خواطر من الكون المجاور الخاطرة : 147 لعنة توت عنخ أمون 3

ذكرنا في المقالتين الجزء اﻷول والثاني أن فترة حكم الفرعون توت عنخ أمون كانت فترة تافهة حضاريا وإجتماعيا وعسكريا سواء على المستوى الشعب المصري أو على المستوى العالمي ، وأن اللعنة التي بدأت تظهر بعد إكتشاف مقبرته وموميائه لم تكن بسبب تلك العبارة التي وجدت بمقبرته والتي تحذر بها لصوص المقابر " سيضرب الموت بجناحيه السامين كل من يعكر صفو الملك " فشخصية هذا الفرعون كانت روحيا عديمة اﻷهمية كي تستطيع أن يكون لها تأثير روحي يمكن أن يلعب بمصير اﻵخرين ، لذلك كانت اللعنة تصيب كل من إهتم باﻷمور المادية لهذا الفرعون أو حاول إنكار عدم وجود أي لعنة تتعلق به، فاﻷحداث التي حصلت مع الكثير من الذين ساهموا في إكتشاف المقبرة أو في فحص المومياء والتي ذكرناها في المقالتين الماضيتين ، تؤكد على أن شيئا ما غامض يحدث حقيقة ولا يمكن إنكاره. فهذه اللعنة مصدرها روحي وهي بطريقة ما تدفعنا إلى دراسة الموضوع روحيا ، وظهورها في عصرنا الحاضر ليس إلا علامة إلهية تساعدنا في رؤية الشق الروحي في تاريخ مصر القديمة والذي له علاقة مباشرة باﻷنبياء ( إبراهيم ، يوسف ، موسى عليهم الصلاة والسلام).

للأسف علماء تاريخ مصر القديمة وخاصة العلماء المصريين لم يحاولوا الربط بين قصص اﻷنبياء والعصور المختلفة لمصر القديمة التي ظهرت فيها المعجزات ﻷول مرة في تاريخ البشرية ، ليأخذ وجودها معنى واضحا في التطور التاريخي للإنسانية ، فنجد تاريخ مصر كما هو مذكور في كتب التاريخ يعمه الغموض فليس له بداية واضحة ولا حبكة ولا نهاية تبرر ظهور هذه الحضارة وكأنها عبارة عن كتلة من اﻷحداث العشوائية المتناقضة فيما بينها فلا نجد أي شيء يربطها فيما حولها مع غيرها من اﻷحداث العالمية التي لعبت أدوار هامة في مصير اﻹنسانية بأكملها ، ولعل السبب اﻷول في هذه العشوائية التي يعاني منها تاريخ هذه البلاد هو أن العلماء العرب المصريين في العصر الحاضر يحاولون بشتى الوسائل إثبات أن هذه البلاد العظيمة صنعها المصريين وليس أي شعب آخر وقصدهم هنا بالذات إبراهيم ويوسف وموسى ، وبسبب هذا العناد التعصبي حلت اللعنة على الشعب المصري بأكمله ، فمن العار على جميع مثقفي مصر وخاصة أولئك الذين يهتمون باﻵثار والسياحة أن يكون زوار فرنسا 80 مليون سائح سنويا ،بينما مصر زوارها لا يتجاوز عددهم الٰـ10 ملايين سائح ... وهب الله بلاد مصر نورا ووضع فيها المعجزات ليراها الناس إلى يوم الدين ،ولكن بدلا من أن يحاول المصريون أن يجعلوا من هذه المعجزات أماكن مقدسة تجذب سكان العالم بأجمعه ليراها كل إنسان فتساعده في اﻹرتقاء روحيا ولتجعله يعلم حق اليقين أن الله موجود وأن كل شيء يسير حسب خطته وأنه مهما كان الظالم قويا فالله فوق الجميع وسنته ستستمر كما خطط هو لها، ولكن نجد بدلا من ذلك أن علماء مصر قد شوهوا تاريخهم وحجبوا نور الله عن الناس أجمعين. ..فمن الشخص الذي سيضيع إجازته التي حصل عليها بعد عام كامل من العمل، ليأتي إلى مصر لرؤية مقبرة لها 3000 عام ؟ماذا سيستفيد روحيا من رؤية مقبرة ؟ من سيضيع إجازته وفلوسه ليرى تمثال بازلتي عمره ثلاث أو أربع أو خمسة آلاف عام ؟ من سيضيع إجازته وفلوسه لرؤية هرم أو معبد حجري ؟ جميع هذه اﻵثار تصبح عديمة اﻷهمية إذا حذفنا منها الشق الروحي لها، ﻷن المعنى الروحي لهذه اﻵثار هو الذي يربط روح اﻹنسان مع ماضيها وهو الذي سيدفعه للقدوم إلى مصر لرؤية هذه اﻵثار لينمي إحساساته الروحية ، بلاد مصر هي بلاد مقدسة لسكان العالم أجمع بغض النظر عن عرقهم أو دينهم أو لغتهم ، ﻷن في هذه البلاد كانت البداية الروحية للإنسانية. فليس من الصدفة أن يقال عن مصر " مصر أم الدنيا " ، لذلك نجد أنه عندما خسرت هذه البلاد معناها الروحي ظهرت " لعنة توت عنخ أمون " في هذه البلاد لتكون علامة إلهية تشد إنتباه العلماء ليصححوا آرائهم عن تفسير الأحداث التاريخية التي حصلت في هذه البلاد .

حتى نستطيع حل لغز اللعنة لا بد في البداية أن نوضح الحكمة اﻹلهية في ذهاب اﻷنبياء إلى مصر. فكما تذكر الكتب المقدسة أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام وبسبب ظروف المعيشة القاسية التي حلت على بلاد كنعان إضطر إلى الذهاب مع قومه إلى مصر، وهناك وبسبب جمال زوجته سارة نجد ملك مصر يأخذها ليجعلها جاريته ولكن الله عز وجل أنزل المصائب على فرعون وبيته فأعاد سارة إلى زوجها إبراهيم، فأخذ إبراهيم زوجته وقومه وخرج من مصر ،هذه الحادثة مذكورة بأسطر قليلة وحتى اﻵن لا نجد في دراسات علماء الديانات تفسيرا يوضح المعنى الروحي لحادثة ذهاب إبراهيم إلى مصر، وقد تبدو لنا وكأنها حادثة بسيطة لا تستحق الدراسة ، ولكن من هذه الحادثة سيولد إسماعيل عليه الصلاة والسلام الذي ولد من أم مصرية (هاجر ) تلك المرأة التي قدمها ملك مصر ﻹبراهيم ليأخذها معه كجارية لعل الله يبعد عنه تلك المصائب التي نزلت عليه. فحادثة ذهاب إبراهيم إلى مصر لم تكن حادثة عابرة ولكنها تحوي رموز تفسر لنا بداية قصة اﻹنسان على سطح اﻷرض.

علماء تاريخ الحضارة المصرية لم يعطوا أي أهمية لحادثة ذهاب إبراهيم إلى مصر فحسب التقويم اليهودي فإن عام ولادة إبراهيم هو 1815 قبل الميلاد وعام خروجه من مصر 1740 وهذه الفترة الزمنية في تاريخ مصر تعتبر فترة عديمة اﻷهمية ﻷن البلاد في ذلك الوقت كانت تعيش في مرحلة إنحطاط، ولكن هذه اﻷرقام هي أرقام رمزية وليست واقعية ، ولكن الحقيقة هي أن إبراهيم ولد عام 3200 وفي تلك الفترة كانت بلاد مصر لا شيء على اﻹطلاق ، فمع ذهاب إبراهيم إلى مصر تدخل هذه البلاد في بداية خطواتها نحو المجتمع الحضاري ويبدأ عهد اﻷسرة اﻷولى في مصر ، حيث هناك قام إبراهيم بتعليم المصريين بناء المصاطب الحجرية ﻷول مرة ،لذلك القرآن الكريم يذكر في الآية 96 من سورة عمران ( إن أول بيت وضع للناس الذي ببكة مبارك وهدى للعالمين ) فهذه اﻵية تحمل معنى رمزي يؤكد على أن إبراهيم هو أول من نحت الحجارة ﻹستخدامها في بناء اﻷبنية ، ولذلك وضعت هذه اﻵية في سورة تحمل عنوان ( آل عمران ) وهنا العنوان بالنسبة للآية التي ذكرناها ليس إسم علم ولكن صفة مصدرها (العمارة) وهو إسم القوم الذي بدأ مهنة العمارة ﻷول مرة في تاريخ البشرية.

حتى نفهم بشكل أوضح المعنى الرمزي لحادثة ذهاب إبراهيم إلى مصر وعلاقتها بما حصل في بلاد مصر تاريخيا لا بد في البداية أن نوضح سبب أهمية بلاد مصر على المستوى العالمي ، فهذه البلاد توجد في القارة اﻷفريقية وهذه القارة منعزلة عن بقية القارات فهي محاطة من جميع اﻷطراف بالبحار والمحيطات، فقط في منطقة بلاد مصر نجدها تتحد مع القارة اﻵسيوية ، لذلك تعتبر مصر المنطقة الوحيدة التي يمكن لسكان أفريقيا أن يعبروا منها إلى القارة اﻵسيوية ومنها إلى بقية القارات، وكما وضحنا في مقالات عديدة فالقارة اﻷفريقية تمثل رمز بلاد الشيطان ولهذا أعطاها الله شكل رأس إنسان له قرن ( الصورة ) لتكون رمز الشيطان ، فالقارة اﻷفريقية تعتبر روحيا هي مكان منفى اﻹنسان بعد طرده من الجنة ، ولهذا السبب نجد أن اﻹنسان ظهر ﻷول مرة على سطح الكرة اﻷرضية في القارة اﻷفريقية ومنها إنتقل إلى بقية القارات....ولكن ما علاقة الشيطان بإبراهيم؟

إسم إبراهيم يعني ( أبو الشعوب ) وهو رمز آدم فإبراهيم هنا هو رمز آدم، وهاجر الجارية المصرية هي رمز حواء الخاطئة ، فإبراهيم رمزيا لم يذهب إلى مصر ولكن إلى أفريقيا بلاد الشيطان ، وهنا نتكلم عن الفترة ما قبل النظام الأسري (عام 3200 قبل الميلاد تقريبا ) والمعنى الروحي لحادثة ذهاب إبراهيم إلى أفريقيا هو بمثابة ذهاب آدم نفسه إلى بلاد الشيطان فكانت النتيجة أنه خسر أمامه وأراد الشيطان أن يأخذ منه زوجته ولكن الله ساعده ليخرج من تلك البلاد ليأخذ هو من الشيطان هاجر التي تمثل رمز حواء الخاطئة. فالمعنى الروحي لحادثة ذهاب إبراهيم إلى أفريقيا ترمز إلى إنتصار الشيطان على آدم حيث إستطاع طرده من الجنة ولكن الله ساعده ليأخذ زوجته من الشيطان ثانية.

أما بالنسبة لدور يوسف عليه الصلاة والسلام في مصر فحتى نفهم دوره بشكل واضح لا بد أن ندرس الرموز الروحية التي تركها الله لنا في الفترة الزمنية لحكم العائلة الثامنة عشر ، فإذا تمعنا في رموزها الروحية سنجد أشياء عديدة هامة تجعل من هذه الفترة الزمنية وكأنها الحقبة المناقضة روحيا لتلك الحقبة التي جعلت بلاد مصر تتحول فجأة من منطقة بدائية بسيطة إلى دولة عظمى تصنع المعجزات ونقصد هنا عصر اﻹهرامات ، وسنحاول شرح رموز هذه الحقبة ومقارنتها مع رموز عصر اﻹهرامات :

الشعب المصري القديم خلال الثلاثة آلاف عام من تاريخه رفع فقط وزيرين إلى مرتبة ( إله ) ولا نقصد هنا بالمعنى الحرفي لهذه الكلمة ( إله معبود ) ولكن نقصد تمجيده بسبب كثرة علومه ومعارفه التي جعلته يستطيع أن يفعل أشياء خارقة للعادة، الوزير اﻷول هو أمحوتب الذي عاش في فترة اﻷسرة الثالثة والوزير الثاني هو أمنحتب الذي عاش في فترة حكم اﻷسرة الثامنة عشر، إن سلوك الشعب المصري وإختياره هؤلاء الوزيرين ليس صدفة ولكن يعبر عن التناقض المطلق بين مستوى الوعي الروحي للشعب المصري الذي عاش على زمن اﻷسرة الثالثة والشعب المصري الذي عاش على زمن اﻷسرة الثامنة عشر ، وسنحاول أن نوضح هذه الفكرة بشكل مفصل لتساعدنا على فهم سبب ظهور اللعنة التي نتحدث عنها.

هناك مقالات كثيرة كتبت عن إمحوتب الوزير الذي عاش في زمن اﻷسرة الثالثة، فالبعض يعتبره من أعظم العباقرة وأكثرهم غموضا في تاريخ اﻹنسانية ، فهو ظهر فجأة من اللاشيء ليصبح فجأة أعظم عبقري عرفته اﻹنسانية ، لذلك وبسبب مستوى علومه الخارقة رفعه الشعب المصري القديم إلى مرتبة إله ، فهو أول طبيب عرفته اﻹنسانية وهو أول من إستطاع شفاء العمى الناتج عن مرض التراخوما ، وهو أول مهندس معماري حيث بنى أول هرم في التاريخ وهو هرم سوزير المدرج والذي يعتبر أول مبنى حجري ضخم صنعته اﻹنسانية ، وهو من أعطى الكتابة الهيروغليفية شكلها التعبيري لتستطيع أن تعبر عن كل ما يفكر به اﻹنسان ، وهو كذلك من أعطى العبادة معناها الحقيقي لتصبح هدفها الخلود. وكان أيضا أعظم الفنانين وأول من وضع قوانين إجتماعية تعطي المرأة مكانتها الحقيقية في المجتمع لتمنع الرجال من اﻹستهانة بها وإستغلالها. فمع ظهور أمحوتب أصبحت المرأة كائن له حقوقه في المجتمع.

وكان أيضا ظهور أمحوتب الفجائي أشبه بالمعجزة ، فكل إنسان مبدع عادة يكون سببه معلم سبقه وأعطاه شيئا من هذا العلم ، ولكن أمحوتب ظهر فجأة ولديه معارف عديدة بعلوم مختلفة لم يعلم أحدا من قبله عنها بشيء ، ليصبح هو الأستاذ اﻷول لجميع أنواع العلوم في تاريخ البشرية لتصبح بلاد مصر حقا كما يقال عنها ( أم الدنيا ) . وليكون هو المؤسس اﻷول لعصر الأهرامات والذي يعتبر من أكثر العصور التي عرفها التاريخ غموضا وأسرارا، والتي حتى اﻵن لم يستطع أحد فك أسرار المعارف والعلوم التي إعتمد عليها هذا العصر.

وكما كان ظهور أمحوتب فجائي وغامض كان إختفائه أيضا فجائي وغامض بحيث أنه لم يترك أي أثر يدل على وفاته ، فهو ظهر فجأة و إختفى فجأة ، والغريب في اﻷمر أن حتى إسمه يزيد غموض شخصيته ، فاسم أمحوتب معناه باللغة المصرية القديمة ( الذي جاء في سلام ) ، فكأنه جاء فجأة ليجعل اﻹنسانية ترى بعينيها ذلك الجزء من روح الله الذي تكمن داخل هذا اﻹنسان والذي جعله يملك تلك القوى الخارقة التي سخرها جميعها في مساعدة وتحسين مستوى حياة الناس في مصر والتي بدأت لهم وكأنها معجزات ففي عهده إستطاع أمحوتب أن ينقذ شعب مصر من سبع سنوات جفاف التي حولت مصر حينها إلى منطقة خالية من المناطق الزراعية طوال هذه المدة.

في الماضي كان بعض علماء المسلمين الذين قرأوا عن شخصية ومنجزات أمحوتب يعتقدون أن أمحوتب هذا هو النبي إدريس ولكن حسب أبحاثي هناك إثباتات عديدة ذكرتها في العديد من مؤلفاتي جميعها تؤكد على أن أمحوتب هو نفسه النبي يوسف عليه الصلاة و السلام. فلفظ اسم امحوتب يسمع وكأنه ( أمح- تب )، وإذا تمعنا في اﻵيتين 23 و24 من اﻹصحاح 30 في سفر التكوين سنجد أن راحيل أم يوسف عندما حملت بيوسف تقول ( فقالت قد نزع الله عاري...ودعت إسمه يوسف قائلة يزيدني الرب ابنا آخر ) فاسم يوسف جاء من العبارة الثانية ، أما إسم إمحوتب فقد جاء من العبارة الأولى فهذا اﻹسم له نفس معنى لفظه ( أمحو - تب ) أي ( تم محي الخطيئة ﻷنها تابت )، فمع ظهور أمحوتب أصبحت المرأة كائن له حقوقه في المجتمع أي أن حواء قد تابت وصححت خطيئتها. فالهرم كشكل ( Λ ) يمثل رمز المرأة ، وظهور الأهرامات في مصر له معنى أن حواء إستطاعت اﻹنتصار على الشيطان فأنجبت ولدا أصبح هو حاكم بلاد الشيطان. لذلك نجد القرآن الكريم يذكر في اﻵية 100 من سورة يوسف ( ورفع أبويه على العرش....) فهذه اﻵية رمزية والمقصود منها ليس يعقوب وراحيل ، ولكن آدم وحواء أو بشكل أدق اﻹنسانية بأكملها ، فمع ظهور يوسف ( إمحوتب ) ظهرت ﻷول المرة في تاريخ البشرية حضارة تعبر بكل ما تعنيه الكلمة من معنى عن إنفصال إﻹنسانية عن الكائنات الحية اﻷخرى إنفصالا مطلقا ، ونقصد هنا عصر الأهرامات الذي أخذ شكلا لا يمكن وصفه إلا بعصر المعجزات.

وأيضا معنى إسم إمحوتب باللغة المصرية القديمة هو ( الذي جاء بسلام ) وله نفس معنى كلمة يوسف ، فاسم يوسف مشتق من ثمرة اليوسفي وهذه الثمرة في اللغات اﻷجنبية تدعى (ماندارين ) وإذا ركزنا في لفظ هذه الكلمة سنجد أنها تتألف من ثلاث مقاطع (مان - دا - ارين ) حيث المقطع اﻷول (مان ) تعني رجل باﻹنكليزية والمقطع الثاني (دا ) تعني ال التعريف في اللغة اﻹيطالية والمقطع الثالث (إرين ) تعني السلام في اللغة اليونانية ، فكلمة ماندرين تعني ( رجل السلام ) وهو قريب جدا من معنى إسم أمحوتب ( الذي جاء بالسلام) .

أيضا توجد وثائق تاريخية تؤكد على أن الوزير إمحوتب قد أنقذ شعب مصر من سبعة سنوات جفاف مرت بها بلاد مصر، وهي نفس الحادثة التي تذكرها الكتب المقدسة في قصة يوسف. فالله عز وجل ترك لنا علامات عديدة تؤكد أن الوزير إمحوتب هو نفسه النبي يوسف ولكن حتى نرى هذه العلامات يجب أن ندع جميع أنواع التعصب جانبا حتى نرى اﻷمور بالبصيرة وليس بالبصر فقط.

رأينا أن مع ذهاب إبراهيم إلى مصر تبدأ أول محطة هامة في تاريخ مصر القديمة وهي ظهور طرق التعبير في هذه البلاد لتسجل تاريخ أول أسرة حاكمة في مصر، ويوسف يظهر في مصر في عهد اﻷسرة الثالثة في هذه الفترة يظهر الشكل الهرمي ( Λ ) ويظهر أيضا شكل المسلة ( ا ) حيث وضع هذين الشكلين جنبا إلى جنب نحصل على شكل الرقم ثمانية عشر ( Λ ا ) وهو شكل الخطوط الموجودة في كف يد اﻹنسان . فاﻷرقام واحد وثلاثة وثمانية عشر هم رموز لشيء واحد وهو الذي يعبر عن ذلك الجزء من روح الله الذي نفخه في آدم بعد خلقه، فهذا الجزء هو واحد ولكنه يتألف من ثلاثة أشياء متحدة ببعضها البعض ، وهذه اﻷشياء الثلاثة لهما شكل ثمانية عشر ( Λ ا ) حيث الرمز ( Λ ) يتألف من خطين متحدين في القمة ( \ / ) ومع الرمز ( ا ) يصبح لدينا ثلاثة خطوط ،مثل الضوء اﻷبيض فهو يبدو لنا بأنه لون واحد ولكنه في الحقيقة يتألف من إتحاد ثلاثة ألوان وهي اﻷحمر واﻷخضر واﻷزرق.

من الرمز اﻹلهي ( Λ ا ) نستنتج أن ظهور موسى عليه الصلاة والسلام قد حدث في اﻷسرة التي تحمل الرقم ثمانية عشر، فكما هو معروف عند علماء التاريخ فإن فترة حكم هذه اﻷسرة تعتبر أيضا محطة هامة جدا في تاريخ مصر القديمة فهي العائلة التي إستطاعت طرد الهكسوس لتعيد توحيد البلاد مرة ثانية . وهنا سنذكر تفسير بعض الرموز التي تركها الله لنا في عهد هذه العائلة لتفسر لنا حقيقة ما حدث وبنفس الوقت لتؤكد على أن موسى قد ظهر في عهد حكم اﻷسرة الثامنة عشر وليس في فترة أخرى.

الوزير الثاني الذي رفعه الشعب المصري إلى مرتبة إله في فترة اﻷسرة الثامنة عشر هو أمنحتب أو أمنوفيس وهو معروف أيضا بإسم ( إبن حابو ) وحابو هي منطقة التي ولد فيها، ومعناها ( فيل ) ، اللقب ( ابن حابو ) ليس صدفة ولكنه علامة إلهية فهو نفس رمز أصحاب الفيل الذين ذكرهم القرآن فأصحاب الفيل هم في الحقيقة رمز لقوم الشيطان الذين خرجوا من أفريقيا لهدم الكعبة ، ، فأولئك أرادوا هدم الكعبة التي بناها إبراهيم ، أما الوزير ( إبن حابو ) فهو رمز لقوم الشيطان الذين أرادوا هدم كل ما فعله يوسف في مصر ليجعل الشعب المصري ثانية من قوم الشيطان.

ومثلما كان يوسف متعدد المواهب والعلوم فرفعه الشعب المصري إلى مرتبة (إله) ، هكذا كان أيضا الوزير ( إبن حابو ) متعدد المواهب والمعارف فهو الذي صمم التمثالين الضخمين المعروفين بإسم ( تمثالا ممنون) وهما مشابهان تماما لتمثال الملك سوزير الذي صنع في عهد يوسف ، ولكن بأحجام ضخمة جدا (بإرتفاع حوالي 20 متر ). فالشعب المصري إنبهر من طريقة صنع هذه التماثيل الضخمة ونظر إليها وكأنها معجزة، ولكن روحيا اﻷمر مختلف تماما ، فتمثال سوزير هو رمز لآدم الذي تاب عليه الله وأعاده إلى الجنة ، لذلك نجده جالسا ينظر إلينا من هناك وينتظر قدوم أبنائه إليه ، أما تمثالا ممنون فيعبران عن الشيطان وإبنه أعور الدجال والذي أخذ دوره هنا هو نفسه الوزير إبن حابو الذي أصبح ( يوسف الدجال ). والله عز وجل ترك لنا علامة إلهية تؤكد على صحة معنى هذه الفكرة فقد حدثت ظاهرة غريبة في القرن اﻷول قبل الميلاد حيث حدث زلزال أدى إلى تصدع التمثالين وحدثت شقوق بالتمثال اﻷيسر فكان مرور الهواء في هذه الشقوق في الصباح الباكر عندما تكون مشبعة بالندى ، يجعلها تصدر صوت وكأنه بكاء إنسان ، فذهب البعض وزعموا بأنه بكاء البطل اﻷسطوري ممنون الذي إشترك وقتل في حرب طروادة.ولكن الحقيقة هي أن هذا الصوت هو رمز لبكاء الشيطان لما أصاب ( إبنه ) فرعون وجنوده بسبب خسارتهم في مواجهة موسى لمنعه من الخروج مع قومه من أفريقيا رمز ( بلاد الشيطان).

أيضا هناك شيء مشترك بين فترة حكم الأسرة الثالثة واﻷسرة الثامنة عشر ، في اﻷسرة الثالثة نجد أن ظهور الوزير إمحوتب ( النبي يوسف ) قد اعطى وجها حضاريا جديدا للبلاد وكما قلنا أن إسم إمحوتب يعني ( الذي جاء في سلام ) ، وأيضا في اﻷسرة الثامنة عشر نجد ظهور بشكل فجائي ديانة توحيدية جديدة حاولت أن تلغي جميع اﻵلهة لتضعها في إله واحد وهو إله أتون ( إله النور ) ، وهذه الثورة الدينية الفجائية حصلت في عهد حكم الملكة نفرتيتي ، وإسم نفرتيتي يعني ( الجميلة قادمة إلينا ) وإذا تمعنا في معنى هذا اﻹسم نجده مشابه نوعا ما لمعنى إسم إمحوتب ( الذي جاء بالسلام ) ، فكلا اﻹسمين فيهما صفة المجيء ( جاء - قادمة ) وكأن المقصود أن كلاهما قد جاءا من مكان آخر إلى بلاد مصر ، وهناك صفة أخرى موجودة أيضا في اﻷثنين يوسف ونفرتيتي وهي الجمال ، فكما هو معروف عن النبي يوسف بأنه كان آية في الجمال ، وكذلك نفرتيتي كانت تعتبر هي اﻷخرى آية في الجمال لذلك كان معنى إسم نفرتيتي يعني ( الجميلة قادمة إلينا ) .

هناك أيضا صفة ثالثة مشتركة بين يوسف ونفرتيتي وهي في طبيعة الرؤية ، فكما هو معروف أن يوسف كان له المقدرة على التفسير ، تفسير اﻷحلام وتفسير اﻷحداث ، أي كان يملك البصيرة لكي تعطيه المقدرة على رؤية مضمون اﻷحداث وأﻷشياء ، هذه الصفة توجد أيضا في نفرتيتي بشكل رمزي، حيث نجد تمثالها الرأسي ( الصورة ) تظهر بعين واحدة وهي العين اليمنى والتي تعتبر رمز الرؤية الروحية أي البصيرة ، فعبارة أعور الدجال هي صفة رمزية للإبن الروحي للشيطان وتعني أنه أعور بالعين اليسرى بعكس نفرتيتي،

معظم علماء التاريخ يعتقدون أن التغيير الفجائي الذي حصل في عهد حكم الفرعون أخناتون هو من صنع الفرعون نفسه ، ولكن هذا خطأ كبير ، فهذه الثورة الدينية التي حدثت هي من صنع الملكة نفرتيتي ، فهي التي أخذت رمز يوسف في تلك الفترة ، حيث نفرتيتي هي نفسها تلك اﻷميرة التي أخذت موسى الرضيع من النهر لتتبناه وتجعله إبنها ، وهذه اﻷميرة لم تكن أفريقية ولكن من قارة آسيا ، لذلك الحديث الشريف يذكر إسمها آسية (كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية إمرأة فرعون ومريم. ...،،،،إلخ ) فإسم آسية ليس إسمها الحقيقي ولكن هو رمز لمكان ولادتها. لذلك نجد أيضا أن نفرتيتي تختار منطقة جديدة لتبني فيها مدينة أختاتون لتكون كعاصمة جديدة لبلاد مصر، وهذه المدينة معروفة اليوم بإسم تل عمارنة، ﻷن القبيلة التي سكنت فيها بعد خرابها وأعادوا الحياة فيها كان إسمها العمارنة من إسم زعيمها عمران ، وهذا اﻹسم ليس صدفة ولكن هو أيضا رمز ﻹبراهيم الذي بنى اول مصطبة وليوسف الذي بنى أول هرم في التاريخ.

الملكة نفرتيتي أيضا تعتبر لغز محير ، فهي في البداية كانت تلقب بأجمل اﻷلقاب ، ولكن فجأة نرى اﻷمور تنقلب رأسا على عقب حيث تم محي إسمها من السجلات التاريخية وتم تشويه صورها في كل مكان ونجد لقبها قد أصبح ( الكافرة ) والسبب ﻷنها هي التي ألغت جميع اﻵلهة المصرية القديمة وأتت بديانة أتون الجديدة ، الكثير من علماء اﻵثار اليوم يبحثون عن مومياء نفرتيتي ولكن حتى اﻵن لم يجدوه ولن يجدوه ﻷن نفرتيتي خرجت مع إبنها موسى وقومه وماتت خارج مصر ولم يحنط جسدها ﻷن ديانة موسى الجديدة كانت تحرم التحنيط.

من اﻷشياء الهامة أيضا التي أصبحت رموزا روحية تربط اﻷسرة الثامنة عشر مع يوسف هي العفة ، فكما تذكر الكتب المقدسة عن يوسف بأنه فضل السجن على مجامعة امرأة سيده كدليل يؤكد على صفة العفة في يوسف، ولكن في مومياء توت عنخ أمون نجد أن أثناء تحنيطه قد تم حشو العضو الذكري ليبدو في حالة إنتصاب ، فما حصل أثناء التحنيط ليس صدفة ، فمهما كانت اﻷسباب التي جعلت عمال التحنيط يقومون بهذا العمل ، يبقى اﻷمر حكمة إلهية هدفها الربط بين يوسف وتوت عنخ أمون لتظهر وجه التناقض بين الطرفين.

كما يذكر سفر الخروج أن موسى أثناء خروجه مع قومه من مصر قد أخذ معه جثة يوسف ، وهذا يعني أن قبر يوسف في مصر ظل لفترة زمنية أكثر من 1300 عام كمركز ديني يزوره المصريين ليصلوا ويدعوا فيه إلى الله ليساعدهم في زيادة إيمانهم وحل مشاكلهم ، وكما يبدو أن الناس الذين كانوا يزورون قبر يوسف للعبادة كان دعائهم يستجاب لها وأنه قد حدثت في عهده الكثير من اﻷشياء الخارقة كشفاء المرضى وغيرها من المعجزات التي تساعد في تحسين ظروف المعيشية الصحية والروحية ﻷتباع ديانة يوسف ، فتابوت يوسف الذي حمله قوم موسى معهم وهم يخرجون من مصر كان الله قد وضع فيه نوع من القوة اﻹلهية التي ساهمت في حماية موسى وقومه أثناء خروجهم من أفريقيا ، ولهذا السبب ظهرت اللعنة بعد إكتشاف مقبرة توت عنخ أمون وظهور تابوته ، كعلامة إلهية توضح الفرق بين يوسف الذي حول بلاد المنطقة من قبائل بسيطة إلى دولة عظمى ، وبين توت عنخ أمون والفراعنة اﻵخرين في تلك الفترة الذين أرادوا تحويل هذه البلاد إلى بلاد تستخدم معارفها ونفوذها لتحقيق إشباع رغباتهم الحيوانية والتي كانت نتيجتها كانت إضطهاد المؤمنين الذين رفضوا الخروج عن ديانة الحق كما وضعها يوسف لهم ، لذلك أرسل الله لهم نفرتيتي لتتبنى موسى وترعاه حتى يكبر.

الله عز وجل ذكر إسم نفرتيتي بشكل رمزي رقمي في التوراة. فعدد إصحاحات سفر التكوين ( الكتاب اﻷول من التوراة) هو الرقم 50 والقيمة المركبة لهذا الرقم هو العدد 1275 ، واﻵية التي تذكر اﻷميرة المصرية التي إنتشلت موسى الرضيع من نهر النيل هي اﻷية الثانية من سفر الخروج ( الكتاب الثاني من التوراة ) ، والقيمة المركبة للرقم 2 هو 3 ، إذا جمعناه مع الرقم 1275 سنحصل على الرقم 1278 وهو القيمة الرقمية ﻹسم نفرتيتي بنظام الكابالا اليونانية، وإذا حسبنا عدد السنوات بين ولادة آدم وعام خروج موسى مع قومه من مصر حسب أرقام التواريخ المذكورة في التوراة سنجد أن عدد السنوات هو 2666 ، وهذا الرقم هو رمزي وليس واقعي، حيث الرقم 666 هو رمز أعور الدجال في الديانة المسيحية أما الرقم 2 والذي له شكل γ في اﻷرقام الهندية فهو رمز عين اﻹنسان وهي تنظر إلى السماء ، وهذا يعني أن الله أرسل موسى في تلك الفترة ﻷن معظم الطبقة الحاكمة في عهد اﻷسرة الثامنة عشر قد أصبحت من أتباع الشيطان ﻷنهم كانوا ينظرون إلى اﻷمور بعين اليسرى مثل أعور الدجال، لذلك كان التمثال الرأسي لنفرتيتي بعين واحدة وهي اليمنى والتي ترمز لعين الروح أي البصيرة .

من هذه اﻷدلة نستنتج أن الشعب المصري ليس شعب أفريقي ولكنه شعب عالمي يرمز إلى اﻹنسانية بأكملها وأن قوم موسى لم يكن قوم يهودي أو أجنبي مختلف عن الشعب المصري ولكنه كان جزء من الشعب المصري الذي رفض عبادة اﻵلهة التي ترمز إلى الشهوات وهو نفسه الذي رحب بديانة أتون ( إله النور ) التي أتت بها نفرتيتي بدلا من تلك الديانات التي دفعت الحضارة المصرية نحو اﻹنحطاط،

خلاصة القول هو أن لعنة توت عنخ آمون هي في الحقيقة لعنة إلهية تصيب كل شخص يحاول أن يرفع قيمة الفرعون توت عنخ أمون وغيره ليشوه الحقيقة كي تضيع جميع العلامات اﻹلهية التي تركها الله في آثارات مصر القديمة ليوضح لنا من خلالها دور إبراهيم ويوسف وموسى وكذلك نفرتيتي.

قصة اﻷنبياء إبراهيم ويوسف وموسى عليهم الصلاة والسلام ليست بتلك البساطة التي نعرفها ،وما ذكرته هنا هي خطوط عريضة للموضوع ، ليأخذ المهتمين فكرة عن حقيقة وجود اﻷنبياء في مصر لتكون أبحاثهم في إتجاه صحيح يعطي تاريخ مصر القديمة شكله الحقيقي، والذي بإمكانه دمج جميع ااﻷحداث العالمية ليأخذ تاريخ اﻹنسانية شكل رواية ذات أحداث متناسقة لها معنى محدد يساهم في توجيه التطور اﻹنساني نحو الكمال الروحي والمادي.

ملاحظة : للمزيد من المعلومات عن حياة نفرتيتيي واﻷسرة الثامنة عشر يرجى العودة إلى كتاب " النساء عين الروح" لنفس المؤلف كاتب المقالة

وسوم: العدد 737