زهرة الأقحوان في يوم الجميلة

زهرة الأقحوان في يوم الجميلة

إبراهيم جوهر - القدس 

هذا هو اليوم الأكثر شهرة بين الأيام في دنيا السياسة المحلية ؛ إنه اليوم ( المدلل ) الذي يذكر في السياسة والإعلام . في الذكريات والأمسيات . في الحكايات والقصص . في الصحو والمنام . في التعقل والجنون . في الاستشهاد بالأيام التي انقلبت فيها الحياة ، وافترس الوحش الجميلة . في التسلق على النوافذ ، وفي القفز عن  الحواجز ...

الرابع من حزيران !! من لا يعرفه ؟ من لم يسمع به ، وعنه ؟ من لم يقف عنده ؟!!

صباح يوم شهير بل الأكثر شهرة كان صباحي . صباح الحيرة التي أسلمتني لزهرة الاقحوان ...

( كنا نلعب في طفولتنا البريئة بأوراق زهرة الاقحوان البرية ؛ أنجح / لا أنجح ...أو : أمك أبوك ...)

هل أذهب ؟ أم لا أذهب إلى رام الله لتلبية دعوة وزارة الثقافة لتكريم الشاعر ( أحمد دحبور ) ؛ سأذهب / لن أذهب . سأذهب / لن اذهب ....وقرّ القرار على الذهاب ، والحضور والاحتفاء بالشاعر المبدع صاحب ( طائر الوحدات ) و ( حكاية الولد الفلسطيني ) ابن حيفا .

الشاعر المريض وهو يتشافى يستحق التكريم بتنظيم أفضل ، وأشمل .

التكريم في مؤسستنا الثقافية ( رفع عتب ) ! واستباق لحياة تجري إلى مستقر لها ...

كنت آمل أن يكون الاحتفال ثقافيا بمناسبة تستحق التوقف ؛

الرجل نفسه بعطائه وتجربته ،

والرابع من حزيران بحضوره وهمومه ،

والقدس التي كنت آمل وأتوقع أن تحضر ....خاب ظني . عدت مستاء ، نادما على المسافة ، والوقت ، والجهد . معبّأ بالحزن ، والحسرة والألم .

انخفض سقفي ، انخفض كثيرا سقف يومي تعزّيت بحضور الشاعر وعدد من الأصدقاء والمعارف . التقيت عددا ممن لم التق بهم منذ زمن ؛ حسن عبدالله ، حسين الشيوخي ، فيصل قرقطي ، مراد السوداني ، يوسف المحمود ، عبد الكريم خشان ، محمود العطشان ...وانسحبت غاضبا لأنني أريد النشيد مكتملا ، والصورة مؤطرة بما تستحق .

ليتني لم اذهب . ليتني ذهبت لحضور مهرجان ( حركة وطن الطلابية ) في ساحة ( مدرسة دار الطفل العربي ) في الشيخ جراح . المهرجان الطلابي الذي منعتهم إدارة الجامعة العبرية من إقامته كان بعنوان ( وتبقين يا قدس ) .

وتبقين .... ستبقين .

 

اليوم الأكثر شهرة ( حدود الرابع من حزيران ) . اليوم الرابع من حزيران . اليوم تم ( تكريم ) بمستوى لا يليق بوزارة ثقافة لشاعر قدّم للمشروع الثقافي . اليوم عشيّة الذكرى الخامسة والأربعين لافتراس الجميلة ...

أشعر بغضب ، وحزن وحيرة . أشعر بندم وأتوق لفرصة للمراجعة .

ثقافة ، وثقافة ، وثقافة ....؛ تصلني أغنيات من آلات التسجيل مكبّرة الصوت لأفراح أعراس ومناسبات . أتابع الأغاني التي أتوقف عند معاني كلماتها ، وألحانها ، ومعنى الإعجاب بها والتمسك بمرافقتها لأفراحنا .

( فاكهاني وبحب الفاكهة ) !! وأخواتها .... ثقافة !

أمس قالت لي صديقتي المتغيّبة عن المشهد ( كاميليا ) : أتابع النظر إلى أحذية السيدات ذات الكعوب العالية ! الحذاء لغة . الحذاء يدل على ثقافة منتعله !

ثقافة ... تصلني من بعد قريب أصوات طلقات رصاص . أقول في سرّي : ليتها تكون تعبيرا عن فرح ولا تكون ( هوشة ) جديدة ...ثقافة .

ثقافة عن ثقافة  تفرق .

اليوم أدرك أن ثقافة ( الأقحوان البلدي ) أبقى ، وأجمل ، وأكثر أصالة ، وصدقا .

لماذا ؟ أسأل نفسي ،  أ لأنها مرتبطة بالأرض التي لا تعرف المجاملة ؟!!!!!