد!!