هل باتَتْ الهيئةُ على استعداد للقبول بسوتشي؟

إنّ جملة المواقف التي ولّدها اتفاق سوتشي، سواءٌ منها المحلية، أو الإقليمية، أو الدولية، هذا فضلاً على جملة الرسائل التي بعثَتْ بها تركيا إلى الفصائل المسلحة في إدلب، من خلال سلسلة الاجتماعات التي عقدت معها في الداخل التركي، و كان آخرها يوم الثلاثاء الماضي: 25/ 9 الجاري، بأنّ اتفاق سوتشي سيمضي في طريقه، على الرغم من العوائق التي قد تعترض طريقه.

جعل تلك الفصائل تبادر إلى إصدار بيانات التأييد له، بوصفه الفرصة الأخيرة، التي حمَتْ أرواح ملايين المدنيين في إدلب، و لا ينبغي تضييعها، على حدّ تعبير وزير الخارجية ، مولود جاويش أوغلو.

هذا فضلاً على استعدادها للسير مع وحدات الجيش التركي، المتمركزة في إدلب، لتنفيذ بنوده على الصعيد الميداني، بدءًا من سحب سلاحها الثقيل من المنطقة المنزوعة السلاح، و انتهاء بالانخراط في مضامينه السياسية، لا بلْ وضع عناصرها و إمكاناتها تحت الإرادة التركية، في حال قررتْ الذهاب إلى عمل عسكريّ ينحّي الفصائل، التي لم تستوعب الرسالة، و حملتها على غير محمل الجدّ.

و بقيتْ الأنظارُ متجهةً إلى الفصائل الجهادية، و في مقدمتها " هيئة تحرير الشام "، فبادر عددٌ منها إلى إعلان موقفه السلبيّ منه، كجبهة حرّاس الدين، بزعامة حمزة بن لادن و المجموعة الأردنية، و جبهة أنصار الدين، بزعامة أبي عبد الله الشامي " عبد الرحيم عطون "، و الحزب التركستاني.

في الوقت الذي أعلنت الهيئة أنّها بصدد دراسته، و أنّ إعلان عن موقفها يحتاج إلى بعض الوقت، حسبما صرّح متحدِّثها عماد الدين مجاهد، و قد مضى ما يقرب من أسبوع على هذا التصريح، و أخذ الوقت يحاصرها، و توالتْ الرسائلُ من الراعي التركي إليها، بضرورة حسم موقفها، و عدم التلاعب بسيف الوقت.

واضحٌ أنّ صراع الأجنحة فيها لم يعُد خافيًا، فهناك تسريبات تفيد بأنّ الشيخ أبا محمد الجولاني، أصبح أميلَ إلى السير فيه، و لكن مع رفع سقف المطالب، التي تحفظ له شيئًا من المكاسب الميدانية، التي تحصّلْت للهيئة في الأشهر الأخيرة، و جعلتها تنفرد في الهيمنة على أماكن مهمة، و تحرص على عدم التفريط بها، في حين أن جناح المهاجرين، بزعامة أبي الفتح الفرغلي، و أبي اليقظان المصري، يبدي رفضه الاتفاق، و يرى فيه خيانة للجهاد الشامي، و هدمًا لمشروع الإمارة القائم في إدلب.

و يبدو أنّ الكفة آخذة بالميل إلى الشيخ الجولاني، ولاسيما بعد الرسائل القادمة من تركيا، التي صيغت بلغة واضحة هذه المرة، و هي تنذر بعواقب وخيمة مع مَنْ يفكر في ليّ الذراع التركية بعد الآن.

و يضاف إلى ذلك أيضًا:

ـ المظاهرات المليونية التي باتت تشهدها إدلب، و ظهر فيها حجم التحدّي للجماعات الجهادية، لدرجة أنّها حُذِّرتْ من رفع رايتها فيها، تحت طائلة المساءلة، هي أو حزب التحرير.

ـ إبلاغ الجبهة الوطنية بنية تركيا التحرك بعمل سريع و موضعي، بحق الفصائل الرافضة سوتشي.

ـ انفضاض جيش العزة عنها، و هو يمثل ركيزة مهمة من ركائزها، في ريف حماة الشمالي؛ بموافقته عليه، تحت ضغط أبناء المنطقة، الذين رحبوا بالاتفاق، كخطوة في التخفيف من معاناتهم.

ـ شروع تركيا بسحب ورقة المعابر من يدها، حيث أخذت بتجهيز معبر في منطقة جنديرس، قرب قرية " حمام " للأغراض التجارية، مع الإبقاء على معبر " باب الهوى " للأغراض الإنسانية؛ الأمر الذي يعني خسارتها ما يقرب من " ثلاثة ملايين " دولار شهريًا، و سيلحق به معبر مورك في آخر هذا العام، حين افتتاح طريقي " حلب ـ حماة " و " حلب ـ اللاذقية " الدوليين، اللذين سيكونان تحت الرقابة التركية، و ستستعين في ذلك بالجبهة الوطنية.

ـ التململ من حكومة الإنقاذ، المنضوية تحت جناحها، بتحميلها مآلات الأمور الضاغطة في إدلب؛ على الرغم من استبدال رئيسها برئيس آخر، هو " فواز الحسن " من منطقة عندان، و هناك مطالبات جادة بحلّها، و حلّ الأخرى المؤقتة، و تشكيل حكومة بديلة عنهما.

كلّ ذلك جعلها ترسل رسائل إيجابية من هذا الاتفاق، و لكن من غير أن تحرج نفسها أمام عناصرها، بإصدار بيان صريح في ذلك؛ فصرح مصدر مقرّب منها، بأنّها باتَتْ على استعداد للقبول به، و التعامل مع مخرجاته.

وسوم: العدد 792