الصهيونية وهدم مراكز القوى

عبد المنعم إسماعيل

تسعى الصهيونية من خلال رؤية طويلة الأمد يتبعها رؤى محدّدة زمنيًا بمنهجية هدم مراكز القوى في الأمة الإسلامية.

وتتبعت آلية ماكرة متدثّرة بأهواء وأطياف البنية المجتمعية للأمة حين صنعت الأزمة ودعمت طاغوتها ثم انصرفت تزعم حراسة حقوق المستضعفين من أجل هدم فكرة النواة الصلبة للأمة الإسلامية ومكوناتها على ممر التاريخ.

الصهيونية والنص الشرعي

  أزمة بني صهيون هي أزمة بينهم وبين الدين وطبيعة النص الشرعي (قرآن كريم أو سنة نبوية صحيحة).

   إن عداء بني صهيون للأمة فرع عن عدائهم للدين الإسلامي كدين خاتم لرسالات السماء الى الأرض.

   ومن ثم كان سعيهم لقتل الأنبياء وما كيدهم حين وضعوا السم للرسول محمد صلى الله عليه وسلم عنا ببعيد.

   الصهيونية والتأسيس لفكرة السبئية الخمينية والسعي لبناء مسجد ضرار عن طريق عملاء سقطوا في تيه النفاق.

   الصهيونية ومحاولات التشغيب على التاريخ الإسلامي والخلافة الاسلامية من خلال حملات التشويه للأمويين والعباسيين والسلاجقة والمماليك والعثمانيين  والسعي لتكوين ممالك في جسد الخلافة العثمانية فجعلوا من الدولة المركزية وسيلة إضعاف لبني عثمان ومن ثم كان ما كان من دويلات متنازعة و إمارات متشابكة وفي هذا المحضن كانت إسرائيل تلك الشجرة الخبيثة التي نشأت في بيئة متهيئة ومصنوعة لتحقيق مشروع بني صهيون (اسرائيل الكبرى) ولذلك جعلوا من الأنظمة العربية القائمة أدوات في أيديهم (حال سلمهم وحال حربهم) الا قليلا ممن أدركوا حجم المحنة فكان سعي بني صهيون للخلاص منهم على عجل أمر لا رجعة عنه.

الصهيونية والواقع

   الواقع يقول: ضاعت الخلافة وأصبح هناك دولة يهودية قطرية قائمة في قلب فلسطين فهل انتهي مكر بني صهيون من خلال عملائهم في بلاد الشرق الأوسط؟!

   الجواب: لم يتنه مكرهم ولن تنته أحلامهم وطموحاتهم كذلك، فإسرائيل تمتد عبر الزمن وخاصة في ظل اتساع بيئة الصراع والتنازع داخل البلاد السنية وبخاصة دول الجوار (مصر والشام والعراق وبلاد الحرمين وتركيا وباكستان).

    الصهيونية فكرة قائمة على هدم الجهاز المناعي للأمة فهي من صنعت الثورة المجوسية الخمينية، وبمكرها تهدمت العراق عقب 2003في جريمة عابرة للقرون، واستدعت فكرة الدعشنة للحركات الجهادية في العراق والشام وعملت على تشويه الثورة السورية المباركة، حيث بذرت بذار الطائفية فيها. كي تتسرب العدوى للجنوب التركي ليسقط النظام التركي بين فكي كماشة، جاهلية النظام السوري من جهة وهمجية الصراع البيني من جهة أخرى، ومن ثم تتمدّد إسرائيل لتعيش نشوة الوجود بين فرقاء متهالكين.

هل رضيت الصهيونية بما حققته من أرباح؟

   لا شك بأن أطماع بني صهيون كبيرة فهم يستثمرون حالة الوهن التي تعيشها الأمة ليتدخلوا في كافة شؤوننا، طالما نعيش في أسر التبعية للآخر، والهزيمة النفسية والدوران في فلك ما يعرف بالنظام العالمي الجديد.

   ولذا عمدت إلى السعي بقوّة لهدم الدول المركزية حول فلسطين المحتلة، فأمر لبنان قد حسمه شيطان لبنان حسن نصر الله من خلال تبعيته لولاية الفقيه التي لا ترى جهادًا لبني يهود إلا في وجود (الحسن العسكري) العائد من السرداب ولن يعود إذا فلا قتال لبني يهود من قبل الصفوية الخمينية سواء في اليمن أم في العراق أم في الشام.

ومصر الكنانة تصارع البقاء في حلّ مشاكلها الاقتصادية حتى لا تعجز عن مواكبة الواقع، ومع ذلك يسعى بنو صهيون لتجريف عقول أبنائها عن طريق فرض العلمانية وصناعة البيئة القابلة للتغريب والحكم بغير ما أنزل الله ومن ثم هدم مراكز القوى في العقل المصري كما كتب قبل عقود جمال حمدان رحمه الله. ثم عمدت الصهيونية إلى كافة سبل المكر والكيد لبلاد الحرمين وتركيا في آن واحد وربما يجعلون صفرية المعادلة تبقي أحد الدولتين وهكذا تربح الصهيونية في كافة القضايا سواء كانت قضايا عادلة أو موظفة لاستنزاف إمكانيات الأمة والدول المركزية القائمة.

   الصهيونية والسعي لتدمير الوعي العربي عن طريق الإعلام والتعليم وهدم مراكز البحوث وتوظيف البحث العلمي لجعله خادما للتوجهات الدولية الأسيرة لبني صهيون.

    لسنا مع فكرة تضييع الحقوق للأفراد أو الدول وكذلك يجب أن نكون على التوازي من المكر الصهيوني المتربصبنا، فما أجمل إدراك مالات الأمور وبخاصة بعد الاضطلاع على مخططات بني صهيون الساعية لإقامة مستوطنة إسرائيل الكبرى عقب مقدمات التطبيع والمشاريع الاقتصادية والتي ظاهرها الرحمة وباطنها بني صهيون.

وسوم: العدد 799