مصيبة الأتباع في الجزائر

تعتبر زيارة رؤساء الدول وطريقة الاستقبال وتضارب أبناء البلد الواحد حولها من بين المؤشّرات لفهم حاضر ومستقبل المجتمعات والدول. وقد شهد صاحب الأسطر زيارة عدد كبير من العظماء وكبار الساسة وأهل العلم للجزائر مذ كان طفلا يلهو ويعبث ولم يقرأ ولم يسمع اختلافا حول الزيارة مثل الذي يراه ويسمعه اليوم حول زيارة رؤساء فرنسا وحكام تركيا وسلاطين السعودية ورؤساء إيران للجزائر ما دفع صاحب الأسطر للوقوف على الملاحظات التالية:

1.      من الأخطاء البيّنة أن يدعو الجزائري إخوانه الجزائريين للخروج بقوّة قصد استقبال رؤساء فرنسا أو حكام تركيا أو سلاطين السعودية أو رؤساء إيران.

2.      من الأخطاء البيّنة أن يدعو الجزائري إخوانه الجزائريين لمقاطعة بقوّة زيارة رؤساء فرنسا أو حكام تركيا أو سلاطين السعودية أو رؤساء إيران.

3.      يظلّ الاحترام الكامل للفرنسيين و الأتراك والإيرانيين وإخواننا السعوديين مادام كلّ منهم يحترم الجزائر و الجزائري.

4.      رؤساء و ملوك الدول الذين ينزلون بالجزائر هم ضيوف الجزائر لهم من الضيافة وحسن الاستقبال ما يليق بالضيف.

5.      كلّ ضيوف الجزائر متساوون في الضيافة والاستقبال ولا يمكن تفضيل أحدهم على الآخر، و احترام الجزائر هو الذي يميّز ويحدّد.

6.      أصبح واضحا الآن الوقوف مطوّلا عند مفهوم الأتباع لمعرفة العلاقات الدولية وحاضر ومستقبل الدول، وبما أنّنا لم ندرس مؤشّر الأتباع في العلوم السياسية أتمنى أن تدرج للطلبة والأساتذة لفهم سيرورة الدول والمجتمعات.

7.      ما ألمني حقّا أن أقرأ وباستمرار جزائري يفتخر بتبعيته لفرنسا، ويفتخر الثّاني بتبعيته لتركيا، ويفتخر الثالث بتبعيته لإيران، ويفتخر الرابع بتبعيته للسعودية، ويتبادلون التّهم فيما بينهم وكلّ يعيب على الآخر التبعية وهو يمارسها بإتقان.

8.      أقرأ للبعض وهو يقول: لو خيّرت لاخترت أردوغان على ماكرون، ويرد الثاني: لو خيّرت لاخترت رؤساء إيران على سلاطين السعودية، ويرد الثالث: لو خيّرت لاخترت فرنسا على تركيا، ويجيب الرّابع: لو خيّرت لاخترت سلاطين السّعودية على رؤساء إيران. و كأنّ الجزائري لا خيار له إلاّ أن يكون تابعا لهذا أو ذاك.

9.      العلاقات الدولية مبنية على المصالح المشتركة وسعي المعنيين للحفاظ عليها ودوامها مادامت تخدمهم، ومبنية أيضا على التعاون والتنافس والتكامل، وما ينقص الجزائر تكمله تركيا وفرنسا والسعودية وإيران بما يملكون ويستطيعون، وما ينقص هذه الدول وتحتاج إليه تقدّمه الجزائر بما تملك وتستطيع.

10.  قرأت وسمعت لبعض الجزائريين وهم يرددون: "وضوء أردوغان أفضل من خمر ماكرون"، و "نسب رؤساء إيران أفضل من مال سلاطين السّعودية"، و "شباب ماكرون أفضل من شيوخ الجزائر والعرب"، و "مقدسات السعودية أفضل من رؤساء إيران". لن نكون تبعا لأحد ولو توضأ وصلى وصام وحج وكان صاحب النسب ويجلس فوق المقدّسات ويملك قوة صناعية عظيمة رهيبة، وأظلّ أتعامل معهم على أنّهم ضيوف يزورون الجزائر لوقت معلوم ولهم علينا حقّ الضيافة ولا أفضّل أحدا على أحد فهم كغيرهم من القادة الغربيين والأعاجم والعرب.  

11.  سبق للجزائر أن استضافت عظماء من مختلف الدول والمجتمعات ولم يفتخر جزائري بتبعيته لهم وكانت يومها الجزائر ضعيفة بحاجة للعون والمساعدة، فكيف بالجزائري الآن يفتخر بتبعيته وهو الذي كان مثالا للحرية.

وسوم: العدد 762