وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ومانقص مال من صدقة 1

مؤمن محمد نديم كويفاتيه

وفي أموالهم حق للسائل والمحروم

ومانقص مال من صدقة 1

مؤمن محمد نديم كويفاتيه

[email protected]

يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله وأن الله سيعطيك مثلما تُعطيك الأرض الصمّاء التي تزرعها ، وأنت تثق بما ستعطيك الأرض من المضاعفة ، فإذا كان المخلوق الأرض استطاعت أن تعطيك سبعمائة حبّة عن كل حبّة ، ألا يُعطيك الذي خلق هذه الأرض ماوعدك أضعاف أضعاف ذلك ..."

مع موجة البرد القاسية ، والعواصف الثلجية المُرعبة ، وتخلي العالم ولاسيما الدول الغنية والمؤسسات المختصة عن أبسط واجباتهم في دعم وإغاثة لاجيئنا ونازحينا والمحاصرين السورين ، عدا عن أولئك المتواجدين في المناطق المُحررة ولايجدون قوت يومهم ، بل فوق هذا وذاك يُمطرون ليل نهار بالبراميل المتفجرة التي سقط منها في العام الماضي ماتجاوز ال 11 ألف برميل عدا عن القنابل الفراغية والصواريخ الأرضية والنابالم الحارق والغازات السامّة ، والتي كان محصلتها بما يتجاوز المائة ألف شهيد وتدمير وألآف المباني والمدارس والمساجد والكنائس والمستشفيات ، في نفس الوقت التي بلغت ميزانيات تلك الدول بالتريلونات الدولارات ، ولو أخرج هؤلاء فقط زكاة أموالهم لما بقي في العالم الاسلامي محتاج أو فقير ، ناهيك عمّا حاق بشعبنا السوري الأبي والعظيم ، شعب الشام الذي بارك الله بها وبأهلها ، ليتخلّى عنه هؤلاء الكبراء والمغرورين ويتركونه بالعراء ، وهذا فيما يخص دول وكذلك الأمر ينطبق على الأغنياء الذين في بعضهم من تتجاوز ميزانيته الدول ، ولذلك اعتبر اسلامنا العظيم من يمتنع عن الزكاة الواجبة لمستحقيها متعمداً أنه لايكون مُسلماً ، وهي في ذمته كدين تلحقه ليوم الحساب فيُحرق بها جسده بأودية جهنم والعياذ بالله ، وقد اعتبرها الله سبحانه بمثابة بوليصة تأمين ربّانية من يدفعها وكأنه أمّن على ماله من الضياع أو الحريق ، ومن امتنع عنها خُسف بماله أثناء حياته أو بعد مماته ، فيكون هذا المال نقمة عليه وأهله ، لأن آكل المال لايذهب به ، بل وبأهله ايضاً ، وهناك في الدفع أولويات للأحوج فالأحوج ولكن الزكاة تسقط بالدفع للفقراء بشكل عام ويؤجر صاحبها خير الجزاء ، ولكن الجزاء الأكبر أن يعرف أين يضعها في الأولويات، كمثل الشعب السوري لما ذكرت أعلاه في إنقاذه إنقاذ للبشرية جمعاء ، فهم الأولى في العطاء ، وبالأولوية يتضاعف الأجر ، بل وتُعتبر الأمّة آثمة بأجمعها إن لم تكفهم مئونتهم ، وهي أبسط حقوقهم عليهم ، ولو قام بهذا الاكتفاء البعض سقط عن الآخرين ، ولكن لايقومون ولو بالشيء اليسير والعياذ بالله ، وهذا بالنسبة للزكاة المفروضة 

أمّا عن الصدقات ، وهنا تحضرني قصتين من اليمن الأولى لرجل البر والتقوى من اكرمه الله فأعطى ، واسمه هايل سعيد رحمه الله وهو شبه أمّي ، وكانت عنده لجنة استشارية شرعية يسألهم كم يخرج من أمواله فيقولون له 2,5% فكان يرفض هذا المبلغ ويقول : أنا أعطي ربي هذه النسبة القليلة وآخذ الباقي ، فكانت نسبة عطاياه أضعاف أضعاف مضاعفة ، وكلما اعطى زاده الله من عطائه كما يروي المقربين منه ، وشخص آخر بنى مدينة سكنية مئات الفلل والعمارات ، وكم تدره عليه من الأرباح ، ورفض تخصيص قطعة أرض لمسجد في هذه المدينة ، وقاوم بكل السبل لكي لاتكون ، فكانت نهايته أن قتل نفسه بمسدسه بالسجن ، عندما سُجن لمشاريع تابع لليبيا ورفضوا الوفاء له بالدفع ، فلاحقته البنوك وذهب هو وماله وهذا وعد من الله ، ولذلك يُفسر العلماء قوله تعالى " مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم أن ماهو لسبيل الله ويتضمن الإنفاق للجهاد كالذي يحصل في سورية من أجل حرية وكرامة هذا الشعب الأبي ، وأيضاً للحالات الانسانية والإغاثية والتعليمية أو مصارف الصدقات، ويقول في هذا الصدد العالم الجليل الشيخ محمد الشعراوي رحمه الله أنك إذا أنفقت فسيزيدك الله ، وأن الله سيعطيك مثلما يُعطيك من الأرض الصمّاء التي تزرعها ، وأنت تثق بما ستعطيك الأرض من المضاعفة ، وإلا لو فعلت برمي حبّات القمح دون أن تكون لديك تلك الثقة بمردودها المضاعف لكنت من المجانين ، وإذا كان المخلوق الأرض استطاعت أن تعطيك سبعمائة حبّة عن كل حبّة ، ألا يُعطيك الذي خلق هذه الأرض ماوعدك أضعاف أضعاف ذلك ، واُعتبرت هذه الآية قانون ربّاني في الأرض ، أراد الله بها ان يحارب الشح في نفس المخلوقين ، والخوف من نقص المال من الصدقات ، ويزرع الثقة به يقيناً وليس أقوالا تقال أو تُدعى من البعض ، ليؤكد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا القانون أيضاً بقوله " مانقص مال من صدقة بل والله فيه الزيادة ، إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر حق الإيمان ، فالمال مال الله وضعه بيدك ليرى خيريتك فيه فيزيدك من عطاءه ، كالأب الذي يمتحن أولاده بمبلغ ليعرف ماذا يفعلان به ، فإن احسنا التصرف به زادهما ، اما احدهما ذهب يلعب به القمار ، او يُبذره في اللهو الفارغ ، فإنه سيعطيه على قدره ، وقد يمنع عنه العطاء لأنه لايستحق ، بينما الآخر ذهب يشتري به كتب ، وما ينفع البيت ومافيه فائدة ، سيزيده اباه لأن هذا يصب في مصلحة الأسرة وخيرها ورفعتها، وهكذا ولله المثل الأعلى .... يتبع.