خيط الإبداع.. بين الواقع والحلم

نور زنجير

قيل : " نستقل نحن العرب دائما بالأحلام أيا كان نوعها و حجمها ، و لربما يكون الواقع العربي هو المسئول عن عمليات الاغتيال هذه ، إلا أن كل أمة عظيمة وكل شخص عظيم سطر اسمه بحروف من ذهب على صفحات التاريخ كان حالما قبل أي شيء آخر ، فحلم الإنسان يصنع حقيقته و ليس العكس ".

فعلآ ، فلو لاحظنا المجتمع العربي فإننا نراه يعيش في الواقع .. الواقع فقط ، و إن رأيت أحدهم يسأل الأطفال عن أحلامهم ، وكان حلم أحد الأطفال غريبا ..لرأيت الآخرين استهزؤوا به ، و حتى بعض الشباب ، فإن كان لأحدهم حلم فريد ، فإنه إما أن يبقيه حبيسآ في داخل أسوار عقله و إما أن يتخلى عنه .. لمجرد أنه حلم ، فكيف له أن يتحقق؟ وكيف له أن ينفعه؟ وكيف له أن يدر عليه المال؟ ،بل إن بعض الشباب يخشى من البوح بأحلامه إما مخافة السخرية ، أو مخافة التحطيم ، أو مخافة السلطة ،أو المشكلات و التبعات السياسية .

" ففي المجتمعات العربية يندر أن تجد من يقول لك أنت ناجح ، ولكن من السهل أن تجد من يقول أنت مخطئ " و هذا أحد أسباب التراجع العربي ولذلك لايشعر غالبية المبدعين في تلك المجتمعات بالأمان المعرفي .

إننا و للأسف نعيش واقعا مغايرآ لما عشناه سابقا ، ونتيجة لكبت و تحطيم تلك الأحلام ، و العيش في إطار الواقع و حدود الملموس ، وتحت رحمة المادة التي طغت وبشكل مخيف على تفكير الجميع ، إلا من رحم ربي ، نتيجة لكل ذلك ، تركنا أحلامنا و تطلعاتنا ، وتمسكنا بالمادة و الواقع و اكتفينا بالتفكير ب ماذا أريد أن آكل ؟ و أين أريد أن أسكن ؟ و أي سيارة أحب؟

قد يقول البعض أن هذه هي المتطلبات الأساسية في الحياة ، فكيف لنا أن نتخلى عنها ؟ . و هنا أكتفي بالرد بأنه من الضروري تأمين المعيشة الكريمة ، لكنه من الضروري أيضآ الارتقاء بمستوى التفكير . ربنا لا تجعل الدنيا أكبر همنا ..

لذلك استمر واستدام زمن الإنحطاط في عالمنا العربي ، وتغلغل تقليد الغرب في أعماق الفكر العربي . 

و نتيجة لهذا التفكير وذاك ، ونتيجة لتحطيم الأحلام وقتل الإبداع ، ونتيجة للعيش في إطار المادية ، ونتيجة لتفشي الاستبداد ، وصلت أمة العرب إلى هذا الحال.