"العيديّة".. فرحةُ الأطفالِ الخالدة!

"العيديّة".. فرحةُ الأطفالِ الخالدة!

مرام شاهين

يرجِعُ أصلُ هذه العادةِ للعصر المملوكيّ ، والّذي كان يُسمّيها ((الجامكية)) إذ كان يوزّعُها السّلطانُ على حاشيته من أمراءَ ووزراء ، تداولَ النّاسُ هذه العادة حتّى باتت تأخذُ أشكالاً عديدة في البُلدان ، يقسّمونها في السّعوديّة مثلاً على يومين ، أحدهما للبنين والآخرُ للبنات ، ويحصِرونها في الكويت بالزّبيب والمكسّرات ، و يتلقّاها الأطفالُ في طاجيكستان عبرَ الغناء ، إذ يتشكّلونَ مجموعات ، تنشدُ ممسكةً كيسَ نقود ، يملؤه المارّةُ فرحاً بغنائهم !

و قد عُهِدَ على البلاد عموماً ، تناسيَ (العيديّة) كلّما كبُر الصبيّ ، فتراهُ ما إن أصبحَ شابّاً بات هو يقتطعُ من محفظتهِ مبلغاً للإناثِ والصّغار ، من معارفَ و أقارب

تتفنَّنُ الفتياتُ في اختيار حقيبةِ العيد ، أو محفظةِ العيد ، تراها مزيّنةً بأشكال مبهرة ، تتناسبُ و لون فستانِها ، تختالُ بها أكثر من خُيلائِها بالثّوبِ نفسه

و يتفنَّنُ الصّبيةُ في إيجادِ مصرَفٍ لهذي النّقود ! فترى محلاتِ الدُّمى مليئةً بالأسلحةِ الصّغيرة ، الكراتِ و الفراقيع !

تشعرُ كلّما مررتَ أمام ثُلّةِ أطفالٍ اشترت بالـ (عيديّة) لُعبةً لتوّها ، أنهم قد امتلكوا العالمَ بما اشتروا ، و أنَّ القصورَ بجُلّْها ، والحُليَّ بأسرِها لا تُساوي فرحةَ العيدِ بين عيونهم ، المزدانةَ بهذي الدّنانير ..

إنّهم يمتلكونَ في فطرتهم معنىً آخر للأموال ،

لا يَمرُّ شريطُ الدّيونِ المتراكم على ذهنهم إذا ما جاءَ الجدُّ وأعطاهُم صباحَ العيدِ بضعَ قطَع،

لا يُرعبُهُم صوتُ المُؤجّرِ يقفزُ إلى آذانهم (أين أجارُ البيت) ، و لا يُدخلونَها حُزناً إلى جيوبِهم و هم مُصدَّعونَ من ثمنِ بقوليّاتِ رمضان التي مازالت مُقيّدةً على دفترِ صاحب الدّكان ، ينتظرُ السَّداد ..

إنّهم يعيشونَ الحياة بأبسطِ مكوّناتِها !

يسعدونَ بقروش زهيدة ، ولا يسعدُ غيرهُم بآلافَ لا تتّسعُها (شيكّاتُ) البنك ، يلجأ للرّشاوي و السّرقات من جيوب المستضعفين ، طمعاً بمزيدِ تجارة ، طمعاً بمزيدِ جاه!