تفسير سورة النجم(5)

العلامة محمود مشّوح

تفسير سورة النجم

الجمعة 29 صفر 1397 / 18 شباط 1977

( 5 ـ 5 )

العلامة محمود مشّوح

 (أبو طريف)

إن الله مع الذين اتقوا والذين هـم محسـنون .. أما بعد أيها الإخوة المؤمنون :

فإننا نأمل إن شاء الله تعالى أن نأتي على ما تبقى لنا من سورة النجم ،  قضينا في النظر في قضاياها وقتاً لا بأس به ، وكنا في الأسبوع الفائت قد اضطررنا إلى الوقوف عند آيات قلائل من السورة الكريمة ، وإن الذي يشفع لهذه الوقفة الطويلة عند آيات قليلة تجاوبها مع العصر ومسيس حاجة الداعين إلى الله للتعرف على ما تشير إليه وتدل عليه .

وأظن أننا بعد في الجو ، لم يتغيّر علينا منه كبير أمر ، فليس ثمة من شك في كل الذي شرحناه في الجمعة الماضية ، وفي صلة هذا الذي شرحناه باحتياجات الدعوة ، وما يشك أحد في أنه مطابق للواقع البشري غاية المطابقة ، وفي أنه يشكل أساساً طيباً جداً لاعتماد المناهج التي يسير عليها الدعاة إلى الله جل وعلا ، وأذكر أنني لفتّ نظركم في الجمعة الماضية إلى أن هذا الكلام الذي أثارته تلك الآيات القلائل ليست مقطوعة الصلة بمجرى الحياة في ذلك الزمن الذي تنزّلت في هؤلاء الآيات ، بل هي تعبّر بأمانة وصدق عن الواقع المتحرك في ذلك الحين . فليكن هذا مدخلنا إلى الحديث اليوم تكملة وتتويجاً إلى ما عُرض .

سمعتم ربنا تبارك وتعالى يُعقّب على مواقف المشركين واعتقاداتهم وتصوراتهم ، ويصفها بالوصف الذي تستحقه ولا تستحق أكثر منه ولا أقل ، إنما هي ظنون ، والظنون في باب الدينيات شيء لا يجوز البناء عليه ولا الاطمئنان إلى ما يؤدي إليه من نتائج ، ذلك أمر .

وأمر آخر هو أن هذا الموقف الذي أثاره أو وقفه المشركون من الدعوة ومن رسول الله صلوات الله عليه وآله إنما هو مبلغ القوم ومبلغ الإنسانية من العلم، وذلك نافع جداً لأنه يحدد المهمة الأولى أمام محمد عليه الصلاة والسلام ، وأمام الذين يأخذون بطريقه ، إنها طرد الجهل بالعلم وطرد الظلام بالنور ، وتلك مهمة لا يمكن لأحد أن يفكر بتخطيها بحال من الأحوال ، لأنه لو فعل سيكون بانياً على الرمل وعلى غير أساس ، ثم إن هذا الموقف الذي وقفه المشركون ويقفه أشباههم في كل زمان وفي كل مكان ليس شيئاً مقطوع الصلة بالواقع الذي يعيشه الناس ، وليس شيئاً خارجاً على قوانين الاجتماع البشري ، كما أنه ليس شيئاً في صلب الطبيعة البشرية ، وإنما هو مرض إنساني معروف ، أي علة بشرية قديمة هي إرادة الناس للدنيا ، أي تغليب المصالح العاجلة على المصالح الآجلة ، تغليب مرضاة النفس وإوراء مطامحها وإشباع شهواتها ودغدغة عواطفها على ما هو باقٍ وعلى ما هو صحيح وعلى ما هو حقيقي . إن الله عرض المسألة بهذا الشكل كشأنه جل وعلا دائماً وهو يقود المؤمنين في معركتهم الخالدة المستمرة ضد المشركين والمرجفين والمشككين حتى يسير المسلمون على أرض معروفة بالنسبة إليهم وحتى يستطيعوا أن يردوا الظاهرات إلـى أسبابها وعللها الحقيقية كي لا يخطئوا فيما بعد ولا يخطئوا في تناول الأمور .

( فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ، ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى ) بعد هذا البيان والبلاغ تأتينا صياغة ونحن نراجع سياق السورة تلفت النظر وتشد الاهتمام ( ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) ولا بدّ من أن نخلص النظر إلى الصياغة ، إن الصياغة جاءت معقبة على تشريح حالة كانت راهنة في المجتمع المكي المشرك وهي كما قلنا حالة توجد في أي وقت وفي أي مكان حينما تستدعيها دوافعها وأسبابها ، هذه الحالة حُدد لها بعد التشريح موقف ، على المؤمنين أن يتخذوه ، والموقف المؤسس على القاعدة التي ألمحنا إليها الآن حين يكون موقف الناس منبثقاً عن حدٍ معين من العلم يتأكد بث العلم الجديد وأخذ الناس بقواعده وقوانينه ، ووقفهم مع قضاياه ، مع تجريد المؤمنين من كل عوامل الغرور التي قد تجرّ الإنسان إلى رؤية نفسه وإلى وضعها في غير محلها ، فيتصوّر الإنسان أنه وكيل الله على الناس في الأرض ، وأنه يملك عليهم من السيطرة والسلطان ما يُخوّله حق الإكراه والقسر والإجبار ، الموقف حُدد بناءً على هذه الآساس بأنه الإعراض ( فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلى الحياة الدنيا ) وبظني أنني ذكرت قبل اليوم ومنذ شهور أن الإسلام وأن القرآن بالذات حينما يطالعنا بهذا الطلب ـ طلب الإعراض وطلب الصبر ـ فالإسلام معلوم أنه دين القوة ودين الإنسانية الكاملة الممتلئة ، فليس معقولاً والحالة هـذه أن يوطّن المؤمنين علـى الاسـتخذاء وعلى المهانة وعلـى الانهزام أمام الصدمات التي لا بد أن يواجهها السـائر في طريق الله جل وعلا .    

والحل هو أن الله جل وعلا بالذي فطر عليه الناس والذي يعرفه جل وعلا وعلمه من الناس أن الإنسان حين يترك أمام الحقيقة عارية ووجهاً لوجه لن يطول تأبيه عليها ، ولن يطول تمرده عليها ، والحقيقة تمثل العنصر الحي في هذا الكون المتراحب العظيم ، الحقيقة تمثل جذوة الحياة ، والإنسان برعوناته وبمواقفه الخاطئة يمثل الجانب الأكثر فساداً في الكون ، ولا بد لعوامل الصلاح من أن تتغلب ولا بد من أن يقع الإنسان الخاطئ صريعاً أمام الحقيقة عندما تتكشف ساحة الصراع مجردة عن أهواء النفوس ، فقول الله جل وعلا ( فأعرض .. ) مؤسس على هذه القضية التي تتمتع بأحقية مطلقة ، بعد هذا يأتي الكلام ( ولله ما في السماوات والأرض ليجزي الذين أسـاؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) أين مكان التأمل في هذه الصياغة ؟ مكان التأمل أننا حين نستعرض قرآننا المكرم نلاحظ أن موضوعات الجزاء والعقاب والثواب وما أشبه غالباً ما تتركز وتضاف إلى الدار الآخرة ، فالله جل وعلا في غالب آيات القرآن حين يتوعد ويشير إلى المصائر والنتائج يضيف ذلك إلى اليوم الآخر ، لكن في هذا الموطن مـن السـورة جاء ذكر الجزاء غير مقرون بآخرة ولا دنيا ، جاء مطلقاً ( ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) فهل هذا الجزاء مصروف إلى الدار الآخرة أم هو جزاء ينال الخاطئين في الدنيا أم هو شيء يمسهم في الآخرة والدنيا جميعاً ؟ حينما نأخذ في اعتبارنا هذه الصياغة الموحية في القرآن الكريم ونأخذ في اعتبارنا مجرى الحياة الإنسانية البشرية نخرج باستنتاج جيد وهو أن هذه الدنيا بما يتصرف فيها الناس وما يأخذون ويعطون وبما يضطربون من شأن لا يمر فيها خطأ من غير عقوبة ، وإن عاقبة الطريق المعوج دمار وفساد ينال صاحبه في هذه الدنيا ، وحينما نرجع إلى خصائص الذات الإلهية إلى الله فنعلم أنه ليس الإله المنتقم ، وليس الإله الشرير ، وليس الإله الراغب في الدماء والدموع والآلام ، وإنما هو الإله البر الرحيم ، نضع أيدينا على قضية إنسانية في غاية الأهمية .

نحن نقول حينما نرى إنساناً يتوّرط في الأخطاء ويكررها بالرغم من النصح والتحذير نقول دع هذا الإنسان يتعلّم على حسابه ، يتعلّم من كيسه ، ماذا يعني هذا الكلام ؟ يعني أن الإنسان لا تغنيه هذه الحقائق والوفاء لها التزاماً أن يتصوّرها عقلاً ، وأن يعتنقها عقلاً ، لا بدّ من معونة مادية ، لا بدّ من أن تعلمه حوادث الدهر ، لا بدّ أن تعلمه مجريات الأيام أن الطريق الذي هو فيه باطل ، وهو طريق خطأ لا صواب فيه . فالجزاء إذاً في الدنيا لا تُراد به العقوبة لمجرد العقوبة ، بل لعل لفت نظر الإنسان هـو أظهر ما يكون فـي تقرير هذه القضية ( ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ) في الدنيا صاحب الباطل لا يمكن أن يسلم له باطله أبداً ، لا بد من أن ينال عقابه ، لا بد أن يتعرض لنتائج الإعراض ، إن كل طريق معوج ينتهي إلـى دمار فـي هذه الدنيا قبل أن يقف الناس لرب العالمين يوم الحسـاب يوم العرض الأكبر ، يوم تُعرضون لا تخفى منكم علـى الله خافية ( ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) .

نحن الآن في ساحة الواقع الذي كان يواجه النبي صلى الله عليه وسلم ، وقبل أن ندخل هذه الساحة لا بد أن نقول ما يلي على وجه الاختصار .

هذا الإسلام حينما نادى به رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن بتاتاً قضية تصورات وأخيلة ، ولا قضية عقليات ولا استنتاجات واستنباطات ، وإنما كان قضية حياة بكل ما يتفرّع من الحياة وبكل ما ينبني على الحياة ، مخطط كامل يتناول بالتعديل والتغيير والتبديل معتقدات الإنسان ، ويغير تصورات وطرائق تفكير الإنسان ، ويغير الأهداف والغايات التي يسعى إليها الإنسان ، ثم هو قبل ذلك وبعده لا يترك الناس لهذه الأمور التي قد تكون في بعض الأحيان غائبة ، وإنما يأخذ أمهات المسائل فيطبّ لها ، ويشرّع من أجلها ، فهو إذاً نظام يتناول بالتغيير بنية الناس الاجتماعية . وبطبيعة الحال فنحن ننادي بالإسلام ، ومحمد صلى الله عليه وسلم حينما نادى بالإسلام كان مفهوماً جداً أن هذه الصورة المجتمعية التي كانت موجودة في المجتمع الجاهلي سوف تتعرض لتغييرات جذرية . من كان في القمة قد ينزل لأن يكون في أسفل السلم ، ومن كان ذا صوت وسلطان فقد يجرد من سلطانه وسوف يتخافت صوته . والصورة الاجتماعية لن تبقى على ما كانت عليه يتحكم فيها أبو جهل وأبو لهب وأبو سفيان وأضرابهم من زعماء الجاهلية ليبقوا في قمة المجتمع ، لأن المجتمع في بنائه الجديد لا يأذن ولا يسمح بأن تكون هذه العناصر بما تحمل من تكوين مغاير هي قمة المجتمع الجديد الوليد . إن مجتمع الإسلام بدأ يأخذ طريقه إلى التكوّن ، وبدأت تتكشّف بعض المعالم لهذا المجتمع ، وبدأ التميّز في السلوك وفي الأخلاق وفي الآفاق التي يتطلع إليها الناس ، بدأ التميز يظهر بين المجتمع الجاهلي وبين المجتمع الإسلامي الجديد .

في صورة من هذا النوع سيكون هناك احتكاك ، والاحتكاك كما قلنا يكون كلاماً وتراشقاً بالتهم ، كما يكون عراكاً وتضارباً بالأيدي ، كما يكون مقاطعة وتبرّأ من الأحباب والأصحاب . هذا الاحتكاك رأينا منه صوراً مرت معنا ، لكن هنا صورة جديدة وهي صورة في الواقع معروفة وقريبة ولا يمر يوم دون أن يلحظها الناس ، أيها الأخ لمجرد أن تبرز ويكون لك مقام في مجتمعك سوف تكون صفحة مكشوفة أمام الناس ، أنت خرجتَ من واقع كنتَ فيه ودخلتَ في واقع جديد حقق لك امتيازاً سيئاً أو غير سيئ ، هذا غير مهم ، المهم أن انفصالاً وقع بين صورتين من صور الاجتماع البشري ، لمجرد أن يحدث هذا بمراجعة سجلاتك ، كنتَ كذا فصرتَ كذا ، كان لديك كذا وصار لديك كذا ، هذا النوع من الاحتكاك ظاهرة إنسانية معروفة ومألوفة . حينما جاء الإسلام ونادى بمُثُل غير مُثُل الجاهلية ويقود الناس بأخلاق غير أخلاق الجاهلية وقع في وهْم المشركين هؤلاء التساؤلات التي لا بد أن تقع .

الإسلام بعبادة الواحد الأحد ، والجاهليون يعكفون على الأصنام ، والرجل منهم كان في الأمس يعكف على صنمه طائفاً ناحراً عابداً متمسحاً ، وهو اليوم يسب ويهين صنمه ويدين بالعبودية لله تبارك وتعالى . المجتمع المسلم ينادي بالعفة وبطهارة الخلق ، والمجتمع الجاهلي قلما يقيم وزناً لهذه الأمور ، فحينما يخرج المسلم من المجتمع الجاهلي فإن من ورائه سجلاً فقد يكون قتل أو سرق أو زنى وقد .. إلى آخره . إن هذه الصفحات التي طوتها الأيام من حياة النماذج الإسلامية التي أسلمت على يد محمد صلى الله عليه وسلم بدأت تُنشر لدى المجتمع المكي وبدأت تأخذ شكل التعيير . كل واحد يجد في نفسه الدافع حينما تخرج له فجأة لتنهاه عن الموبقات وأن في الماضي كنتَ عبداً لهذه الموبقات كل واحد سيقول لك : ما خطبك يا فلان أنت كنتَ من أصحاب هذه الأخلاق وأصحاب هذه الموبقات ، إن الله جل وعلا يكشف عن هذه الظاهرة ، حينما قال ( ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) ولاحظوا اللفظة ( الحسنى ) ليس فقط الشيء الحسن ولكنه الشيء الأحسن البالغ غاية الحسن ، بماذا عرّفهم ؟ قال جل وعلا ( الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ) لاحظتم هذا الكلام الدقيق البليغ المعجز وكيف كشف الغطاء عن هذه المعركة الدائرة بين المسلمين والمشركين في جانب من أخطر جوانبها لأنها تمس بالثقة بالإنسان الذي ينادي بالإسلام ، إنه ذكر عن الذين أحسنوا والذين سيجزيهم بالحسنى أي بالخير مما أحسنوا فيه فعرّفهم بأنهم هو الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش .

حينما نفهم كبائر الإثم والفواحش ونفهم اللمم ونفهم ما تعنيه الإشارة حين يقول الله أنه أدرى بخلقه إذ أنشأهم من الأرض من طينها ، وأعلم بهم إذ هم أجنة في بطون أمهاتهم وحين نسمع الله ينهاهم عن أن يزكوا أنفسهم نجد أمامنا صورة حية واقعية تتكرر باستمرار ينفع جداً أن لا تغيب عن البال .

إن الإسلام لا يضع في اعتباره أن الإنسان لمجرد أن يؤمن يخرج عن كونه إنسان ، إنه وهو مؤمن غاية الإيمان يظل إنساناً ، الإنسان إنسان والملك ملك والشيطان شيطان ، ولا مجال للإنسان للانسلاخ من طبيعته ، الإنسان من شأنه أن ينسى أو يعصي أو يتمرد أو يتعامى عن الحقيقة أو أن يضعف أو يكبو ، أو أن يتورط في الأخطاء . ذلك شأن الإنسان ، والرسول صلى الله عليه وسلم يكشف هذه الحقيقة بصورة لا تدع لمستزيد زيادة فيقول صلى الله عليه وسلم : كل ابن آدم خطّاء وخير الخطّائين التوابون .

إن الإسلام يشير إلى مبدأ خلقة الإنسان من أنه من هذا الطين ، فيه كل ما في الطين من كثافة وقدورة ، فيه كل ما في الطين ما يجذب إلى الأرض ويمنع الارتفاع نحو السماء ، وإن الإسلام يكشف أن هذا الإنسان ضعيف بما أشار إليه بعلم الله به وهو جنين في بطن أمه لا يعلم شيئاً ولا يملك لنفسه دفع ضرٍ ولا جلب نفع ، وإن الإسلام حين ينهى الناس عن أن يزكوا أنفسهم يشير إلى هذه النتائج .

لا شك أن المكيين أقاموا الموازنات ، كيف يجوز لنا أن نقول أن بلالاً الحبشي اللقيط الطريد يمكن أن يتساوى في القيمة أو يرجح على زعماء مكة ذوي النسب الصريح وذوي النسب الأصيل ؟ كيف يجوز لنا أن نقول عن صهيب الرومي إنه إنسان يتساوى وقد يزيد في المنزلة على زعماء قريش ؟ كيف نقول عن المستضعفين أنهم سواسية مع الزعماء ومع الأغنياء ؟ إن هذا كان موجوداً وهو أحد الأسلحة التي استعملت وهو سلاح ينفع بالنسبة للمغفلين والأغرار ، حينما تضع في المقياس أمامك إنساناً ضعيفاً وتضع في المقابل رجلاً من ذوي الصوت والصلة وتقارن ، فإن الذين لا يفكرون يقولون لك إن الزعماء خير حالاً وأسعد مآلاً من هؤلاء المستضعفين . ولكن الإسلام لا يقيم مقاييسه على هذه الأسس الباطلة الواهية السخيفة ، إنما معيار التفاضل ليس قائماً على الدم الذي يجري في العروق ، وليس قائماً على الأنساب والأحساب ، ولا على الثروات التي جمعت من حلال أو حرام ، ولا على الزعامات وما أشبه ذلك . إنه قائم على الفضائل الإنسانية الذاتية ، فقد تجد إنساناً غير منظور إليه في المجتمع نظرة إجلال وإكبار ولكنه صادق اللهجة عفيف النفس طاهر الضيم مستقيم الأخلاق فإنه في هذه الحالة يساوي الشيء الكثير من الزعماء والأغنياء وأكابر المجتمع الذين لا يعفّون عن موبقة من الموبقات .

مرّ رجل من الناس المسـتضعفين فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ما تقولون في هذا ؟ قالوا : يا رسول الله هذا حري به إن دخل ألا يؤبه له ولا يكترث به أحد وإن قال أن لا يسمع أحد إلـى قوله وإن خطب ألا يُزوج . ثم مرّ رجل عليه شارة الوجاهة والزعامة ، فقال : ما تقولون بهذا ؟ فوصفوه بعكس تلك الأوصاف . قال لهم : ذاك الذي رأيتموه مهاناً وبلا قيمة خير من ملء الأرض من مثل هذا . إن المقياس في الإسلام مؤسس على الفضائل الذاتية الإنسانية وليس مؤسساً على المظاهر الجوفاء .

فلهذا بدأ المشركون يعارضون المسلمين بنماذج الزعامة الموجودة عندهم، عارض الله لهم ذلك بلونين : لون كشف عن الطبيعة البشرية بعامة وأنها طبيعة قائمة على الضعف وقائمة على النسيان والعصيان ، والله جل وعلا لا يطلب من خلقه المستحيل ولكن فارق ما بين الإنسان المؤمن وغير المؤمن أن المؤمن خطّاء توّاب ، وأن غير المؤمن مصرّ لا يعرف التوبة . فالله جل وعلا ذكر الذين أحسنوا بهذا الوصف قال عنهم أنهم يجتبنون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم . ولقد دار خلاف طويل بين تراجمة القرآن حول كبائر الإثم والفواحش وحول اللمم ، ومن رأي بعض العلماء أن كبائر الإثم والفواحش هي الشرك فقط وأن ما سواها فليس من الكبائر ، ودار خلاف أيضاً لا حاجة إلى معرفته حول اللمم وحول موضع ( إلا ) هذا الاستثناء ، هل هو استثناء منقطع أم استثناء جاء على بابه ، لا حاجة لكم بهذا كله ، ولكن أُريد أن لا أذهب مع الذاهبين في الخلافات وأُحدد على ضوء معطيات اللغة فقط .

       فحين نقول إن الشرك فقط هو كبائر الإثم والفواحش يجب أن لا يغيب عن بالنا أن الشرك مفرد ، وأن كبائر الإثم والفواحش متعددات لأنها جاءت بصيغة الجمع ، فليس صحيحاً أن نقول إن الكبائر هي الشرك فقط . وحين نعرف معنى اللمم ما هو تنحل المشكلة ، فمن العلماء من قال إن اللمم هي صغار الذنوب مما تكفره الصلاة والصيام والصدقة ، وهي التي لم يأتِ عليها وعيد ولا تهديد ، وبعض العلماء قالوا بخلاف ذلك . وقواعد اللغة تحل المشكلة ، فما معنى اللمم في لغة العرب ؟ والقرآن على قانون العرب في كلامهم ، العرب تقول : ألمّ فلان بالمكان إذا زاره زيارة قصيرة ، إذا قام فيه فترة قصيرة ثم ارتحل عنه ، هذا  الملم هو الذي ألمّ بالمكان ، ولكن حينما يطيل الإنسان إقامته في المكان لا تقول العرب ألمّ فلان في هذا المكان ، ولكن تقول أقام فيه وتوّطن فيه واستقر فيه ، فالله حين يصف الذين أحسنوا بأنهم الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم يشير إلى هذه الظاهرة أو الحقيقة التي تكلمنا عنها وهي أن الإنسان قد يقع ويكبو ويخطئ ، هذا طبيعي ، ولكن الشيء غير الطبيعي بالنسبة للمؤمن أن يقيم على المعصية . إن الإقامة على المعصية تُخرج الإنسان من إيمانه الصحيح ، لكن المؤمن قد يسرق ، قد يزني وقد يقتل وقد يشرب الخمر ويتوب ، فإذا فعل الفاحشة التي هي كبيرة ثم أقلع عنها ولم يصرّ عليها فهو ممن استثنى الله جل وعلا بهذه الآية .

إن ثمة أموراً صغيرة لعلكم تستغربون هذا الكلام لكن اسمعوا ، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أصبت من امرأة ما دون الزنا . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يهمّ بدخول المسجد لأداء الصلاة ، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، لم يعقب على كلامه ، والرجل يلحّ والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت ودخل في الصلاة وصلى الرجل خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد أخذت الرجل مواجيد المعصية فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ بردائه وقال : يا نبي الله إني أصبت من امرأة ما دون الزنا ، كل شيء فعلته معها إلا الزنا . التفت النبي صلى الله عليه وسلم وقال له : أليس صليت معنا آنفاً ؟ قال : نعم يا رسول الله ، فقال صلى الله عليه وسلم : فهذه بتلك إن الحسنات يذهبن السيئات . فهذا لم يفعل الكبيرة ، ولو فعل الكبيرة لأقام النبي صلـى الله عليه وسلم عليه الحد ، ولكن الإنسان قد يفعل الكبيرة التي توجب عقوبة وحداً ، فيستر الله عليه ولا يفضحه بين الناس ، هل يعني ذلك أن هذا الرجل أُغلقت في وجهه جميع الأبواب ، لا ، إن المهم أن يراجع الإنسان الخاطئ نفسه وأن يراجع ربه وأن يتوب من ذنبه فيكون من هؤلاء الذين ألمّوا بالمعصية إلماماً ولم يُقيموا عليها الإقامة التي تنفي عنهم هذا الإيمان .

هذه هي القضية التي عرضها الإسلام بعد أن مهّد لها بالكشف عن الطبيعة البشرية وهي قضية بالغة الأهمية ، نحن نتصور أن الإنسان المسلم معصوم من المعاصي ، لا يمكن أن يخطئ أو يزل ، لا سيما إذا رأيناه مصلياً ، وإذا ذهب وحجّ بيت الله الحرام فنحن نتصوره أنه سيعود إلينا كحمام مكة ، إن هذه التصورات الباطلة لا أساس لها ولا قيمة لها ولا وزن ، إن الإنسان يصلي ويصوم ويحج وهو في معرض المعصية ، بل هو في معرض أن يشرك بالله جل وعلا ، إن رسـول الله صلى الله عليه وسـلم كان كثيراً ما يدعو ( يا مقلب القلوب ثبّت قلبي على دينك ) فقالت له عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها يوماً : يا رسول الله ما أكثر ما تدعو بهذا الدعاء ؟ قال لها : يا عائشة إن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشـاء ، إن أراد أن يقيمها أقامها ، وإن أراد أن يزيغها أزاغها .

أين تتركز أهمية هذه القضية ؟ إن وضعنا اليوم شبيه من وجوه كثيرة بالوضع الذي قابله محمد صلى الله عليه وسلم ، أيما إنسان دعا إلى الله وتحدث إلى الناس بذلك لم يتعرض إلى هذا النغم المكرور الممل ، حينما تقول لإنسان تارك للصلاة بعيد عن الله  صلِ يا أخانا ، يقول : ما نفعت الصلاة فلاناً ، نحن نعرف أن فلاناً يصلي الصلوات الخمس ولكننا نعرف أنه يغش في المكيال والميزان ، ونعرف فلاناً يصلي كذلك ولكن نعرفه كذلك إذا خلا بمحارم الله جل وعلا كان ذئباً شرساً ، نحن نرى فلاناً يصلي ولكن يتعامل بالربا ، نعرف فلاناً يصلي ويصوم رمضان فإذا سمع بقدوم العيد وضع الطاس والكأس وعاد إلى الموبقات ، كل هذه الأشياء نعرفها . نقول له يا فلان أنت ملكت النصاب فحج إلى بيت الله فإن محمداً يقول : من ملك زاداً وراحلة تبلغه بيت الله الحرام ثم لم يحج فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً . يقول لك : تفضّل انظر إلى الحجاج هذا حاج وهذا حاج ... وهذا من صفته كذا وكذا ، وكل الذي يقوله الناس صحيح في الغالب ، لكن وجه الخطأ أين ؟ وجه الخطأ أننا لا نملك أن نتصور الإنسان أخذ العصمة بمجرد أن قال لا إله إلا الله ، إن عصراً لو كان له أن يُعصم من هذه الظاهرة البشرية لكان عصر النبي صلى الله عليه وسلم أحق العصور بهذا ، في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبين المؤمنين بالذات من زنى ومن شرب الخمر ومن أتى بعض الموبقات ، ولو كان العصر مبرأ من هذه لكان أحق العصور عصر محمد صلى الله عليه وسلم ، ولكن ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم ) وإذا كان بعض الناس الذين دخلوا في الإسلام يتحسسون من بعض الأشياء فـي ماضيهم فليعلموا أن الإسلام يجبّ ما قبله ، والنبي صلى الله عليه وسلم حينما جاءه عمرو بن العاص رضي الله عنه لكي يسلم قال يا رسول الله : إني أشترط لنفسي قبل أن أُسلم . قال : ماذا تشترط يا عمرو ؟ قال : أن يُغفر ما سبق من ذنوبي . فقال له النبي صلى الله عليه وسـلم  : يا عمرو ألم تعلم أن الإسلام يجبّ ما قبله . كثير من الناس لهم ماضٍ ولكن هذا الماضي لا ينبغي أن يحول دون نفضي هذا الغبار كله ، والدخول فـي ساحة نظيفة ضمن تصورات نظيفة وضمن حياة شريفة .

نحن كلنا عانينا من هذه الأمور ، وكلنا واجهنا هذه النتائج ، إننا في السياق الدعوة إلى الله نواجَه هذه الحقائق المرّة ، وللأسف أنه من خدع الشيطان أنك حينما تدعو الناس إلى الإسلام يوحد الناس بين الإسلام وبين المسلمين توحيداً مطلقاً ، الصورة التي يخرج بها الإنسان عن الإسلام صورة هذا العاصي أو الزاني أو شارب الخمر أو ما أشبه ذلك ، هذا خطأ مبين وضلال عريض لا ينبغي أن يكون ، ومع ذلك فإن واجبنا أن نصبر عليه ، وإن واجبنا أن نوطن أنفسنا على قبول مثل هذه النماذج بصدر رحب ، كيف ؟ قبول ذلك ليس إضفاء صفة المشروعية عليها ولكن اعتبارها أمراً إنسانياً طبيعياً ، من الطبيعي أن يخطئ الإنسان ، وكل ما نريد من الإنسان إذا زلّت قدمه أن ينوب إلى الله تعالى ، فإن باب التوبة مفتوح بشكل واسع .

هذه القضية التي واجهت الرسول صلى الله عليه وسلم عرضها القرآن بالشكل الذي شرحناه لكم ( ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى . الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة ، هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ) لا يقل أحد منكم أنا خير من فلان . ثم جاءت الآيات تعرض شيئاً آخر نريد أن نمرّ عليه .

يقول الله تعالى مخاطباً الرسول صلى الله عليه وسلم ( أفرأيت الذي تولى ، وأعطى قليلاً وأكدى ، أعنده علم الغيب فهو يرى ، أم لم ينبأ بما في صحف موسى ، وإبراهيم الذي وفى ، أن لن تزر وازرة وزر أخرى ، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ، وأن سعيه سوف يُرى ، ثم يُجزاه الجزاء الأوفى ، وأن إلى ربك المنتهى ) أول هذا المقطع تحدثنا عنه من قبل ، ولكن الكلام عن قوله تعالى ( أم لم يُنبأ بما في صحف موسى ، وإبراهيم الذي وفى ، أن لا تزر وازرة وزر أخرى ، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ) يضع أمامنا أهم الفوارق الجوهرية بين الإسلام وغيره من الدعوات الأخرى . إن الإسلام في هذه الآيات القلائل يقرر المسؤولية الفردية على الإنسان ، ولكي نعرف خطأ المجتمع البشري ولا سيما المعاصر لا بد أن نلفت النظر إلى أن جدالاً طويلاً ثار مع نشاط الدراسات الاجتماعية والنفسية والسياسية غي القرنين السابقين ، إن الخلاف دار طويلاً ومازال على أنه إذا أخطأ الإنسان فمن هو المسؤول ؟ هل المسؤول هو الإنسان بالذات أم المسؤول هو المجتمع الذي لم يهيئ سبيل الاستقامة ؟ هذا السؤال عرض للفلاسفة والمفكرين ، فمن آخذ أقصى اليمين ومن آخذ أقصى الشمال ، ولعل عصرنا الذي نحن فيه يرى أن المجتمع مسؤول عن زلل الأفراد ، يعني حينما يسرق السارق فعلى المجتمع أن يتحمل مسؤولية السرقة ، لماذا ؟ لأنه لم يوفّر القوت لهذا الإنسان كي لا يسرق ، حينما يزني الزاني فعلى المجتمع أن يتحمل المسؤولية لأنه بأعراف الضيقة وبتصوراته الفاسدة جعل التصريف الجنسي أمراً مليئاً بالمحظورات والمحرمات حتى أصبح الاعتداء على الأعراض شيئاً يجد الإنسان نفسه مضطراً لارتكابه اضطراراً يرفع المسؤولية عنه ، وهكذا قل في بقية الأخلاق .

أين انعكست هذه الأمور ؟ ارجع إلى القوانين السائدة في العالم ، وإلى القوانين السائدة عندنا نحن معاشر المسلمين ، نحن نعلن بطبيعة الحال أن السارق الذي يسرق لحاجة لا تُقطع يده ، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما جيء بغلمان لحاطب بن أبي بلتعة الصحابي رضي الله عنه سرقوا ناقة لرجل ، بعد أن أمر بأن تُقطع أيديهم عاد فسألهم : ما الذي دفعكم إلى السرقة ؟ قالوا : يا أمير المؤمنين إن حاطب يتعبنا ويجيعنا ، أي لا يطعمنا كما ينبغي . فاستدعى عمر حاطباً وقال له : والله لقد هممت أن أقطع يدك أنت ، ثم أمر بأن يغرم لصاحب الناقة ناقته ، وخلى عن الغلمان . وعمر هو نفسه رضي الله عنه في عام الرمادة حينما جاع الناس وأقحطوا عطّل حد السرقة .

نحن في الإسلام حينما تكون هناك مبررات حقيقية وواقعية نشعر بأن المجتمع مسؤول عنها وأن النظام السياسي مسؤول عنها نركّز المسؤولية على النظام وعلى المجتمع ونعفي صاحب الخطيئة من نتائج خطأه . ولكن في الأحوال العادية هل يجوز أن نقول ذلك ؟ لا ، فهذا غير جائز بتاتاً . قد يكون مفهوماً أن  نعفو عن السارق فلا نقطع يده ، لأنه سرق لحاجة . ولكن أية حاجة تدعو الإنسان المستقيم لأن يشرب الخمر ؟ أية حاجة لأن يتعامل بالربا ؟ أية حاجة تدفع الإنسان إلى الزنا ؟ لا حاجة على الإطلاق ، ولا شيء يتحمله المجتمع من هذه الأمور .

فإذا رجعنا إلى قوانيننا السـائدة اليوم ونظرنا إلى انعكاسات التفكير المعوج الذي سرى إلينا بعدوى الأفكار الأجنبية نجد أن قوانيننا لا تعاقب السارق ما لم تكن السرقة ظاهرة جلية أو مصحوبة باستعمال العنف والإكراه ، هذا واحد . وإذا نظرنا إلى قوانيننا فنحن نجد أنك إذا أمسكت بزوجتك متلبسة بالزنا مع رجل في فراش الزوجية في فراشك أنت فليس لك أن تقاضيها إذا كان الفعل ناتجاً عن تراضٍ بين الزوجة وبين هــذا الذي زنت به ، وإذا أمسـكت بابنتك وقد بلغت الثامنة عشرة وهـي تزني فإن فعلها لا يسمّى في القوانين جريمة وإنما يسمّى قباحة ، يعني أقل من جنحة ، وإن عقوبة هـذا الفعل ليس أكثر من عشـر ليرات سورية يقررها القاضي على البنت الزانية برضاها ، ولكن القانون يثور إذا كان الزنا ناتجاً عن إكراه .

هــذه القوانين المعوجة ، هـذه الحياة الفاسدة سـببها ماذا ؟ سـببها إلغاء المسـؤولية الفردية ، فـي الواقع الإنسـان مسؤول عن عمله ، ولا يجوز بتاتاً أن نسـحب نتائج العمل عن أي إنسـان آخر ... لأننا لو سـحبنا نتائج العمل عن الإنسان لحدثت الجرائم والفواحش بكثرة هائلة ، ولما شعر أحد بأمن وسلام .

*.....................*

إلى هذه الفقرة انقطع الشريط .