همسة حب صباحية (5)

همسة حب صباحية (5)

فراس حج محمد /فلسطين

[email protected]

مجنونة هي الحروف في سيطرتها المربكة على اللغة، وكأنها إكسير المعاني، ترفض أن تبتل بالألم، لتتبتل في مرافئ الحنين، فتبدو كزهرة ندية صافحتها أحلام الوالهين، وجبلتها بعطور من الشوق المبرح.  

تأبى تلك الوارفات من ظلال الشخوص إلا أن تكون في عمق الرؤية واضحة جلية، تستدعي ملامح من غابوا زمنا، هو في عُرف المحبين طويلا، وإن كان يوما واحدا، فتأتي التفاصيل شهية فواحة بجمال ملائكي يرفض إلا أن يكون كما كان متألقا سابحا في أثيريته، مسافرا على متون الروح بأشرعة الشوق، المتجمع كجمرة النار المشبوبة، والتي لا يطفئها إلا الامتزاج والذوب في تشابكات حميمية.

تهدي ولعها بكل نسمة تهب في جنبات حامليها، لتقول بملء رحيقها، ها أنا قد عدت أبهى وأجمل وأمتع مما كنت، محملا بفيض من الذكريات، وجميل الابتسامات، لأفرغها في مساماتك المنتظرة، التي أسهرها العطش للرؤية والحديث.  

تخجل اللغة وتتوارى حروفها التي أثقلها الانتظار، ولا تدري كيف تقول معانيها البهية التي نحتتها السماء، ونثرتها نجوما متلألئة، تساير من تحب في حله وترحاله، لتكون معه في كل محطة ترسو جوارحه فيها، استعدادا للمحطة القادمة، وصولا إلى بر أمان القلوب التي أضناها التشوق، لتتخلص من غصة بلغت مداها في الحرقة والغياب والغربة.

ليس هناك ما هو أجمل من اللقاء، إلا لحظة صمت مثقلة بسيل من معانيها، في تأمل شخص انتظرت غيابه بكل ما لديك مشاعر، تلتهب يوميا، ولا يعوض عن غيابه إلا رؤيته سالما معافى من وعثاء الطريق التي أنهكت سالكيها.

ما البعد إلا قطعة بعذابِ

يا شوقنا المحموم للغيابِ

ما تستهين بشوقنا يا خوفنا

برحت تنادي باللظى المرتابِ

جمع الغياب جراحنا في جملة

طال الزمان، تشوق الأحبابِ

شف الغياب عن المشاعر جمة

فتوله المجنون في الترحابِ

أهلا وسهلا قادما من غربة

جمع الحنين عبيره بكتابِ