تغريدات محمد الأحمد

‏ استعراضًا لحقائق مهمة تعين على فهم المشهد السوري عمومًا والدور الخليجي خصوصًا، وفي سلسلة التغريدات القادمة نتأمل بإذن الله تفاصيل اللعبة الحالية ونستشرف مصير المواجهة بين محور الشر وتركيا.

‏أمام هذه الحقائق، نستطيع أن نستعرض الوضع الحالي والدور الذي يمارسه محور الشر.

أولاً، بفهم الواقع على الأرض.

ثانيًا، بمعرفة أسباب التدافع التي جعلت الجميع يرتبك بمن فيهم أمريكا.

‏قبل الدخول إلى تفاصيل ما يجري حاليًا في سوريا وتوزيع القوى والنفوذ، وماذا تبقى من الفصائل المقاتلة، وما هو ولائها، وماذا تريد أمريكا، وماذا تريد تركيا، وماذا تريد السعودية والإمارات، ومآل هذه الترتيبات، قبل الدخول في تفاصيل كل ذلك لا بد من ذكر مجموعة من الحقائق:

‏أولاً: من الطبيعي أن يكون سوء الظن مقدمًا في النظرة لأي تدخل سعودي إماراتي، فكل النماذج المحيطة بنا على مدى عقود عن هذه التدخلات، تدل على أنها ضد الشعوب وضد القضايا العربية وضد الإسلام، سواءً في العراق، أو الشام، أو فلسطين، أو مصر، أو الجزائر، أو السودان.. إلى آخره.

‏ثانيًا: ليس سرًا أن السعودية والإمارات تعلن حاليًا بفخر وصوت مرتفع أن محاربة الإسلام السياسي أول أولوياتها، ومقدمة على التصدي لإيران وأي خطر آخر، وبما أنها تصنف تركيا بأنها تحكم بالإسلامي السياسي، وتوفر للنشطاء الإسلاميين مظلة للتحرك، فإنها خصم صريح في هذا السياق.

‏ثالثًا: منذ اندلاع الثورة السورية، لم تشارك الفصائل المدعومة من السعودية في أي قتال حقيقي ضد النظام، وحين حصلت الترتيبات الأخيرة في عدة مناطق، كانت هذه الفصائل تسلم كامل عتادها الذي دفعت لأجله السعودية مئات الملايين للنظام، وكان آخرها ترسانة السلاح الضخمة لجيش الإسلام في الغوطة.

‏رابعًا: في المقابل، شاركت هذه الفصائل بحماس في قتال الفصائل المخلصة في مواجهة النظام، واستخدمت آلتها الإعلامية والدينية في تبرير قتال هذه الفصائل بدعم الذباب الإلكتروني والإعلام السعودي الإماراتي، ويكاد يكون نشاط هذه الجماعات في حرب الفصائل الأخرى عشرة أضعاف نشاطها في حرب النظام.

‏خامسًا: لم تظهر مواجهة صريحة مع تركيا في سوريا بشكل صريح سابقًا -رغم أنها كانت موجودة- لسبب بسيط؛ وهو أن الجميع كان مشغولاً بحرب داعش، وكانت السعودية حريصة على إقناع أمريكا بإخلاصها في إنهاء داعش، فتفوقت هذه الأولوية على كل شيء إلى أن دمرت الموصل والرقة.

‏سادسًا: بعد تعاظم الدور التركي وتحوله إلى مشاركة عسكرية، انفضح الإعلام السعودي الإماراتي وذبابهم الإلكتروني، فأصبح الخطر التركي -بحساباتهم- أعظم من الإيراني، وصار التدخل التركي -بزعمهم- مظلة للإرهاب، وإيقافه هدف أهم من مواجهة النظام السوري، وتحجيمه أهم من تحجيم الدور الإيراني.

‏سابعًا: كل هذا التطبيع مع النظام السوري الذي أُعلن بعضه، والباقي في الطريق من قبل الإمارات والبحرين والسعودية ومصر، ليس إلا تنفيذًا لنفس الفكرة، وهي التفاهم مع النظام السوري، والسكوت عن نشاط إيران من أجل مواجهة النفوذ التركي.

‏ثامنًا: دلّت التسريبات الأخيرة على أن هذا الموقف منسجم مع الموقف الإسرائيلي، بل يتم بتنسيق مع المخابرات الإسرائيلية، وقد توصل الجميع إلى أن الخطر الإيراني بمقاييسهم خطر تكتيكي قابل للاحتواء، بينما الخطر التركي استراتيجي غير قابل للاحتواء، فإن كان ولا بد، لتكن إيران ولا تكن تركيا.

‏تاسعًا: هذا لا يعني أن محور الشر السعودي الإماراتي المصري لديه خطة واضحة لتحجيم الدور التركي، لأن المشهد متشابك ومعقد بسبب كثرة الأطراف المتورطة، وتعدد الفصائل، وتعدد ولاءاتها، وتقاطع وتناقض المصالح، وتغير مواقع النفوذ، بل حتى الأمريكان اندلع بينهم خلاف داخلي بسبب الأزمة السورية.

وسوم: العدد 806