رحلة إلى قرية الفواكه.. الجزء 2

خديجة وليد قاسم

( إكليل الغار )

ملخص الجزء السابق : يذهب الأطفال في رحلة إلى قرية الفواكه ، و هناك يقابلون شجرة التفاح ويستمعون منها عن فوائدها ، ثم يذهبون لزيارة شجرة الموز التي تعرفهم على الكثير من فوائدها ومزاياها ، لتكون محطتهم التالية شجرة البرتقال ..

انطلق الأطفال يتراكضون بسرور ، حتى وصلوا إلى شجرة البرتقال التي عبقت رائحتها الجميلة ، تعطر المكان بشذاها الفواح .. استقبلتهم ضاحكة مبتهجة بهم ، وطلبت منهم الجلوس لتناول الموز الذي أهدتهم إياه شجرة الموز الطيبة ،بينما تحكي لهم حكايتها وتخبرهم عن قصتها .

جلس الأطفال بهدوء و قبل أن تبدأ حديثها سألها أحد الأطفال : من أول من عرفك من البشر ؟

تبسمت شجرة البرتقال وقالت له : سؤال جميل من طفل جميل ، ثم تابعت : الصينيون هم من زرع أشجاري قبل آلاف السنين حيث اعتبروني رمزا للصحة و السعادة ، بعد ذلك نقلوني لجميع بلاد العالم ليستفيد الناس من فوائدي المتعددة .

انبرى طفل آخر وقال : وما هي فوائدك المتعددة ؟

رمقته شجرة البرتقال بنظرة ود وقالت : أُعتبر من أغنى مصادر فيتامين (ج) لذلك أعتبر أهم أغذية الوقاية من البرد و أمراض الشتاء، كما أوفر حماية طبيعية ضد مرض الإسقربوط الذي ينشأ بسبب نقص فيتامين (ج) من الجسم و الذي يؤدي إلى إضعاف الجسم و يضر بالعظام و الأسنان ، و يؤدي إلى ضعف الشهية و ضعف مناعة الجسم بوجه عام .

و لو تناول أحدكم برتقالة واحدة يوميا يكون قد أخذ حاجته الضرورية من هذا الفيتامين الهام ، كذلك فنحن معشر البرتقال نمنح الاحتياجات من بعض المعادن الهامة كالحديد والكالسيوم و الصوديوم والبوتاسيوم .

وهناك مادة موجودة مهمة موجودة فينا تسمى ( فلافونيد ) و هي التي تعطينا اللون والطعم المميز ، هذه المادة تساعد على محاربة السرطان ، بفضل مكوناتها المضادة للأكسدة .

سكتت شجرة البرتقال لحظة ثم سألت الأطفال : من منكم يحب شرب عصيري ؟؟ كلهم قالوا وبصوت واحد ، نحب عصيرك أيتها الشجرة الطيبة ، و لكن ما هي فوائد عصيرك ؟

حسنا سأخبركم أيها الأصدقاء الرائعون ، أجابت شجرة البرتقال .

عصيري من أهم الأغذية التي تحتوي على الكاربوهيدرات التي تمنح الجسم الطاقة والنشاط دون اكتساب الكثير من السعرات الحرارية ،لذلك أوصف لمن يعانون من إرهاق الجهاز الهضمي أو السمنة .

سألها أحد الأطفال : هل أنت من يطلقون عليك قاهرة العطش ؟ هزت الشجرة رأسها نافية وقالت : كلا يا صديقي ، قاهر العطش هو لقب يطلق على صديقي البطيخ ، بإمكانكم الذهاب إليه الآن ليحدثكم عن نفسه ، و لكن قبل ذلك لا تنسوا أن تقطفوا حبات شهية من برتقالي اللذيذ ..

شكرا لك أيتها الشجرة الرائعة .. هكذا قال لها الأطفال قبل أن يودعوها ليذهبوا بعدها للقاء قاهر العطش البطيخ .

وصل الأطفال إلى البطيخ فوجدوه يغني ويقول :

إذا طل البطيخ بطل الطبيخ ... إذا طل البطيخ بطل الطبيخ ....

أعجب الأطفال بالأغنية فاخذوا يرددونها مع البطيخ الذي انتبه إليهم فضحك لهم ورحب بهم وحياهم بكل سرور قائلا :

أهلا بالأطفال الرائعين .. أجابوه بود : أهلا بك يا صديقنا ، قال له أحدهم : ما هذه الأغنية الجميلة التي كنت ترددها بصوتك العذب ؟

أجابه قائلاهذا مثل شعبي يردده الناس ، و يدل على المكانة الهامة التي أحتلها بسبب احتوائي على العديد من العناصر الغذائية التي تكفي حاجة الإنسان اليومية من الماء و الفيتامينات و المعادن لذلك فانا أغني عن عشرات الأصناف من الخضروات و اللحوم لاحتوائي على البروتين والكالسيوم والعديد من الفيتامينات مثل (أ) و (ج).

تعلمون يا أطفالي أنني من ألذ الفواكه الصيفية لما أتمتع به من مذاق حلو ولكثرة محتواي من الماء الذي يعطي شعورا بالانتعاش ، كما أنني أساعد على التخلص من الإحساس بالتعب و الإرهاق في الطقس الحار ، و أسهم في تعويض السوائل المفقودة في الجسم و لي دور مهم في تنقية الدم .

إضافة إلى ذلك ، أمتلك فاعلية كبرى في محاربة الأورام السرطانية لاحتوائي على مادة تسمى ( لايكوبين ) و التي تعمل على محاربة نشاط الجزيئات الضارة في الجسم التي تحفز ظهور المرض ، كما أنني أحتوي على نسبة مرتفعة من الحديد المقوي للدم و الفوسفور والبوتاسيوم الذي يعد من المعادن الهامة التي تسهم في المحافظة على كفاءة عمل القلب والأوعية الدموية ، أعتبر كذلك يا أعزائي دواء فعالا للإمساك لاحتوائي على كمية كبيرة من الألياف والماء ، كما أنني من أكثر الفواكه الخالية من الدهون لذلك أعتبر غذاء ممتازا في أنظمة الحمية الغذائية .

سر الأطفال بهذه المعلومات المفيدة ، ولكن بدت عليهم بعض ملامح الحزن لأن رحلتهم أوشكت على الانتهاء ، فلم يعد هناك مجال غير أن يزوروا محطة واحدة فقط ، أخذوا يتناقشون بينهم حول المحطة الأخيرة ، إلى أين يذهبون ، و من سيزورون ، اختلفت أراؤهم و تشعبت فطلبوا المشورة والنصح من صديقهم البطيخ ليدلهم إلى أين يذهبوا ، و الذي بدوره نصحهم قائلا : اذهبوا إلى الورد الأحمر بطعم السكر .

أهذا لغز يا صديقنا ؟ ما هذا الورد الأحمر بطعم السكر ؟

أشار البطيخ إلى نبتة جميلة أنيقة رائعة تقبع في زاوية منظمة و مرتبة من زوايا القرية الجميلة ، فإذا بها نبتة الفراولة اللذيذة .

سر الأطفال و اندفعوا يتراكضون و هم يلوحون بأيديهم إلى البطيخ مودعين ، إلى أن وصلوا إلى النبتة فأخذوا يتأملونها بانبهار و إعجاب شديدين ، فمنهم من قال : يا لجمالها ! و أخرون قالوا : يا لفخامتها ! و بعضهم قال : إنها بالغة الأناقة وشكلها مميز جدا .

خجلت الفراولة من عبارات الإطراء التي سمعتها من الأطفال ، فحيتهم بابتسامة رقيقة و بدأت تحدثهم عن نفسها و هي تحثهم على تناول حبات لذيذة منها .

قالت الفراولة :أحتوي العديد من الفيتامينات المغذية الهامة لنمو الجسم مثل (ب) (ج) (ك) إضافة إلى الكالسيوم و الحديد والماء الذي يشكل 90% تقريبا من تكويني .

من خواصي المهمة أنني قاتلة للجراثيم لذلك أعتبر منظفة ممتازة للدم و مطهرة للجهاز الهضمي ، كما أعد مسكنة هائلة للآلام ومهدئة للأعصاب .

تقدم منها أحد الأطفال و قال لها : أنا أحب عصيرك كثيرا .

نظرت إليه بحنان وقالت : عصيري يا صغيري يساعد على تنشيط الجسم المتكاسل ويزيل اللون الشاحب عن الوجه و يساعد على التخلص من البثور وحب الشباب و التهابات العين و الحلق و اللوزتين .

أخذ الأطفال يهتفون لها بفرح وحب وهم يقولون : فلتحيا شجرة الفراولة الجميلة ، نحبك يا شجرتنا العزيزة .

قالت لهم : و أنا أحبكم كذلك ، و أسعد عندما يتناولني الأطفال ، لكن لدي نصيحة أحب أن أقدمها لكم ، قبل البدء بتناولي أرجو أن تقوموا بغسلي جيدا بالماء الحار للتخلص من الأوساخ والجراثيم التي تنتج عن الحشرات التي تفضل وضع الكثير من بيضها على ثماري بالذات .

كما أنصح من لم يتناولني من قبل ، بتناول كمية قليلة مني لا تتعدى 3 حبات يمكن زيادتها مع الوقت ، لأن بعض الناس تظهر لديهم حساسية عند تناول ثماري ، وتظهر لهم أمراض غريبة كالحكة الجلدية و الاحمرار .

ما إن أنهت كلماتها حتى سمع الأطفال صوت معلمتهم تناديهم معلنة انتهاء رحلتهم طالبة منهم التوجه إلى الحافلة لينطلقوا في رحلة العودة إلى بيوتهم .

حزن الأطفال على فراق القرية الجميلة حيث كانوا يرغبون في البقاء أكثر و التعرف على المزيد من الفواكه المفيدة ، لكنهم أيضا كانوا يشعرون بالسعادة لأنهم تعرفوا على فواكه رائعة و مفيدة ، قدمت لهم المعلومات و الثمار اللذيذة ... و دعوا القرية و انطلقوا عائدين .

و في طريق عودتهم كانوا يتذكرون المعلومات المهمة التي سمعوها و قرروا أن يكتبوها و يعدوا منها مجلة حائط ليطلع عليها باقي الزملاء ، و يستفيدوا منها .

عاد الأطفال إلى بيوتهم و السعادة تغمرهم ، كذلك عادت ريم و هي متلهفة لرؤية والديها لتخبرهم عن رحلتها الجميلة المفيدة .. ما إن دلفت إلى البيت حتى بدأت تسرد لهما المعلومات المفيدة التي تعلمتها ، تحدثت كثيرا لكنها في النهاية أغمضت جفنيها دون وعي منها فقد كانت متعبة من كثرة الحركة واللعب في قرية الفواكه ..نامت على الأريكة التي كانت تجلس عليها ، فحملها والدها بحب و حنان ، ووضعها في سريرها مودعا إياها بقبلة لطيفة ناعمة ، متمنيا لها أحلاما سعيدة .

المادة العلمية مأخوذة من دائرة معارف ماجد