أسرار الكنز

clip_image002_fbde0.jpg

أدميت جرحاً فيّ  لايندمل أيها الوطن

أثقلت كاهلي بعمر التاريخ أيها الوطن

فديتك بما غلا وبما طاب ، و لم أدخل معك في خصام ، ولدتُ وشاخت طفولتي بين

أزقة حاراتك ، تعثرتُ وأدمت كواحلي دروب ملاعبي وساحات سباقاتي ، شربت

ماء الحب وأترعت شراييني بين مدارس الهجاء وبيوت العشيرة ، جعلت ُ ريعان

شبابي رهينة لقدسيتك ....أثخنتَ في طلباتكَ وأمليتَ شروط الرجولة فكانت جسراًفي

فدائك ، باهلت ُ الأوطان تحت ألوان علمك ، وحاججت ُالأقوام في الإنتماء لهويتك

لم أكتب يوماً لعلم لم يرفع شراعاً بإسمك ،  ولاناصبت مصادرالعلوم لأنها ...

تمهرالإجازات برسم ختمك ، وها قد أكملتُ إستيفاء العهود لإكمال دعائم مجدك .

كل شيء تلوّن ببحور نشيدك ، وقوافل القلوب في الرجولة تهاب الردى ، ماضون

أيها التاريخ  ، مثلما عكست بأسطر المهاجرين نوايا نبذ ، لمّا أباحوأ خفايا الإخلاص

لعزّك ، ذهبوا تاركين أجيالاً كانوا يوماً أجدادنا  ، وها نحن مثلما  نذرتنا في العزم

والإصرار أحفادك ، ! ولكن أيها الوطن لم  تبد في حسن الصراحة ، كيف أخفيت

أحلام أمراءك ،؟ وأين دفنت نفائس أنفاسك ، ونوايا سلاطينك ؟ .

أيها الوطن ، مامن سجال تجرأت البوح به في حضرتك  ، مثلما هذه الساعة  ، وأنا

مثلما ترى الآن ، وعفواً... أعلم أنك الآن مغيّب ،أو أعلم أنك مأسور والكلام لك غير

 مباح ، وها أنذا أعذرك على الأسطر،  ولكني لاأعذرك في قلبي ، لأن قلبي الآن في

 اتحاد مع كبدي ، وكبدي هاهو أضمّه بقوة بين يدي ، أخاف عليه من غدر هول البحر

وإنك لاترى الآن أين أنا ....ولو رأيتني لأصابك العجز وأنت العاجزالمحطم  ، ولا

أريد لك أن ترى ، وعفّ لي استرسال بوحي ، لأن الزمن أنذرني بليل مدلهم قادم أعتى

من الذي غادرته فيك ، وهو جاثم على أركانك ، ! هاهم أطفالي فلذة كبدي  ، وكبد كل

أبناءك أريد أن ألقيهم في جوف غاشميك ، أتعرف لماذا ؟ لأ لّا أرى حزناً على ناصية

جبهتك، فأنا لازلت على عهدي في الرباط من أجلك ، وحذاري ياوطني : لاتكتب في

أسطر صفحاتك أني ترددت بفدائك !  لا لا أيها الوطن الأسمى مثلما أخذت منك ، هاك

خذ مني ، أنا والبحر في مفترق أجل ،أنت حضنتني وكنت حاضنتي ، ودفئاً وأمناً من

خوف غربة ، ووحشة إعتداءات ، هاهم أطفالي أحضنهم كما فعلت أنت ، وهم الأمانة

لأرجعهم لك رجالاً ، فهل ترضى ألاّ أرددها لك بكامل عدتها ، سأحكي للبحر قصتهم ،

سأغريه بسوالف آبائي وأجدادي ، علّه يغض الطرف لحظة ، ويأنف عن ابتلاع

الأمانة ، سأقول له إنهم فقط فلذّات أكبادنا  ، سأكتب وصيّتك ياوطني ، وأودعها فراغ

زجاجة ، وأطعمها لأمواجه علّها يوماً تقذفها إلى شواطئك ، ليلتقطها طفلاً لاينتمي

بالإسم ولا باللون ولا بحرف الهجاء لأي من أبناءك ، يحملها فرحاً إلى من جاؤوا به

إلى هذه البلاد تختالهم فرحة العثور على لغز الكنز ، أحرف ورموز لن يفقهوا ولن

يفهموا معانيهاهم من أقوام غزاة ، والرموزتعود لنا نحن من كان يعمرتاريخ  أفناءك

،هذه أسماؤنا : عمر وعائشة ، فاطمة الزهراء وعثمان وعلي ، خالد وخديجة أم

الأطايب ،كلنا  كنا هنا أطفالاً ، مثلكم نلاعب أمواج البحر ونعدّ حبات الرمل بجنباتها،

أقرؤا ماجاء في الوصية ،وقبلها قولوا في سركم: هذه تباشير نخفيها عن الكبار ،هذه

 أحرف كتبها الأولون نخفيها بين صناديق الألعاب ، أيها الأطفال هذه أمانة لاتفرطوا

 بها ، هذا إن كانت مفاهيمكم على مستوى بنات أفكاركم .يوماً سيأتي ياوطني تعرف

الحقيقة ، يوماً أيها الأطفال سيأتي وتعرفون الحقيقة مثلماالشمس الآن من فوقكم ،

ستكون ساعة كالسهم يخترق خزان أحلامكم ، تظلون تراجعون طلاسم خبء الكنز .

أيها الطفل الذي كان أول من التقط الزجاجة ،ستظل تسأل نفسك وتعدّ أنفاسك ، ماهذه

الألغاز ومن كاتبها ؟ تقول مجيباً حائراً :

سأكبر وأتعلّم  وسوف أسأل البحر: أين ذهبت بأسرار موجك يابحر ؟  أين أبحرت

بغربائك ؟ أين دفنت من ألقى إليك يوماً زجاجة فيها مفاتيح أسرار روّادك؟.

وسوم: 642