تفسير سورة البروج (1)

العلامة محمود مشّوح

تفسير سورة البروج (1)

مع تعليق على سورتي ( القدر ، الشمس )

الجمعة 12 ربيع الآخر 1397 / 1 نيسان 1977

العلامة محمود مشّوح

 (أبو طريف)

إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون .. أما بعد فيا أيها الإخوة المؤمنون :

نحن اليوم في مواجهة سورة كريمة هامة ، لأنها ترشح لدخول مرحلة حاسمة من مراحل الدعوة النبوية الكريمة ، وإنه لمن دواعي أسفي أنني لا أستطيع في الوقت الحاضر أن أبحث السورة على النحو الذي يجب أن تُبحث عليه ، فينبغي أن تتوفر قدرة لا أملكها الآن ، ولكن إن شاء الله تعالى نقدم جهد المقل ، ونرجو أن يكون فيما نقول خير وبركة إن شاء الله تعالى .

رأينا في السورتين السابقتين ( القدر والشمس ) واللتين سبق أن عرضنا لهما وشرحنا ما يسر الله جل وعلا من قضاياهما ، رأينا أمراً هاماً كنت أريد أن أبادر بالكشف عنه في ذلك الحين ، ولكن وجدت أن الحديث عنه والإشارة إليه لون من استباق الأمور قد يقع في غير مكانه ، فأرجأت الإشارة إليه إلى اليوم حين نتعرض بالنظر للسورة الكريمة التي نحن بصددها . إن الله تعالى كشف للمسلمين في السورتين اللتين مضتا ( القدر والشمس ) عن أمر ذي خطورة بالغة وأهمية كبيرة ، عرض للناس في سورة القدر قضية ينبغي أن يطول وقوف الناس عندها ، وينبغي أن يبذل الجهد الكبير من أجل التعرف على دقائقها .

إن ليلة القدر هذه الليلة التي لا أعظم ولا أكرم ، إنها كانت عند الله وعند الناس وفي التاريخ من حيث هي تُؤرخ لنزول القرآن ، فقيمتها مستمدة من القرآن من الرسالة من الإسلام ، وحين تعرض القضية بهذا الشكل فالواجب على المسلم أن يحاول ما وسعته الطاقة أن يتعرف علـى وجوه التقدير الموجودة في هذا الدين . إن هذا الدين لا يشرف الناس ويمنحهم القدر والقيمة وحسب ، وإنما يشرف الأيام ويشرف الليالي والساعات ويمنحها القيمة والقدر . وإذا كان للدنيا من تاريخ فإن تاريخها يجب أن يحسب على حساب القيم والمثل والفضائل اعتباراً من تلك اللحظات الكبيرة العظيمة المقدرة التي كان فيها اليتيم محمد صلى الله عليه وسلم وآله ثاوياً في بطن الغار يرثي لهذه الدنيا ويألم لسخافات الناس ويتأذى بهوان الإنسانية . وإذ هو كذلك صلوات الله عليه يأتيه الأمر من الله جل وعلا بأن يقرأ على الناس هذا القرآن ، ويكون ذلك ، وتقلب صفحات كثيرة سوداء قذرة مضت من عمر الإنسانية الطويل ، كلها أذى وكلها قذى وكلها هوان ، ليفتح الزمان صفحات بيضاء نقية طاهرة يخط فيها الإسلام قدراً بالدنيا جديداً ومصيراً لهذه الإنسانية سعيداً ويمضي الركب على اسم الله وبركاته ، يقوده اليتيم الثاوي في بطن الغار عليه أفضل الصلاة والسلام ، لتظل من بعد كلمة الله تدوي في الخافقين من بين الدماء والدموع ، ومن وسط الكوارث والأهوال ، ومن خلال النكبات والزوابع يشع نور الله جل وعلا يلوح للحائرين والضالين أن من ههنا الطريق .

ومنذ أن تلقّف محمد صلى الله عليه وآله هؤلاء الكلمات البيضاء عرف لها قيمتها وعرف لها قدرها ، وأدرك جيداً ـ بأبي هو وأمي ـ أن الدنيا بدأت تستقيم وأن الإنسان قد آن أن يستعيد كرامته المهدورة وحقه المسلوب في أن يكون إنساناً كامل الإنسانية ، موفور الكرامة عزيز الجانب سيد مخلوقات الله جل وعلا ، ولا يعيب القرآن ولا يعيب هذا الدين أن يتناسى هؤلاء الخلائف من المسلمين قيمة هذه الكلمات المنيرات ، وأن يهمل هؤلاء الخلائف من المسلمين التعرف على قدرهم وقيمتهم المشتقة من الإسلام والمستمدة من القرآن ، وإنما كلامنا كله ما مضى وما هو حاضر وما هو آت ، من أجل هذا فقط ، من أجل أن يدرك المسلمون أنهم ناس لهم في الدنيا قدر وقيمة مؤسسان على كلمات الله ومشتقان من دين الله عز وجل .

فإذا وقفنا عند سورة الشمس وجدنا أمراً عجباً وجدنا الله جل وعلا يعرض قضية الإسلام خلال مشاهد الكون التي تمضي رتيبة منتظمة ، لا يطرأ عليها خلف ولا يلحقها انحراف ولا انخراق تحت طائلة التخريب والفناء ، فيستشف المسلم من خلل ذلك أن هذا الدين الذي جاء به محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام إنما شأنه شأن الظواهر الكونية سواء بسواء ، وأن العدوان عليه يشبه من كل الوجوه العدوان على النظام الكوني ، وكما أن النظام الكوني حينما يتطرق إليه الخلل تكون العاقبة فساداً وتخريباً ودماراً وفناءً وكذلك بالضبط العدوان على هذا الدين واختراق حدود القرآن وتجاوز أوامر الله تعالى لا ينتج عنها إلا الفساد والخلل والخراب . والله تعالى ذكر في مواطن عدة من كتابه أمر الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون ، ونهى في مواطن عدة عن الفساد في الأرض .

واتفقت كلمة المفسرين وتراجمة القرآن الكريم على أن الفساد في الأرض هو ارتكاب المعاصي ، لأن إهمال التطبيق الكامل لشرائع الله لا ينتج عنه إلا فساد الدنيا وضياع الآخرة على النحو الذي يشهده الناس في هذه الأيام .

ودلّ على أمر آخر ، فحينما ذكر الله تعالى أمر ثمود فقال ( كذبت ثمود بطغواها ، إذ انبعث أشقاها ، فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها ، فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها ، ولا يخاف عقباها ) حين قال الله تعالى هذا كان في هذه الصياغة معتبر لأولي الألباب ، وكان فيها أيضاً ضياء يشير إلى واقع تحقق في الجماعة المسلمة ستلحقه وقائع ، وسيزداد اتضاحاً وجلاء . إن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا الناس فراداً كما دعا الناس جماعات ، ودعاهم وهو يتردد حول البيت ، كما دعاهم وهو يغشاهم في نواديهم ، وتحرّى أن يلقاهم في المواسم فوقف عليهم وقرأ عليهم القرآن ، وذكرهم بأيام الله تعالى ، فاستجاب من كتب له الله التوفيق والإحسان ، وأعرض عنه من حق عليه كلمة الضلالة ، وعلى أي الأحوال ففي سياق الزمن فإن هذه الجماعة الملتفة حول محمد صلى الله عليه وسلم كانت تكتسب مع الأيام مواصفات كلها في صالح القضية ، وكلها يمهّد ماضيها للاحقها ، تمهيد السبب للمسبب ، إننا نعثر الآن على أوائل الإشارات التي تشير إلى مسؤولية الجماعة المؤمنة . من أكبر الأخطاء ومن أشدها فتكاً وتدميراً بالنسبة للدعوة أن يفصل الإنسان المسلم بين ذاته واهتماماته وبين مصالح واهتمامات الجماعة ومآلات الإسلام .

إن الجماعة المؤمنة حين تتكوّن يعني أنها قررت قراراً لا رجعة فيه أن تحمل على عاتقها أن تصل الليل بالنهار وتصل النهار بالليل من أجل أن يترقى حال الناس وشأنهم .

حينما تضع أمامك صياغة الآيات من آخر سورة الشمس فستدرك إن شاء الله أن القرآن يعرض عليك قضية غير مصرحة من خلال صياغة الآيات وتركيب الجمل والكلمات ، عرض عليك قصة ثمود ، وثمود مجموعة من القبائل التي مضت قبل أمتنا ، جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا : إنا كفرنا بما أُرسلتم به . أمة بالكامل ، ولكن إعجاز القرآن في إيحائه بالمعاني من خلال الصياغة وحروف الكلمة الواحدة يتجلى في هذه الهندسة البديعة في نمط الكلام . أمة أعرضت ولكن حين نهى نبيها عن الاعتداء على الآية التي طلبها القوم من رسولهم فكانت ناقة الله لم تتآمر الأمة بمجموعها على هذه الآية ، هنا جاء النص على أنه بعث أشقاها ، أي أن المباشرة فـي قتل الناقة كان رجلاً واحداً ، وإذا ذهبنا نتعرف على حقائق القصة من خلال سور القرآن الكريم فسنجد أن المؤامرة حيكت من خلال نفر ، قال الله تعالى في موضع آخر ( وكان في المدينة تسعة رهط مفسدون في الأرض ولا يصلحون ) تسعة هو الذين تآمروا على قتل الناقة ، وواحد فقط هو الذي باشر في تنفيذ الجريمة التي تشكل اعتداءً على أوامر الله . فما الذي كان ؟ إن موازين العدل الظاهر تقتضي أن يؤخذ المجرم بذنبه ، وأن لا يُتعدى بالعقوبة إلى من لم يباشر الفعل ، ذلك صحيح بالنسبة إلى قوانين الدنيا وإلى أنظمة الناس ، هذه التي تشرّع لناس محصورين في بقعة من الأرض معلومة وفي فترة من الزمان محدودة ، وأما رسالات الله التي تتغلغل في البواطن وتتشعب مع ضمير الغيب فشأنها في إنزال العقوبة شأن آخر .

إننا على الصعيد الاجتماعي نتعامل مع كتلة لا مع فرد ، وهذه الكتلة منظومة من أفراد ، وإذاً فالأفراد يشكلون الكتلة والكتلة تتضمن الأفراد ، وما يجوز في هذا الاعتبار أن تُفصل العقوبة عن الجريمة من جسم هذه الكتلة ليُنزل العقاب بفرد آخر . إن قوانين الاجتماع كما انتهى إليها علم الاجتماع في زماننا هذا وقبله تشير إلى بدايات الرسالات قبل آلاف السنين .. إن قوانين الاجتماع تقول : إن الإنسان الفرد غير مأذون له أن يعتدي على القوانين العامة فـي الجماعة ، لأن القوانين العامة في الجماعة تمسّ مصالح الجماعة ككل ، وتنعكس آثارها على الكل ، فمن أجل ذلك كانت مسؤولية الحفاظ عليها ومسؤولية حراستها مترتبة على الكل . فمن هنا حين نرى كتلة اجتماعية تؤمن بالنظر الواسع العريض ونجد بينها أفراداً أو عشرات أو مئات أو ألوفاً يعملون بالطاعة ويبتعدون عن المعصية ولكن ضمن إطارهم الخاص ، وفي حدود ذواتهم فقط فإننا يجب أن لا نستغرب حين تسوء الأمور ويمر الإنسان المؤمن التقي فيرى المعصية وهي تُباشَر ويرى المنكر يُجهَر به بغير استحياء ولا تحوّط ، ثم يقول : ما لي ؟ يجب أن لا نستغرب حين ينزل البلاء عاماً وصدق الله العظيم ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) وما أصدق الكلمة التي قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما سـألته عائشة رضي الله عنها قالت : يا نبي الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : نعم إذا كثر الخبث .

إذا استعلَمت المعصية وإذا عربد المنكر وإذا تجاهر الشذوذ ، مهما يكن في الأمة من صالحين فالهلاك واقع ، لأن الصلاح بمجرده ليس الصلاح المحدود بحدود الظرف ، ولكن الصلاح الذي يبغيه القرآن ورسمته الشريعة هو ذلك الصلاح الذي تتراحب آفاقه لتشمل مصالح الأمة في حاضرها ومستقبلها ومن أقصاها إلى أقصاها ، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول : ما من قوم يُعمل فيهم بالمعاصي يقدرون على أن يغيروا ثم لا يغيرون إلا عمهم الله جل وعلا بالعذاب.

فهذه الظاهرة التي نتعرف على بدايات الحديث عنها والتي سترد معنا فيما سنستقدم من كلمات الله شيء عظيم الأهمية .

إن الذي قام بالجرم واحد ، وإن الذين تآمروا تسعة ، ومع ذلك فإن الله تعالى جلّل تلك الأمة بالعقوبة فجعل عاليها سافلها وأحلّ بها دماراً وألحقها بالأمم السابقة التي عصت أوامر الله . وأنت الآن تفتش عن ثمود فتقرأ بجانب اسمها أنها من القبائل العربية البائدة ، أي التي بادت ولم يبقَ لها ذكر .

ماذا يترك من انطباع طرق المسألة بهذا الشكل على تلك الجماعة المؤمنة الناشئة حول محمد صلى الله عليه وسلم ؟ إنه يضع النذير أمام أعينها ، ويخط لها في مزدحم المسالك طريقاٌ واضحاً ، إنه على الأمة المسلمة وهي تأخذ أمر الله بقوة وتباشر شريعة الله بجدية كاملة أن لا تغفل عن سلامة البناء لحظة واحدة ، وعليها أن تعلم أن أي شذوذ من أي مصدر كان ، من أسفل البناء أو من أعلاه أو من وسطه فإنما يعني الجميع . وأن الخرافة المقيتة التي تقول أن هذا من شأن الدين وأن ذاك من شأن السياسة ، هذا من شأن الرعية وهذا من شأن الحاكم ، فهي خرافة لا تقوم على رجل سليمة ، كما لا تقوم على رجل عرجاء . وأنها وسيلة الأفّاقين والضالين والمضلين إلى حرف الأمة عن طريقها وإبعادها عن هدي ربها .

إن أي شيء ما لا يمكن أن يسقط من اهتمام أي فرد في المجتمع ، وليس شيئاً يختص بالقاعدة أو بالقمة ، وإنما الأمر كله لله .

إن تتبع أخبار تلك الجماعة التي نشأت حول محمد صلى الله عليه وسلم يكشف أمامنا ما اكتسبه المسلمون من هذا الدرس البليغ ، لقد كان كل واحد من هؤلاء النجباء الأبرار وجنود محمد صلى الله عليه وسلم يشعر بأنه قيّم على رسالة السماء ، هو نفسه يشعر بأنه يحمل مسؤولية الدنيا من أولها إلى آخرها ، ومن هنا كانت هناك يقظة دائمة وحراسة دائمة .

وكان المسلمون بفضل الله تعالى عوناً لبعضهم على إقامة أمر الله حيثما وُجد تعب ، إن أي انهيار في أية جهة كان المسلمون يسارعون كلهم لدعم هذا الانهيار ولبعث النشاط في هذا التعب ، حيثما وُجد خلل سُدّت الأبواب في وجه الشيطان حفاظاً على أمر الله تعالى ، ولكي لا يُترك المجال مفتوحاً أمام الشيطان ليعبث في هذا البناء الرباني الذي أقام الله المسلمين عليه .

هذا المعنى لم أشرحه من قبل ، ولم أشرحه الآن ، وإنما المسألة عميقة وكثيرة الفروع والتشعبات ، إن القرآن كان يقود المسـلمين فـي معركتهم المشرفة .. ضد الإلحاد والتخريب ، وهو فـي نفس الوقت يؤرخ للجماعة المسلمة ، ويؤرخ لدرجات النمو في هذه الجماعة .

إننا حينما نوجه الآن سورة البروج نواجه أمراً يكاد يكون نتيجة طبيعية لتلك المقدمة التي مضت في سورتي القدر والشمس .. إعداد الإسلام والشعور بأن هذا الإسلام هو جزء من النظام الكوني ، وإن أية إساءة إليه هو إساءة لمصير الإنسانية برمتها ، ليس كلاماً يقال في الهواء ، وليس تسلية يتسلى بها الفارغون ، ولا شعاراً يلقيه تجار السياسة ولصوص الشعوب ، ولكنه الحقيقة الكونية الهائلة العظيمة التي لا يغفل عنها إلا شقي .

إنها مسؤولية ضخمة وكبيرة ، ولكنها المسؤولية التي من ورائها جنات تجري من تحتها الأنهار ورضوان من الله أكبر . إن سورة البروج تعرض للمسلمين درساً في الثبات والتثبيت لا مثيل له ، اسمعوا السورة ( والسماء ذات البروج ، واليوم الموعود ، وشاهد ومشهود ، قُتل أصحاب الأخدود ، النار ذات الوقود ، إذ هم عليها قعود ، وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود ، وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ، الذي له ملك السماوات والأرض والله على كل شيء شهيد ، إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق ، إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير ، إن بطش ربك لشديد ، إنه يبدئ ويعيد ، وهو الغفور الودود ، ذو العرش المجيد ، فعّال لما يريد ، هل أتاك حديث الجنود ، فرعون وثمود ، بل الذين كفروا في تكذيب ، والله من ورائهم محيط ، بل هو قرآن مجيد ، في لوح محفوظ ) .

سمعتم هذا الكلام الذي ينساب منساباً تارة ويعنف مزمجراً مدمراً تارة أخرى ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق ) سمعتم هـذا الكلام الذي يتموّج هبوطاً وارتفاعاً في النبرة والسياق ، ماذا كان يريد أن يقول لمحمد صلى الله عليه وسلم ؟ وماذا كان يريد أن يقول للعصبة المؤمنة ؟ أرأيتم سورة الشمس كيف أبانت لنا أن نظام الإسلام وأن شريعة الإسلام جزء من النظام الكوني برمته وأن العدوان على هذه الشريعة فمرده إلى الناس بالذات ، لأنهم هم الذين سيألمون منه ، أرأيتم كيف أن خواتيم سورة الشمس أبانت لنا أن نظام الإسلام جزء من النظام الكوني ولا يمكن أن ينهزم ؟ أرأيتم هذا المعنى ؟ إن التطمين في سورة البروج يأتي على نحو أوضح ولكن من إعجاز القرآن أن يساق القرآن مساقاً يختلف شدة وليناً وارتفاعاً وهبوطاً ثم لا يأتي الوعد بالحفظ إلا فـي آخر السورة ( بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ ) .

هذا الدين له الغلبة ، وإن الذين تحدثهم أنفسهم وتسول لهم شياطينهم أن يعبثوا بحقائق هذا الدين .. أن يريحوا أنفسهم من هذا ، لأن جهدهم في هباء . إن الله الذي لا يعجزه شيء ، لقد تكفّل بالحفظ لهذا الدين ( بل هو قرآن مجيد ، في لوح محفوظ ) .

وإن الله تعالى تكفّل للذين اكتسبوا شرف الانتماء إليه بأن يكونوا دائماً هم الغالبين ( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي وإن جندنا لهم الغالبون ) هذه بشارة كبيرة بالحفظ والتمكين وعدم فتح المجال أمام الضالين لكي يعبثوا بحقائق الإسلام . هذا الوعد لا يأتي إلا أخيراً ، ولكنه وعد صدق وحق ، إن أمامنا تاريخاً طويلاً  وحافلاً ، وإن وقائع في التاريخ محفوظة ، وإنه في أية نزاع كان بين الإسلام وبين أعداء الله تعالى فإن الغلبة في الجولة الأخيرة كانت لله ولكلمات الله ولجند الله ، ورجع الضالون بالخيبة والخسران وشيعتهم الأجيال باللعنات المتلاحقة . إن هذا وعد مقطوع للناس لكي لا يستيئس الناس ولكي تدرك الإنسانية أن الله الذي رحمها بمحمد صلى الله عليه وسلم لن يتركها فريسة للشياطين وللأبالسة ، لن يتركها فريسة للضالين والمضلين ولكن متى ؟ في آخر السورة ، ولماذا ؟

قلت لكم مراراً : هذا الكتاب معجز ، وإعجازه ليس فقط في المعاني ، كلا وليس فقط في الألفاظ ولا في التراكيب ، وإنما كذلك في هندسة الكلام ، في توزيع السور ، توزيع الأخيلة ، توزيع القضايا من خلال الإطار العام . إن الوعد جاء بعد عرض صورة وبعد مشهد كوني (والسماء ذات البروج ) ما هي البروج ؟ إن المتبادر أن البروج هي الطرائق التي تسلكها النجوم في السماء ، وآن أن نكشف لبساً يتعلق في هذا الموضوع .

إن تراجمة القرآن اختلفت حول هذا الموضوع ، واختلافها جاء من جراء علوم كونية نجمت في تلك العصور .. وماذا الآن .. إننا نعتمد في صورة أساسية على دلائل اللغة وعلى سلائق العرب في فهم كلامها الذي نطقت به . وأننا حين تتعارض الآراء فإننا نرجع إلى ما صح نقلاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم . فإن لم نجد فنأخذ من كلام الأصحاب والتابعين ما كان أقرب إلى دلالات اللغة كي لا نحمّل ما لا يتحمّل . 

ما معنى البروج ؟ البروج مادة مشتقة من جذر من ثلاثة حروف وهي الباء والراء والجيم ، مادة برج ، برج في اللغة تعني ظهر ، ومن هنا نقول : هذه امرأة متبرجة يعني ظاهرة الزينة ، لكن في المادة إيحاء بمعنى آخر هو معنى السمو والارتفاع ، فالشيء الذي يظهر لا يمكن أن يظهر بين ما هو أعلى منه ، إنك إذا وضعت مصباحاً صغيراً بين أضواء قوية فإن أضواء القوية تخفي ضوء المصباح وتلاشيه ، ولا يكون هذا ظاهراً . لا يقتضي أن يكون أكثر ضوءاً  وأعلى مكاناً من سائر الأضواء الأخرى لكي ينطبق عليه وصف أنه من البروج .

ومن هنا قلنا عن المرأة أنها متبرجة أي أنها تضع الزينة على وجهها ، وهو أعلى شيء فيها وهو أظهر شيء فيها ثم هي تظهره وتسفر فيه . من هنا جاء لفظ البروج إلى كل ما هو ظاهر ومرتفع ، نقول : بنينا برجاً أي أقمنا بناءً هو أعلى من جميع الأبنية ، فالأبراج في القلاع التي كان الناس يبنونها قديماً كان أعلى شيء في بناء القلعة وكان مخصصة لتكون مرقباً يرقب منه أهل القلعة مجيء الأعداء إليهم .

حينما نطقت العرب بهذا اللفظة وقالت بها في هذا المعنى المتساوق مع الجذر اللغوي سمّت كل بناء مرتفع برجاً ، فالقصر الشامخ المزيّن يسمى أيضاً برجاً ، فالقصور بروج . فمن حيث أن النجوم في السماء وأنها عظيمة الأجرام وظاهرة البريق واللمعان سمتها العرب بروجاً . ولذلك قال الله ( تبارك الله الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً ) فالسراج هو الشمس ، والقمر هو هذا المعروف عند الناس ، والبروج هي النجوم .

فالبروج هنا ليست الطرائق التي تمشي فيها النجوم ، كما أنها ليست قصوراً مبنية في السماء كما ذهب إلى ذلك بعض قدامى المفسرين ، وإنما هي النجوم في السماء . ( والسماء ذات البروج )هـي تلك الأجرام الهائلة البالغة فـي العلو والارتفاع والسـمو والضخامة . ( واليوم الموعود ) وهــو يوم القيامة . ( وشاهد ومشهود ) وهنا اضطربت آراء المفسرين اضطراباً واسعاً ، قالوا إن الشاهد هو الله والمشهود هم الخلق ، وقال قائلون إن الشاهد هو محمد صلى الله عليه وسلم والمشهود هم الأمة ، وقال آخرون إن الشاهد هو يوم الجمعة والشهود هو يوم عرفة .

ونحن .. ما لم تكن بين أيدينا دلالة تدل على صدق التأويل فلسنا ملزمين أن نأخذ بها . وعلى أية حال فينبغي أن نعلم أن كل من قال قولاً فإنما استند بقوله هذا إلى دليل لاقى رأيه ، فالله تعالى سمى محمداً صلى الله عليه وسلم شاهداً فقال ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ) كما سمى هذه الأمة المحمدية شاهدة قال ( وجعلناكم أمة وسطاً لتكون شهداء للناس ويكون الرسول عليكم شهيداً ) كما سمى يوم القيامة مشهوداً فقال ( ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود وما نؤخره إلا لأجل معدود ، يوم يأتي لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد ) فإذاً ففي كلمات الله تعالى ما يسند هذه التأويلات الذي ذهب إليها هؤلاء .

ولكنا نريد أن ننبه إلى أمر .. الله تعالى يقسم بالسماء ذات البروج ويقسم باليوم الموعود وهو اتفاقاً اليوم الآخر . من الذي يناسب قسماً كونياً هائلاً مصيرياً كهذا ؟ يناسبه أن يكون الشاهد هو ابن آدم وسائر الخلائق الموقوفة للحساب يوم القيامة ، وأن يكون المشهود هو ما يعانيه الناس من أهوال يوم القيامة . ذلك هو المناسب لكي يوضع الإنسان في الصورة ولكي يدرك قيمة هذا القسم الذي جاء مرشحاً لسياق أمر عظيم ( وشاهد ومشهود ) أين جواب القسم ؟ ( قُتل أصحاب الأخدود ) فكأن الله تعالى قال : لقد قُتل أصحاب الأخدود . وقتلهم لا يعني هنا القتل المادي ، ولكن يعني اللعن والطرد من رحمة الله ، فما شأن أصحاب الأخدود ؟

إن أصحاب الأخدود قوم من الأمم السابقة ، لهم نبأ عظيم ، ونبأهم له اتصال بمجرى الدعوة وسياق القضية الإسلامية . والذي يضفي على نبئهم أهمية خاصة أن هذه التجربة المقيتة تتكرر عبر القرون .. إن المفسرين اختلفوا في ماهية أصحاب الأخدود ، من هم ؟ ذهب منهم إلى أنهم كانوا في الزمن الأول ، قال قائلون إنهم كانوا قبل إبراهيم ، وقال غيرهم إنهم كانوا بعد إسماعيل بخمسمائة سنة ، لكن نحن في حل من الأخذ بكل هذه الآراء ، قلت لكم إننا حين نعثر على نص مسند بطريق صحيح إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فلا علينا أن نكب كل شيء ، وأن نقف مع النص النبوي ولا نتعداه . قال الإمام أحمد رحمه الله : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كان فيمن كان قبلكم ملك ، وكان للملك ساحر ، فقال الساحر للملك ذات يوم : إنه قد كبر سني واقترب أجلي فادفع إلي غلاماً أعلمه السحر قبل أن أموت ، قال فدفع إليه الملك غلاماً لبيباً ، فصار الغلام يختلف إلى الساحر ، وكان بين بيت الغلام وبين بين الساحر راهب ، فكان الغلام يمرّ بطريقه إلى الساحر بالراهب ، فجلس إليه ذات يوم ، فأعجبه كلامه ، فآمن بما عند الراهب ، وأصبح الغلام يقضي أوقاتاً عند الراهب فيتأخر ، فإذا جاء إلى الساحر قال له : ما أخّرك ؟ ويضربه ، وإذا رجع إلى أهله يضربونه على التأخير ، فشكى إلى الراهب أمره ، قال له : إذا جئت إلى أهلك فقل لهم : كنت عند الساحر ، وإذا جئت إلى الساحر فقل : أخّرني أهلي . ومضى الأمر هكذا . وكان للملك جليس ، فعمي ذلك الجليس وانقطع عن الملك ، وبينما كان الغلام ذات يوم في طريقه إلـى مقصده فجاء إلى مكان فيه الناس محتجزون والطريق مقطوع ، وإذا حية عظيمة قطعت على الناس الطريق ، ولا يستطيع الناس أن يمروا ، قال الغلام في نفسه : اليوم أعلم : أمر الراهب أحب إلى الله أم أمر الساحر ؟ فتناول حجراً وقال : اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة وأرح الناس منها ، ورمى الحجر فقُتلت الدابة . فاجتاز الناس . وأصبح الغلام يبرئ الأعمى والأبرص ويشفي الأمراض والأدواء ، فلما جاء إلى الراهب قال له يا بني أنت الآن أفضل مني ولكن إذا سألك الملك عني فلا تدله علي . فلما سمع الناس بأمر الغلام وقدرته على معالجة الأمراض والأسقام ، سمع من جملة ذلك جليس الملك ذلك الذي عمي ، فجاءه وطلب منه أن يشفيه ، قال له : أنا لا أشفي ، إن الذي يشفي هو الله ، فإن أنت آمنت بالله دعوت الله لك فسيشفيك إن شاء الله . قال فآمن جليس الملك ودعا الغلام ربه فردّ الله البصر إلى جليس الملك . ويفاجأ الملك بجليسه مبصراً يدخل مجلسه ، قال له : ما شأنك ؟ قال : شافاني ربي . قال الملك : أنا ؟ قال : لا ، ربي وربك الله . قال : هل لك من إله غيري ؟ قال : نعم ، الله . فما زال الملك يعذبه حتى دلّ على الغلام . وجيء بالغلام فعُذب فدلّ على الراهب . وجيء بالراهب واجتمع الثلاث . اجتمع هؤلاء الثلاثة أمام الملك . قال لجليسـه : ارجع عن دينك . قال : لا . فأمر به فقُتل . قال للراهب : ارجع عن دينك . قال : لا . فأمر به فربط على جذع شـجرة ، ثم جيء بالمنشار فقطع نصفين . قال للغلام : ارجع عن دينك . قال الغلام : لا ، الله ربي . فأمر الملك رجاله أن يأخذوه ويصعدوا به إلـى أعلى الجبل ، وقال لهم : إن أنتم وصلتم إلى أعلى الجبل فخيّروه بين أن يرجع عن دينه أو يرموه من الجبل . فلما صعدوا به خيّروه ، فقال الغلام : اللهم اكفنيهم بما شـئت ، فرجف بهم الجبل فسقط أتباع الملك جميعاً ، وفوجئ الملك بالغلام وهو يدخل عليه . قال : ما شأنك ؟ قال : أنجاني الله تعالى . فأمر به أن يحمل في قارب صغير فإذا وصلوا به إلى المكان العميق في البحر خيّروه فإما أن يعود عن دينه أو يرموه في البحر . فأخذوه فلما كانوا في وسط البحر خيّروه ، فدعا الغلام وقال : اللهم اكفنيهم بما شئت . فتحركت الأمواج فغرق أتباع الملك ، ونجا الغلام ودخل على الملك . عجب الملك وقال : ما شأنك ؟ قال : دعوت الله فنجاني منهم وأغرقهم . فتحيّر الملك ، فقال الغلام له : أنا أدلك على ماذا تفعل بي ، إن أنت أردت أن تقتلني فاجمع الناس واربطني على شجرة وخذ سهماً من كنانتي وإذا وضعته في القوس فقل : باسم الله رب الغلام واضربني فإنك سوف تقتلني . وحشر الملك فنادى واجتمع الناس وجيء بالغلام ورُبط على الجذع وتناول الملك الغشيم سهماً من كنانة الغلام فوضعه في القوس وقال أمام الملأ : باسم الله رب الغلام وأطلق السهم فوقع في صدر الغلام ، ومات الغلام . حينها قال الناس : آمنا برب الغلام . قال الأتباع والمنافقون والدجالون والمرتزقة .. قالوا للملك : قد وقع ما كنت تخشاه . كنت تريد من الناس أن لا يؤمنوا فها هم قد آمنوا .

هذا الحديث ذكره الإمام أحمد ، كما رواه الإمام مسلم في آخر صحيحه ، كما رواه أيضاً الإمام النسائي والإمام الترمذي ، رووه جميعاً بنحو من صياغة أحمد تقريباً . والواقعة وقعت في جزيرة العرب ، وأن السورة نزلت من أجلها ، وأن العرب كان عندهم علم بهذه الحادثة ، مما يرجح أن الحادثة وقعت في الفترة ما بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام . ومما يؤكد على أن الحادثة معلومة عند العرب قوله تعالى (هل أتاك حديث الجنود ) و ( قُتل أصحاب الأخدود ) ثم لا يُفصّل القرآن قصة أصحاب الأخدود لا في هذه السورة ولا في غيرها كما هو العادة في بقية قصص القرآن التي لا يعرف عنها العرب شيئاً .

الذي يدلّ عليه السـياق أن العرب تعرف قصة أصحاب الأخدود ، ولاحظوا ، أمامنا نص يحتاج إلى تأنٍ وهو ثمين ومفيد ، كما قلت لكم أن المفسرين اختلفوا في أصحاب الأخدود ، المكان ومن هم وفي أي وقت . الراجح عندنا كما سنشرحه في الجمعة القادمة أنهم كانوا في جنوب الجزيرة العربية ، وعلى تحديد أدق في نجران التي بين الحدود السعودية واليمن الآن ، والراجح عندنا أنهم في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام ، والراجح عندنا أن العرب كان عندهم خبر بهذه القصة . وهناك روايات تقول أن الأخدود كان في الشام على زمن قسطنطين حين أراد أن يحرق النصارى ، يقولون أن الأخدود كان في اليمن في زمن تبّع ، وكان في العراق في أرض بابل حينما دعا بختنصر الناس للسجود له فأبى عليه دانيال ومن كان معه .

هذا النص يشعرنا أن حوادث تعذيب المؤمنين لا لسبب إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ، إلا أن يقولوا ربنا الله .

عادة مكرورة من جميع أعداء الله تعالى في وجه المؤمنين الذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً ، والذين يقولون لا إله إلا الله ، والذين لا يجرون وراء الحطام ، والذين يصلحون في الأرض ولا يفسدون ، والذين يحرثون للآخرة ويشرونها بدنياهم ، هم الذين ثبتوا على كلمات الله ووقفوا مع كلمات الله ومع أوامر الله فتعرضوا إلى العذاب والمحن .

إن الملك حين رأى الناس قد أسلموا هددهم بالقوة وأمر بأن تُحفر الخنادق في الشوارع والدروب وأن تُملأ بالحطب والنيران ، قالت القوة الباغية : اعرضوا الناس على النيران فمن أبى أن يرجع عن دينه فاطرحوه في النار حياً . ومن تراجع عن دينه فخلوا عنه . وتقحّم المؤمنون يدخلون النار أفواجاً يستعذبون العذاب في ذات الله ، ويرون أن الموت في سبيل الله غاية ، وليس بينهم وبين الجنة إلا أن تُنتزع هذه الروح من البدن .

ويروى في الحديث نفسه أن امرأة من المؤمنات جاءت تحمل طفلاً صغيراً على صدرها فلما مسها لفح النار فكأنها تقاعست وكادت أن ترجع ، فأنطق الله الصبي وقال لها : يا أماه اثبتي فإنك على الحق . فاقتحمت المرأة النار ودخلت النار .

هذه الصورة التي عرضتها سورة البروج من جملة ما عرضت ، كانت درساً في مكانه وفي زمانه ومتساوقاُ مع درجة النمو التي بلغتها الجماعة حول محمد ، كما هو متساوق مع مبلغ الشراسة والعنف والعنفوان الذي بدأ يتفجر في صدور القرشيين وسائر أعداء الله تعالى .

وفي الأسبوع المقبل إن شاء الله .. نفصل في الحديث عن الدروس والإشارات البالغة التي تضمنتها هذه السورة الكريمة .. سائلاً الله تعالى أن يفتح قلوبنا لفهم كتابه الكريم وأن يثبت عزائمنا لكي نقف مع الله أمام كل متكبر جبار .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. والحمد لله رب العالمين .