يؤجل الله أمنياتنا ولن ينساها

همسة إيمانية

يؤجل الله أمنياتنا ولن ينساها

فراس حج محمد /فلسطين

[email protected]

مهما طال ليلنا، واشتدت عواصفه، وأجبرتنا الظروف على أن نبكي لفراق من نحب، لا بد من أن يبزغ يوم بفجر جديد محلى بزهور المودة الخالصة، التي تسامت عن كل فعل خبيث، وارتبطت بخالقها التي أحبها وأحبته، فامتحنها ببلاء عظيم، فلا شك بأن المرء يبتلى على قدر دينه، فإذا ما كان في دينه سعة ابتلي ابتلاء يناسب هذه السعة، لن نحزن على ما فات، لأن الأقدار بيد الله سبحانه وتعالى، هو وحده من يبدل من حال إلى حال.

قد نضعف، ونبكي ونحزن ونتألم لأننا بشر، كتلة من المشاعر، ولكن ستظل ثقتنا بالله أكبر من واقع حزننا الذي يكاد يقتلنا، لن نقول إلا كما قال سيدنا يعقوب عليه السلام: "إنما أشكو بثي وحزني إلى الله"، وستكون العاقبة خيرا بإذن الله، فيعقوب عليه السلام فقد أعز أبنائه فصبر واحتسب، وكانت نهاية حزنه أن جمعه الله بأحب أبنائه بعزة وكرامة وانتصار معنوي ومادي، ولم ينفع كيد الكائدين ولا حسد الحاسدين، فمن يكن الله معه لا خوف عليه مطلقا.

ولا شك بأن عاقبة الشر شر أشد، ونهاية الظلم إلى خسران مبين، ولا يبقى غير ما يصلح للبقاء، "وأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"، سنة الله التي لن تتخلف في أي مجتمع بشري ومع أي إنسان، كافرا كان أم مؤمنا، فثقوا بوعد الله، فإن الله لن يخلف وعده لأوليائه، لا يتحقق الفجر ونوره إلا بعد اشتداد الظلمة إلا أقصى درجاتها!!

تأملوا هذه السنة الكونية، لا شك بأنها ذات دلالة عظيمة، فالله سبحانه يعطينا الأدلة الملموسة على أن دوام الظلم والشر والسوء والعذاب من المحال، فالفرج لا يكون إلا بعد الشدة، وكما قال الشعر "ابن النحوي" في قصيدته الراجية:

اشتدي أزمة تنفرجي

قد آذن ليلك بالبلجِ

تعرفوا على الله في الرخاء يتعرف عليكم في الشدة، وربنا وحده هو من يعلم أننا نتقيه بكل أفعالنا وأقوالنا ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، ولا نزكي أنفسنا، ولكننا نعلم من أنفسنا ما لا يعلمه عنا الآخرون، وأخيرا تذكروا قول الله تبارك وتعالى: "إن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا"، فالمنحة آتية على متن المحنة.