كنة وحماة

من الموروث الشعبي القديم قصة الكنة والحماة لا نهاية لها .. وبصراحة ليتني أعرف بدايتها .. منذ أن تتزوج البنت هذه الثقافة تبدأ بالظهور إما من جانب العروس بحكم ما ترى وتسمع من والدتها وعلاقتها مع زوجات أخيها ومع عماتها وجدتها .. فتجد بحكم الفطرة إما أن تكره أهل زوجها أو أن تحبهم .. أو من جانب الحماة التي حفرت في قلبها السنين أفكاراً لا يمكن تناسيها بسهولة حتى عند المثقفات منهن تلك الأفكار جاءت من تربيتها منذ الصغر على كره الكنة أو محبتها ، وتعزز حين تصبح كنة فمن معاملة الحماة لها إما أن تصبح حقوداً لئيمة أو أماً حنونة ..

ما جالست امرأة حديثة عهد بالزواج إلا ومدحت من حماتها وبعد فترة من الزمن يأتي الذم والحزن والندم لأنها وثقت بها كأم فاكتشفت أن حماتها تكيد لها عند زوجها .. وكثير من الحموات تعامل زوجة ابنها على مبدأ حلال علي حرام على غيري .. فهي من حقها أن ترى ابنتها كثيراً وأن تعيش ابنتها بسعادة وراحة فابنتها من حقها الخادمة ومن حقها السفر ومن حقها الرفاهية .. وعلى النقيض تماماً مع كنتها .. فهي لا تستحق ابنها ولا تستحق الذهب الذي جلبه لها ولا تستحق حتى أولادها خاصة الذكور منهم فهم لها وليس لأمهم الحق فيهم .. وتتعزز فكرة الذكورة في نفس الطفل لتفوقه على أخواته البنات لأنه مخلوق ذكر لا أكثر .. وتتعزز فكرة الحقد في قلوب البنات الصغيرات لأن جدتهن تفضل الذكر عليهن وتتسبب بحزن أمهن .. وهكذا دائرة مفرغة كلها كيد ومؤامرات وألاعيب يرأسها الشيطان حتى تتفرق القلوب وتنفر العقول وتحصل القطيعة مع الزمن ..

هذا الموروث علينا أن نبدأ بعلاجه مباشرة .. فمنذ أن يخلق الله الذكر والأنثى علينا المساواة بينهما كما أمر الشرع بداية المساواة بالحب ثم في سائر الأمور الأخرى .. ومن ثم نربي البنت والصبي على احترام الكبير وتقديره مهما كانت صفته واعتبار أهل الزوج أهلاً .. علنا نرقى ونتخلص من هذا السوس الذي نخر بالأمة وسبب الخلافات والقطيعة كما سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحالقة) التي تقطع العلاقات الإنسانية والأرحام ..

 

 

 

 

 

 

وسوم: العدد 720