صفحة من الماضي

الشيخ حسن عبد الحميد

أنا الآن في مكة المكرمة أمر على غار ثور ويقع جنوبي مكة ووجهة النبي المهاجر عليه السلام يثرب  او المدينة المنورة نورها محمد وهدي محمد صلوا على رسول الله مرتين وتقع في الشمال .

لماذا السير إلى الجنوب لا إلى الشمال ؟؟ هذا يفهمه جنرلات الحرب مسلمين ونصارى ..

ماذا في الغار ؟؟ محمد والصديق ابو بكر ابن قحافة  ينظر في الغار فيرى ثقوبا حشاها بثوبه وبحجارة خشية أن يخرج منها حيّة تؤذي الحبيب . وجلس أبو أسماء وعائشة بجانب النبي يرتجف إنه يرى وهو ينظر إلى فوق قادة قريش والسيوف مصلتة طمأن النبي ابا بكر بكلمات سجلها القرآن الكريم الذي بين يديك ( لاتحزن إن الله معنا )  يارسول الله لو نظر أحدهم إلى موطئ قدميه لرأنا ونسجت العنكبوت على الغار نسيجها الذي باسمه سميت سورة في القرآن. وعند باب الغار امرأة خائفة على ابيها وسيدها انها أسماء ذات النطاقين . وابن الصديق يرعى غنما قريبا من الغار

وانطلق الركب المبارك الآن إلى الشمال  وجهته المدينة. أبو بكر العظيم خائف من الرصد فيمشي أمام النبي  ويخاف من الملاحقين فيمشي وراءه  وعلا الغبار إنه فارس من قريش اسمه سراقة يعرفه الصديق لأنه نسّابة قريش

سراقة بن مالك كان يمني نفسه بجائزة قريش لكن أقدام فرسه غاصت في الرمال ووقع عنها ثلاث مرات . ونادى محمد عليه السلام ارجع ياسراقة ولك سواري كسرى . ورجع سراقة وهو يوري الأخبار عن محمد ورفيقه صلى ربنا على الأول ورضي عن الثاني .

ومرت الأيام ... وانطلقت الفتوحات في عهد بطل الرجال ابن الخطاب الفاروق العظيم رضي الله عنه وجيء بالغنائم الهائلة وهي تلال  نظر الفاروق اليها وقال : إن قوما أدوا هذا لأمناء..  قال صحابي جليل : ياأمير المؤمنين عففت فعفوا ولو رتعت لرتعوا .. وجد عمر بين الغنائم سواري كسرى  ونادى بأعلى صوته أين سراقة بن مالك ؟؟ ها أنا أمير المؤمنين  ألبس عمر بنفسه سواري كسرى لسراقة الله أكبر.

ووصل الركب المهاجر إلى أطراف المدينة عند قباء وماعرف أهل المدينة محمدا إلا من تظليل أبي بكر رضي الله عنه له .

ياحسرة على العباد وياتعسا  وياتفاهة لمن يسّب أبا بكر  انه بذلك يهيل التراب على كل تاريخ الإسلام. وأحلف أن عليا رضي الله عنه هو أول من أجلّ شيخ قريش وأول من بايعه. صلى الله على المظلل بالغمام ومن حنّ جذع المنبر إليه ورضي الله كل الرضا عن الإمامين أبو بكر وعلي أبو الحسنين .

وصرخ الصديق على المنبر وليسمع قادة المجاهدين : لاتقتلوا طفلا ولا امرأة ... ( إلا اذا كانت محاربة مجرمة فتقتل بدون رحمة كمظليات سرايا الدفاع ) ولاراهبا ولاتحرقوا زرعا ولاتقطعوا شجرا إلا لمأكله. - حتى الفلاح المنصرف للزرع شمله الصديق بخطابه -  والقائل ( إن اقواكم عندي الضعيف حتى آخذ له بحقه .. وإن اضعفكم عندي القوي حتى آخذ من الحق )  والقائل يا قادة المجاهدين :  ( أصلح نفسك يصلح لك الناس ) والقائل ياقادة المجاهدين : ( رحم الله امرأ أعان أخاه بنفسه )

أرسل إلى جيش يطلب المدد . بعث له القعقاع بن عمرو مع رسالة صغيرة .. ياخالد طلبت مددا وارسلت لك القعقاع  إن جيشا فيه القعقاع لا يغلب . ووصل القعقاع على جمل قطع 500 كم في صحراء مخيفة ووصل إلى الأردن إلى شرقها عند نهر اليرموك عند وادي الياقوصة وصرخ القعقاع الله أكبر واوقعت صرخته رعبا في قلوب قادة الروم فظنوها قنبلة ذرية هبطت عليهم فاستسلموا وكفى الله المؤمنين القتال .

قرأت في مذكرات جنرال ألماني  أن التكتيك الذي اتبعه خالد رضي الله عنه درسه في اكاديميات المانيا وفرنسا .

كتب الشيخ الأديب علي الطنطاوي رحمه الله كتابا عن أبي بكر فارتفع قدره هو إلى السماء . وهو صاحب مقالة ( إلى السلاح ياعرب ) ولكن ضاع صوته كما قالوا صرخة في واد ونفخة في رماد رحمه الله .

بهذه المشاعر الجياشة بحب شيخ قريش أبو بكر الصديق رضي الله عنه بدأت مع غيري ببناء مسجد في مدينتنا يحمل الاسم المبارك أول العشرة المبشرين بالجنة سميته جامع أبي بكر الصديق  وكان هذا الاسم فتحا مبينا جمع حوله مئات العلماء والدعاة . واضطرني اضطهاد الظالمين والفجرة إلى ترك المسجد ومنبره. ولكن الله عوضني مسجدا في مدينة نجران جنوب السعودية يحمل اسم ابي بكر رضي رب السماء والأرض عنه .

وفي أوائل الخطب  كنت في ركب الحجيج ورأيت صبيان الشيعة واقزام إيران المجوسية يحاولون اقتحام الحرم المكي والابطال من الأمن يدافعون عنه  وعدت إلى نجران وبينها وبين مكة الف كيلو متر وفتح الله عليّ بخطبة أظن أنها رائعة فضحت فيها الفكر الشيعي المجوسي وحذرت منه . وجاءني بعدها خطاب شكر من وزير الداخلية السعودي نايف بن عبد العزيز  وكتاب آخر من وزير الاعلام السعودي علي الشاعر ولازلت احتفظ بهما وثيقة للتاريخ . بينت في الخطبة خطر الفكر المجوسي وابعاده وضلاله

مسكين ثم مسكين ثم مجرم وظالم في حق دين محمد عليه السلام من لايضع يده في يد أبي بكر ويقول رضي الله عنه

وأرجو الله أن يقبل محبتي للصديق وابنته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما . والله أكبر والعزة لله

وسوم: العدد 646