القدس والوزارة والليلك

القدس والوزارة والليلك

إبراهيم جوهر - القدس

القدس والوزارة والليلك

أفقت على رائحة الليلك هذا الصباح تعبق في أجواء الحجرة . يبدو أن ليلتي مع الليلك حرمتني متعة مراقبة الفجر والشمس والندى إذ أفقت وقد تسللت الأشعة الباهتة إلى حجرتي وسط الليلك .

كنت مع الليلك . وحدي كنت ، ومعي خيالي وتحليلي وفلسفتي ...

هو السبب في خيال الليلك ؛ صديقي عاشق المياه والطبيعة (جاد دراوشة) الذي أهداني باقة من زهور الليلك ، ثم غاب ، ونمت ، لأفيق على ليلك يملأ الغرفة ، والنفس ، ويصادر بدايات تفتح النهار . قال : أهديك باقة من زهر الليلك برائحة بلادنا. ثم اختفى .

حين التقيته ظهر اليوم قال (جاد) : أرجو أن تكون باقة الليلك قد سرّتك ! وأضاف : أنا أحب الليلك ولا أدري لماذا ...

قلت : هو الغموض ، والجمال ، والشفافية ؛ فيه الرومانسية ، والضياع ، والحيرة ، وعدم التحديد . فيه كل الذي فيه ، إنه نحن باختصار ....

في قريتي الوادعة ، أيام كانت الأرض تنبت عشبها وأشواكها ، أذكر زهر الليلك الذي كنا نلاحقه في نوّار شوك الحمحم . الحمحم نوع من الصبريات الشوكية له زهر ليلكي أخاذ ، وطعم حلو المذاق ، كنا نتسابق في طفولتنا الشقية المحرومة لامتصاص رحيقه الحلو .

ألهذا أحببنا الأرض والطبيعة ، والليلك ؟!!

( يوم أمس في صحيفة " القدس " استعرض الكاتب جميل السلحوت صفحة من شقاء الطفولة والتاريخ والجوع ، وذكر تمر العراق بكل الخير  ؛ " سنة العجوة " يسمونها في بلدي ...)

ليلك المصالحة سيجلب الغصة لمن لم يأخذوا مجالهم في ممارسة متعة الوزارات .

امتلأت الصحف بالتهاني والتبريكات مرفقة بصور شخصية ، وبعض التهاني جاء في أطر مورّدة ...تهاني للوزراء الجديدين !!!

( يا فرحة ما تمّت ...)

إذا قيّض ل ( لعبة ) المصالحة أن تتم حتى نهايتها الجميلة المنتظرة بصدق فلن يفرح الوزراء الجديدون ، وستذهب التهاني المنافقة جميعها إلى الليلك ....

قرأت مقالات تهاجم المسكين (!!) ( أولمرت ) الذي دعا وهو – الأسد الجريح _ إلى تقسيم القدس ....هجوم شنته صحف الليكود ، ورئيس البلدية على الرجل ؛ الديمقراطية المدّعاة لم تحتمل قولا لرئيس حكومة سابق .

ليلك ...

علّق أصدقائي المتابعون ليوميات الغبار والليلك والذهب الصادق . قال الشاعر رفعت زيتون : توقعني بذات الحيرة كل ليلة فلا أدري على ماذا أرد وأعلّق ...

المحامي إبراهيم عبيدات رأى الملعب واسعا ؛ ملعب الكرة ، وتساءل : أين تقع الكرة ؛ بين الجدارين ؟ وأشار إلى تعدد اللاعبين ...

الشاعر محمد ضمرة قال بغيظ : لا أحد يهتم بالقدس إلا من وراء الميكروفونات وأمام الكاميرات .

وأشار الدكتور حسين الصياد إلى كون صلاح الدين فكرة ....وآخرون وأخريات تابعوا القدس وهي تتشكل على شكل كرة من قداسة وحب وذهب ووفاء ...

ليلك ، وفكرة ، وقدس ، وكرة ، وملعب ، ومصالحة غير واضحة ، ونهار ، وغبار ، وكلمات ... وكلمات ... وكلمات ...ودموع ندم ، وخسران ، وأشواك لها زهر الليلك ونكهة السكّر .

هل ما زال الليلك موجودا ؟